الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الرد الإيراني!

 

 

عبد المولى المروري

 

 

 

العالم كله ينتظر الرد الإيراني، هناك من يجزم بوقوعه عاجلا أو آجلا، وهناك من يشكك في ذلك.. هناك من يتمناه ويحلم به، وهناك من يتهكم عليه، وهناك من يخشاه.. وإيران في كل هذا لها حساباتها الخاصة التي لا يعلمها إلا من هم في أضيق دائرة ممكنة، وفي انتظار ذلك، العالم كله واقف على رجل واحدة، في انتظار رد قد يأتي، وقد لا يأتي..

 

لماذا الكل يتساءل عن الرد الإيراني؟

لماذا تأخر هذا الرد؟ هذا سؤال محير بالنسبة للكثيرين!

ما هي أهميته في ظل الحرب التي تدور رحاه في قلب الوطن العربي؟

ما هي النتائج المحتمل تحقيقها بهذا الرد؟ وماذا لو لم يأت هذا الرد أبدًا؟

 

هذه هي معظم الأسئلة التي تشغل بال الرأي العام العربي على وجه الخصوص.. وهي أسئلة قد تبدو معقولة ومنطقية من زاوية الشعارات التي ترفعها «الجمهورية الإسلامية الإيرانية».. ولكن ألا يمكن طرح أسئلة أخرى أكثر عمقا وأهمية؟

 

على سبيل المثال: ماذا يعني الرد الإيراني؟ ما مفهوم الرد الإيراني؟

 

الكثيرون استبعدوا مسألة المعنى والمفهوم والماهية في الرد الإيراني، لأن هذا النوع من الأسئلة قد يأتي بإجابات صادمة وغير متوقعة.. وقد ببدو للبعض أن هذا النوع من الأسئلة تافه وغبي.. ويطرحها شخص يعيش على هامش الأحداث.. ولكن لنتمعن قليلا في كنه وجوهر هذه الأسئلة..

 

أمام كثرة تداول عبارة «الرد الإيراني» في كل اللقاءات السياسية وغير السياسية، في وسائل الإعلام الدولية والعربية، في المقاهي والنوادي، في الندوات والحوارات… أصبح لهذه العبارة موقع كبير في المعجم السياسي والعسكري، وأضحت عبارة تحمل معاني تتجاوز بعدها العسكري، وأوشكت أن تكون لها دلالات خاصة في العلوم السياسية والعسكرية، وفي الفكر السياسي..

 

أصبح الرد الإيراني مسألة محيرة سياسيا وعسكريا وفكريا.. وأصبح لغزا بشفرات معقدة.. فهل تحول إلى قضية فلسفية؟

ما هو مفهوم الرد الإيراني؟ هل هناك جواب عن هذا السؤال؟

 

ماذا يعني الرد بالنسبة للإيرانيين؟ وماذا يعني الرد بالنسبة للكيان المحتل؟ وماذا يعني هذا الرد بالنسبة للفلسطينيين؟ وماذا يعني هذا الرد بالنسبة للعرب عامة؟ ماذا يعني بالنسبة للشعوب العربية؟ وماذا يعني بالنسبة للأنظمة العربية المتواطئة مع الكيان المحتل؟ وماذا يعني هذا الرد بالنسبة للغرب وخاصة أمريكا؟

كل طرف من هؤلاء سيعطي للرد الإيراني معنى خاص به..

لقد تحول الرد الإيراني من قضية سياسية، ومن كونه ضرورة عسكرية، إلى قضية فلسفية بمعناها الوجودي.. كل طرف يخفي فيه المعنى الذي يناسبه ويرجوه، هناك من يخفي فيه مخاوفه ورعبه، وهناك من يبحث فيه عن أحلامه وأمنياته، وهناك من يستعد له ليكون له مادة إعلامية، وهناك من ينتظره كمرحلة من مراحل الصراع، وهناك من يسعى إلى معرفة القدرات العسكرية الإيرانية على أرض المعركة… هناك من ينتظر منه رد الكرامة والاعتبار، وهناك من يريده للانتقام.. وهناك ما يراقب حقيقة شعارات ومواقف الجمهورية الإسلامية.. كل طرف له مآرب خاصة من الرد الإيراني تعكس عقيدته وموقعه وموقفه..

 

الرد الإيراني! هل هو لعبة سياسية؟ هل هو تخطيط عسكري استراتيجي؟ هل هو حالة نفسية؟ هل هو حرب إعلامية ونفسية؟ هل هو مجرد وهم؟ لا أحد يستطيع أن يعطيك جوابا حاسما.. الجواب قد يكون غائبا حتى عن الإيرانيين!

ولكن سعي الطرف العربي على وجه الخصوص وراء هذا الجواب يعكس حالة من الفراغ المهول في الجوانب السياسية والعسكرية والإعلامية والبشرية.. تعكس حالة من الضياع الحضاري، حالة من العجز العربي العام، ووضعية شلل تهم كل مناحي وجنات الوطن العربي، يعني أن الوطن العربي بشعوبه وأنظمته خارج دائرة الصراع الحضاري، هم قوم ينتظرون ويتربصون فقط.. بعضهم أخذ موقع المتآمر كالأنظمة العربية، وبعضهم أخذ موقع المتشفي، وهم المطبعون المرتزقون على قلتهم، وهناك السواد الأعظم من الشعب العربي الذين يبحثون ولو خارج الحدود، ولو خارج العنصر العربي، عمن يعيد لهم كرامتهم التي دنسها ووطأ عليها الاحتلال..

 

هم وحدهم الفلسطينيون والمقااااااااوووووومة من يعمل دون انتظار الرد، مع علمهم أن قضية القدس ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية كل المسلمين، ومع ذلك دخلوا هذه الحرب نيابة عن ملياري مسلم وخمس مائة عربي.. وهم بدؤوها ويواصلونها دون انتظار الرد الإيراني.. لأنهم يعلمون أن انتظارهم ذاك يساوي نهايتهم ونهاية القضية..

 

المزيد من انتظار الرد الإيراني سيعطي لهذا الرد معنى العبث.. فالرد الإيراني هو شأن إيراني في نهاية الأمر، شأن إيراني بالنظر إلى تصور إيران للصراع الإقليمي، بالنظر إلى عقيدتها ومذهبا، بالنظر إلى مصالحها الجيواستراتيجية، بالنظر إلى حسابات الربح والخسارة التي تناسبها..

 

«الرد الإيراني» له مفهوم عقدي وفلسفي وسياسي واقتصادي وعسكري، كل هذه العناصر زادت من تعقيد معناه وتعقد تحقيقه، والأمر في تحديد معناه وتنفيذه على الواقع هو بيد الإيرانيين، سواء حددوا لذلك معنىً وتاريخا أم لا .. فلا داعي للانتظار !

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات