المهرجانات و الجفاف و هدر المال العام
البدالي صافي الدين/المغرب
لسنا ضد المهرجانات التي تتمثل في إحياء التراث المحلي أو الوطني و التي تقدر الظروف الحياتية و المناخية للمواطنين و المواطنات و التي تساهم في التراكم التراثي و الثقافي و تساهم في تخليق الحياة العامة وفي التواصل السليم والإيجابي بين الأجبال وإحياء الذاكرة الشعبية و الثرات الشعبي.
لسنا ضد المهرجانات التي تساهم في التنمية السياحية الداخلية و في تكريم الرموز التاريخية من مثقفين و من مبدعين فناننين و من صحافيين و شعراء محليين و زجالين و من منتجين في الصناعة و التجارة و الصناعة التقليدية، لسنا ضد المهرجانات التي تساهم في البناء الحضاري و في تقوية الروابط الاجتماعية و التاريخية و الثقافية بين الجهات و الأقاليم و الجماعات و القبائل، لكننا لسنا مع المهرجانات التي يتم فيها هدر المال العام على حساب التنمية من أجل ترويج التفاهة و تسفيه المجتمع و إقحام مظاهر احتفالية غريبة عن أوساط مجتمعنا في المدن وفي القرى، و ليست من صلبنا ولا من صلب تراثنا الثقافي، تاركة آثارا سيئة وسط الشباب والشابات على مستوى السلوك و الهندام و الحلاقة، و الرمي بالذاكرة الشعبية بالتجاوز و النسيان و اكتساب طقوس تضرب في العمق ثقافة الشعب المغربي و شخصيته.
نحن مع المهرجانات التي تأتي وفق الشروط المتوفرة من حيث الاستعداد والقدرة المادية و من أجل المساهمة في تنشيط الحياة العامة والرفع من مستوى الأداء الفني و احترام المكتسبات و تجنب تبديد المال العام أو مال الخواص و مكافأة الفنانين و المبدعين المحليين و الوطنيين. و لسنا مع المهرجانات التي تأتي في صيغة غريبة عن الظرفية التي يعيشها المجتمع المغربي هذه السنة و ما يميزها من أزمات اقتصادية واجتماعية نتيجة سياسة حكومة تلهت وراء المشاريع الضخمة التي تخدم مصالح أعضائها، الذين ينتمي جلهم إلى أصحاب المال و الأعمال من جهة، و نتيجة آثار الجفاف الحاد الذي يعيشه و المغرب منذ سنوات من جهة ثانية. كما تعرف الظرفية نذرة الماء الذي أصبح يهدد المغاربة بالعطش حيث يتطلب الأمر فتح أوراش تشاركية محلية و إقليمية و وطنية للبحث عن السبل الكفيلة للتدبير الجيد للماء و للفرشة المائية والانطلاقة الفعلية لتحلية المياه البحرية و المياه الجوفية الحارة ومعالجة المياه العادمة و استعمالها من أجل الحفاظ على الثرات الغابوي و على أشجار الزيتون وغيرها من سبل الضياع بذل المهرجانات الشبح منها و العشوائية. هي ظرفية تتميز بالارتفاع المهول للأسعار خاصة في مادتي اللحوم الحمراء ، نتيجة عيد الأضحى ، و ارتفاع ثمن الأسماك والمواد الغذائية، بعد الزيادة في ثمن قنينة الغاز بجميع أحجامها، و تسبب استمرار الجفاف في ندرة بعض المواد الاستهلاكية من الفواكه و الخضر و جعلها تعرف ارتفاعا في الأسعار.
تتميز هذه الظرفية كذلك بتنامي ظاهرة التسول و المشردين في كافة المدن المغربية و ارتفاع نسبة البطالة نتيجة إفلاس عدد من المقاولات المتوسطة والصغرى والتي كانت تشكل نسبة مهمة في التشغيل ، أي نسبة 28٪ لدى المقاولات الصغيرة جدا، و10٪ لدى المقاولات الصغرى والمتوسطة، و5٪ بالنسبة للمقاولات الكبرى.
لسنا ضد المهرجانات لما تتوفر الشروط المناخية والظروف الاجتماعية والقدرة الشرائية و تحسين أوضاع الطبقة المتوسطة و الفقيرة و التصدي لمظاهر تبديد المال العام والفساد السياسي و الأخلاقي.و إن أي مهرجان يأتي في هذه الظرفية التي يعيشها المغاربة يعتبر استهتارا بالواقع و تبديدا للمال العام و هي جريمة في حق البلاد و العباد .