الفدرالية الوطنية للفكر الحر: جورج قرم : لبنان،فلسطين و جهنم
ربطت صداقات مشتركة بين الفكر الحر وجورج قرم، المثقف اللبناني الذي توفي في 14 آب 2024. تظل كتبه وتحليلاته تعبيراً عن فكر مستقل قيم للغاية.
ولد جورج قرم عام 1940 في الإسكندرية من عائلة لبنانية وفلسطينية وسورية: “كنت في الثامنة من عمري عندما حدثت نكبة فلسطين عام 1948، وصدمتني، وفي السادسة عشرة أيضاً عند حملة السويس”. والعائلة كانت تعيش في مصر.
عندما كنت في القاهرة، أتذكر أنني عشت هذه الأحداث بقوة شديدة. أتذكر الآباء اليسوعيين الذين جعلونا نحب الأدب الفرنسي العظيم وفلاسفة التنوير؛ وفجأة رأيت الطائرات الفرنسية تبدأ في قصف شعب من أكثر الشعوب سلمية على وجه الأرض، والذي لم يرتكب أي عدوان عسكري…
ومنذ ذلك التاريخ، أي عام 1956، لم تكن الحياة التي عشتها، مثل حياة عشرات الملايين من مواطني مختلف البلدان العربية، سوى جحيم، مليئة بالحروب المتكررة والمنفى، ولا يتسع المكان هنا لتعداد كل هذه الكوارث التي بدأت منذ العام 1990. نحن نعيش في الجحيم، هل تفهم ذلك[1] ؟
وفي مقابلة أخرى، أحدث قليلا، مع مجلة “أورينت” XXI، يرد على الصحفي سيلفان ميركادييه Sylvain Mercadier: “ستتميز السنوات الأخيرة من الحرب الباردة خلال عقد الثمانينات بالتعبئة الغربية للديانات التوحيدية الثلاث ضد الفكر الماركسي والحياد الإيجابي لحركة دول عدم الانحياز التي تشكلت في باندونغ بإندونيسيا عام 1955 بقيادة اليوغوسلافي جوزيب بروزتيت والمصري عبد الناصر والإندونيسي أحمد سوكارنو. وفي العالم العربي والإسلامي، ستجعل المملكة المتحدة، ثم الولايات المتحدة، من الوهابية السعودية وتطرفها الديني “القاعدة” في الإسلام، في حين أن هذه العقيدة الخبيثة والمضللة كانت معتبرة في جميع أنحاء العالم الإسلامي منذ ولادتها في البداية كفكر مهرطق. وسيبدو لهم أن هذه هي الطريقة الأفضل لصد الفكر الماركسي والقومي والتقدمي فيما كان يسمى آنذاك بالعالم الثالث“.
هذه هي الطريقة التي أدت عبر معاداة الشيوعية في الغرب إلى الانغماس في الإيديولوجيات الإسلامية الرجعية مثل الوهابية والجهادية التي تنتشر على قدم وساق اليوم، بعد أن نجحت في كراهية عنيفة لمختلف القوميات العربية المناهضة للإمبريالية وذات التوجه العلماني”.
سيلفان ميركادييه: لماذا يتم التركيز على الدين الإسلامي على حساب الهوية العربية في العديد من التحليلات للصراعات في الشرق الأوسط؟
جورج قرم: “إن الحرب الباردة هي التي أدت إلى هذا الانزلاق، خاصة أنها استمرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. ولأن الكتلة الغربية وحلف شمال الأطلسي يحشدان الإسلام ضد أعدائهما، وأعطي مثالاً على ذلك تركيا التي توجه وتشرف على المتمردين الجهاديين في سوريا، ولكن أيضاً في فرنسا والمملكة المتحدة. لقد أصبح الإسلام المتشدد الذي تمارسه المملكة العربية السعودية هو السائد إلى حد الاعتقاد بأنه الإسلام الأصيل. تاريخياً، كثفت عقيدة الاحتواء الأمريكية ضد الاتحاد السوفييتي استخدام الديانات الإبراهيمية الثلاث: الإسلام المتشدد (المجاهدون، طالبان، الإسلام الباكستاني)، المسيحية (خاصة في بولندا)، واليهودية (في شكلها المسيس من الصهيونية المسلحة) لمواجهة الماركسية العلمانية وكافة الأشكال المختلفة للقومية العربي[2]“.
كان جورج قرم عضواً في محكمة راسل الخاصة بفلسطين. وطوال عمره حاول جورج قرم تشجيع أولئك الذين في لبنان وسوريا وفلسطين يحاولون إطفاء لهيب الجحيم.
كرّس له كريم بيطار مقالاً جميلاً بتاريخ 17 آب 2024 في صحيفة “لوريان لو جور” البيروتية الكبرى: “في مواجهة هذه المحدلة ومعاداة التنوير، سعى جورج قرم طوال حياته إلى إطفاء الحرائق. يمكن قراءة كل عمل من أعماله باعتباره بياناً للدفاع عن النفس ضد القراءات المانوية التبسيطية، المشبعة بالكليشيهات الثقافية والأساطير والخرافات التي لا نهاية لها”.[3]
أحدث مؤلفاته: «من أجل قراءة علمانية للصراعات- Pour une lecture profane des conflits » ( La Découverte – 2012)؛ «الفكر والسياسة في العالم العربي» Pensée et politique dans le monde arabe (La Découverte – 2015)؛ «المسألة الشرقية الجديدة» La nouvelle question d’Orient (La Découverte – 2017).
|
تضامن غير مشروط مع الشعب الفلسطيني!
22 أغسطس 2024
الاتحاد الوطني للفكر الحر
Fédération Nationale de la Libre Pensée
[1] Entretien avec Tigrane Yegavian – https://www.revueconflits.com/georges-corm-moyen-orient-syrie-arabes/
[2] Entretien avec Sylvain Mercadier – https://orientxxi.info/magazine/georges-corm-itineraire-d-un-intellectuel-libanais,3287
[3] Karim Bitar – « Georges Corm ou l’esprit des lumièeres à l’épreuve des réalités moyen-orientales »