الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الحياة الصعبة و الموت الشاقة في وطننا الحبيب المغرب. ماهو السبب ؟

 

البدالي صافي الدين/المغرب

 

 

أثناء الزيارات التي أقوم بها لبعض الدول الأوربية، ألاحظ المعنى الحقيقي لتخليق الحياة العامة، النظام و التنظيم و الاحترام المتبادل و تقديس القوانين، هي السمات الأساسية في العلاقات التجارية و الإدارية و الاجتماعية. ليس هناك مظاهر التمييز الطبقي ولا التعالي، حيث أن الكل ينحني للمدرسة العمومية و للمدرس و أن الكل يأخد بيد العجوز أو العجوزة و أن المريض يتم استقباله بالابتسامة وحسن الترحاب حتى يحس بأنه يدخل باب الرحمة. لا يسأل إلا عن اسمه و عنوانه إن كان واعيا و لا يسأل عن إمكانياته المادية و لا يتم ابتزاز أهله قبل أو أثناء العلاج. الأطباء والممرضون والممرضات لا يهتمون إلا بما أصاب المصاب. يتعاملون معه كإنسان و ليس كغني أو كفقير. أما المتوفون فتنتظرهم مقابر في مقاطعتهم قريبة منهم، يعتبرونها حيا للأموات، مسيجة لا تدخلها حمير و لا بغال و لا كلاب ضالة ولا مشردون و لا مشعوذ . الإنسان يعيش معززا و يموت مكرما. لكن في بلادنا نعيش عكس ذلك، نعيش الحياة الصعبة و الموت الشاقة.

 

فما هي الأسباب ؟ هو سؤال فرضه واقع يختلف عن الواقع في الدول المتقدمة الأوروبية التي يعيش فيها ما يقرب من 89 بالمئة من المهاجرين المغاربة (4.5 ملايين)، ينتظرون أن يرقى بلدهم الى مستوى البلدان التي يعيشون فيها .

 

السبب الأول : انعدام الديمقراطية الحقة التي تضمن المساءلة و ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات العقاب، كما أنها تحقق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الحقوق والواجبات. في غياب الديمقراطية الحقة في بلادنا جعل الكثير من الناس يجدون النشوة في خرق القانون و في التعدي على الآخر و يبشرون بـ “مظاهر التمييز الاجتماعي” و التدني الأخلاقي في جميع مناحي الحياة، حتى أصبحت من السلوكات المشينة و السائدة يبدع فيها أبناء وبنات البرجوازية الهجينة، لايحترمون القوانين وفي مقدمتها قانون السير، و لا يقبلون محاكمتهم أو توقيفهم من طرف رجال الأمن أو الدرك الملكي .

 

السبب الثاني : تكريس الأمية و الجهل وسط المجتمع المغربي، لأن الجهل لا تتولد عنه المعرفة بقدر ما تتولد عنه الثقة ، و من تم تسود الأمية التي تعارض التقدم الفكري و تقف حاجزا أمام الوعي السياسي. هي مظاهر تخدم النظام الحاكم . و في ظل هذا المناخ تنشط مظاهر الشعوذة و توالد الفرق الدعوية و هو ما لا يسمح باقامة مجتمع مندمج و قوي. و لذلك تم قتل المدرسة العمومية في بلادنا و تم تحنيطها حتى تبقى جسدا بدون روح و الدولة تريد من المدرس أن ينحني لها و لهذا الجسد و يبعث فيه الروح دون أدوات و لا كرامة و لا قدرة مادية أو أدوات بيداغوجية لإحياء المقتول . في كل ساعة يتم تحطيم المدرسة العمومية حتى لا تقوم من كبوتها و تحطيم الأستاذ و تحطيم الأستاذة ، ويظل الأطفال والشباب الضحية و الوطن يصيبه الإفلاس العلمي والتخلف الاقتصادي والاجتماعي.

 

السبب الثالث : هو طغيان مظاهر الرشوة و اقتصاد الريع و الفساد و نهب المال العام. فالرشوة جعلت من أصحاب الحقوق أذلة و من أصحاب الباطل اسيادا تمكنوا بواسطتها من احتلال منافذ الحياة و من المناصب و من الثروات الطبيعية و تشكلت في البلاد قوة تقود الانقلابات على كل تغيير لصاح البلاد، حيث أصبح لهم جيش من البلطجية واللصوص ومن إعلاميين مرتزقة يقدمونهم للناس بأنهم من الأخيار حتى يصلوا إلى مراكز النفوذ.

 

السبب الرابع: التسول السياسي، و هي ظاهرة سعت إليها الدولة بخلق كائنات سياسية تكون تحت الطلب ، وهي الكائنات التي ظلت تسعى إلى تمييع المشهد السياسي بالبلاد و استعمال السلطة و المال في كل الاستحقاقات حتى لا تكون للقوى السياسية التقدمية قدرة على مواجهة المد الرجعي و و الاستغلال و الاستعباد و الاستبداد و إمكانية بناء الوعي السياسي الذي من شأنه أن يفرز طبقة شعبية لسانها نشر الوعي و إشاعته و محاربة الغش و التزوير و التصدي لمظاهر الفساد الإداري والأخلاقي.

 

السبب الخامس :التبعية القاتلة . لقد تخلصت مجموعة من الدول الآسيوية والأفريقية من التبعية و من ويلاتها فحققت تقدما ملموسا اقتصاديا و اجتماعيا ، لكن بلادنا المغرب ظلت تأكل أطرافه التبعية العمياء للدول الرأسمالية الإمبريالية اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا . فهذه الدول هي دول استعمارية بلباس الصداقة و الاتفاقيات التي تخدم مصالحها و من تم كان من توصياتها عبر صندوق النقد الدولي التخلي عن القطاعات الاجتماعية للشركات ،(شركاتهم طبعا) مما أدى إلى قتل المدرسة العمومية و إلى إفراغ القطاع الصحي من دوره في التطبيب و العلاج المجانيين، فلم يعد له مكان في المستشفيات العمومية، التي أصبحت عبارة عن بنايات منتشرة الأطراف يسودها البؤس جراء الإهمال الحكومي. و أصبح المريض أو المريضة تحت رحمة ابتزاز المصحات الخصوصية المجردة من الإنسانية ،إذ لا ترى في المريض إلا المال و الربح و التحايل على أسرة المريض حتى تدفع أكثر حتى وإن كان ميتا. في بلادنا أصبحت المتاجرة في الأرواح أمرا طبيعيا و في سرقة الأطفال الرضع مجالا للاغتناء غير المشروع .

 

السبب السادس : سياسة الريع و يعتبره المحللون السياسيون بأنه رشوة تدفعها الدولة لخلق حزام من المستفيدين يدافعون على الاختيارات اللاشعبية و يساهمون في عرقلة النمو الاقتصادي والاجتماعي و يتمكنون من نهب أراضي المدن و البوادي تحت ذريعة الاستثمار و لم يتركوا للميت أين يرقد، حتى أن المقابر أصبحت في بلادنا تبتعد عن المدن لعشرات الكيلومترات حيث الوصول اليها صعب و الدفن فيها شاق. و محيطها يوحي بالبؤس ومظاهر الشعوذة و التربص بالميت و بأهله .

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات