خنقه شرطي حتى الموت:
عبد الرحيم ضحية عنصرية بوليسية في مدريد
ف ز فراتي – الفينيق ميديا برشلونة
في أحد أزقة ضواحي مدريد، اختُزلت حياة شاب مغربي في لحظات من الرعب، والخوف، والعنف. عبد الرحيم، شاب في منتصف الثلاثينات، خرج ليلة الثلاثاء يتكئ على عكازه كعادته، ولم يعد. لأن ذراعًا بوليسية قررت أن تخنقه حتى الموت، وأن تضع حدًا لحياة هشّة أصلًا، لا بقرار طبي، بل بحكم فوري أصدره شرطي ميداني، دون محاكمة ولا إنذار.
ما حدث في “توريخون” ضواحي مدريد، ليس مجرد واقعة جنائية. هو مرآة لخلل عميق في قلب المؤسسات التي يفترض بها أن تحمي، لا أن تقتل. خلل يكشف كيف يُعامل المهاجر، خاصة إذا كان فقير، مريض نفسي، أو ببساطة… غير إسباني. فهل من تفسير آخر يجعل شرطي يختار أن يخنق شاب أعزل يمشي بعكاز، ولا يشكل أي تهديد فعلي؟
إن الطريقة التي قُتل بها عبد الرحيم، أمام شهود عيان، ومع تسجيلات تصرخ فيها الأصوات: “ستقتله! اتركه!”، ليست إلا دليل على عنف مفرط، بل على عقلية بوليسية ترى الآخر ( وخاصة المهاجر العربي أو الإفريقي ) كمجرم محتمل، لا كإنسان له حقوق.
والمؤسف أن تعامل القضاء حتى اللحظة لا يبشر بمحاسبة عادلة: إطلاق سراح الشرطي، وعدم وجود اي خطاب رسمي يُدين أو حتى يُعزّي… كل هذا يؤكد أن الواقعة لم تُعامَل كفضيحة، بل كحادث هامشي، رغم أن ضحيته إنسان فقد حياته خنقًا.
نحن أمام مشهد تتقاطع فيه كل أوجه الفشل المؤسسي: الهشاشة الاجتماعية، الإقصاء الصحي، عنف الشرطة، والعنصرية المؤسساتية. وإذا لم نسمّه بما هو عليه ” عنصرية ممنهجة وقتل غير مبرر ” فنحن نتواطأ بالصمت، وندفن عبد الرحيم مرتين.
إن مسؤولية الدولة لا تقتصر على التحقيق في الحادثة فقط، بل تقتضي الاعتراف بالفشل: فشل في حماية المرضى النفسيين، وفشل في بناء شرطة مدنية لا عنصرية، وفشل في ضمان أن لا تكون الهشاشة الاجتماعية حكم بالإعدام.
خنقه الشرطي حتى الموت… فمن يحمي الإنسان إذا خذلته الدولة؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه دم عبد الرحيم، ولا يزال بلا جواب