الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

 العنف في الوسط المدرسي:

 قضية اجتماعية وتربوية

 

 

علال بنور – المغرب

 

تزايد اهتمام الباحثين والفاعلين التربويين في الآونة الأخيرة، بظاهرة العنف المدرسي التي استفحلت بشكل مخيف، فأصبح يشكل خطورة، نخاف في يوم ما ان تتحول المدرسة الى مشتل لتفريخ المنحرفين في الشارع. الامر الذي بات يستدعي التفكير، وبجدية مسؤولة في مواجهة هذا الخطر والحد منه.

 

في زمن ما، وبالضبط في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت الاسرة والجيران والزقاق والمدرسة فضاءات متكاملة في تربية الطفل، اليوم كل هذه الأطراف تخلت عن وظيفة التربية. وبتنا نقول، ان المدرسة تخلت عن وظيفتها التعليمية والتربوية، فحولنا المدرسة الى مشجب لتعليق اوساخ المجتمع. ولملامسة ظاهرة العنف المدرسي، سنطرح أسئلة في صلب الموضوع، محاولين الإجابة عنها.

 

ما هو العنف المدرسي؟

تتفق الدراسات المتعلقة بعلم النفس التربوي، انه سلوك ايذائي يقوم على اقصاء الاخر بالحط من قيمته وتحويله الى مدعاة للضحك والاستهزاء، بل تابع او مطرود من الجماعة المدرسية، ويمكن ان يكون العنف سلوكا عدوانيا غير مقبول اجتماعيا فهو يؤثر على النظام العام للمدرسة، فهو يصدر من فرد او جماعة بهدف استغلال الاخر في علاقة قوة غير متكافئة، اذن الهدف هو الضرر المادي والرمزي بالأخر، العنف هو عدم الاعتراف بالأخر او التنقيص منه.

 

ما هي أنواع العنف المدرسي؟

– العنف اللفظي في ايحاءاته وهي عديدة مثلا: التنقيص والسخرية كالكسول والراسب والفاظ جنسية تخدش الحياء، خاصة في وجه التلميذات، والفاظ دينية كسب الذات الإلهية وغيرها من الالفاظ، هذا النوع من العنف فسره علم الاجتماع، بان الشخص يعيش فقدان التوازن الاجتماعي، وضعف الدور التربوي الاسري.

 

– العنف المادي والرمزي من تمظهراته، السلوك التخريبي لمحتويات المدرسة والكتابات والرسوم القبيحة على الجدران والسبورة وبالمراحيض، نجدها موجهة للمدرس والتلاميذ بإيحاءات جنسية وكلمات السب.

– العنف المنظم، يتزعمه قائد مجموعة القسم او رفاق السوء او عصابة طفولية، لهم نزعة عدوانية تقوم على الابتزاز.

– العنف الرياضي، يسود بين تلاميذ لهم انتماءات لفرق كرة القدم، فيتحول فضاء المدرسة الى حلبة لتبادل العنف.

– العنف تجاه الذات، من تجلياته الحاق الضرر بالذات، والعزلة والاكتئاب والانتحار، يرجع السبب الى عدة عوامل، منها ضعف التأطير التربوي وتخلي الاسرة عن تربية الطفل، مع غياب ثقافة الحوار.

– العنف الجسدي، يحصل بين العنيف والمعنف كالضرب والجرح.

 

العنف التربوي، يتمثل في استغلال النفوذ وسوء التقييم والشغب وعدم الالتزام بالقانون الداخلي للمدرسة، والامتناع عن أداء الواجبات التعليمية.

 

ما هي الاسباب المؤدية للعنف المدرسي؟

من خلال الملاحظات الميدانية، ومن داخل جغرافية المدرسة والممارسة اليومية لفعل التربية والتعليم، وعبر سنوات، تمكنا من تحديد الأسباب المؤدية للعنف المدرسي منها:

 

قصور وظيفة الاسرة، يتمثل في ضعف التأطير من داخل البيت، كالأمية واللامبالاة والاهتمام أكثر بالحياة المادية، بمعنى تخلي الاسرة عن وظيفتها التربوية، مع عدم اشباع الاسرة لحاجيات الأبناء على المستوى العاطفي والمرافقة والسلوك الديمقراطي، الذي يقوم على الحوار وطرح السؤال والتتبع وخلق الثقة. كذلك عامل اخر أسري، له خطورته على سلوك الطفل المتمثل في تفكك الاسرة.

 

أضف الى ذلك، العلاقات داخل المدرسة، يمكن ان تساهم بشكل من الاشكال في ممارسة العنف، منها غياب وسائل الترفيه التربوي والأنشطة الموازية لإبعاد الطاقة السلبية، ومن جانب اخر، نجد ضعفا في ثقافة المدرس، على مستوى علم النفس التربوي والاجتماعي، مع قصور في معرفة النظريات السلوكية والبنائية ومراحل التنشئة الاجتماعية …وفي مستوى ثالث، مقررات دراسية تعلم ولا تربي. كما ظهر اليوم، عناصر مشوشة بل منافسة للأسرة والمدرسة، في تربية النشأ، ولا تقل خطورة عن الأسباب الاخر، كوسائط التواصل الاجتماعي.

 

هناك أسباب أخرى، يتولد عنها العنف المدرسي، نذكر منها: الفقر والحرمان والسلطة الابوية كمعيار اجتماعي سلبي، والنظرة التمييزية بين المجتهد والكسول وبين البنت والولد، وغياب وسائل الارشاد والتوجيه على مستوى السلوك، مع غياب دور الشباب ودور الثقافة، وانتشار تسويق وسائل الاعلام لتجارة العنف، كالألعاب والكذب في الاشهار.

 

ما هي اثار العنف المدرسي على التلميذ؟

من خلال دراسة حالة بمدرسة بحي شعبي بالدار البيضاء، جمعنا معطيات تعبر عن سلبية العنف المدرسي منها: الخوف الى درجة الرهاب، والاحساس بالظلم وكره المدرسة والحقد على المدرسين، والعنف المضاد، بمعنى الذي مورس عليه العنف يصبح عنيفا، غير ان هذه الحالة الأخيرة نادرا ما تحصل، ثم الهروب من المدرسة الذي يعبر عن شكل من اشكال الهدر المدرسي.

 

تدابير للحد من العنف في الوسط المدرسي.

هناك تدابير عديدة يمكن الاقتصار على بعضها : – جعل المدرسة فضاء للإبداع عبر تفعيل الأندية المدرسية – انفتاح المجتمع على المدرسة في المناسبات،  بحضور ومشاركة الاسرة والمجتمع المدني والسلطة الأمنية – العمل على ادخال الحياة الواقعية الى المدرسة ضمن وضعيات تربوية ، من خلال مسرحيات ومعارض وورشات – العمل على دمقرطة الحياة المدرسية /التربوية ،جعل التلاميذ شركاء في تدبير جغرافية المدرسة – إشاعة ثقافة حقوق الانسان – جعل التلاميذ في وضعية فهم ،ان التعليم مهنة مقدسة وان لا تنمية بدون مجتمع قارئ – تفعيل المقاربات البيداغوجية الفعالة ،التي تحفز التلاميذ على مهارات التفكير والنقد والشك وبناء المعرفة ،مع مهارات اتخاد مواقف بدل الاستهلاك المعرفي -إعادة النظر في التقويم التربوي /التعليمي والتقييم التعليمي – العودة الى المقرر الدراسي الوحيد – انشاء اقسام خاصة للدعم .وغيرها من التدابير التي تحبب للتلميذ فضاء المدرسة.

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات