الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

في مديح السياسة

مرافعة فلسفية رفيعة  لرد الاعتبار ل”السياسة”

 

ترجمة  بتصرف عبد الكريم وشاشا

 

فيما يلي مقتطف دال من حوار للفيلسوف المجد آلان باديو  (Alain Badiou) مع الصحفية  Aude Ancelin

 

  • كيف نرد الاعتبار للسياسة التي أصبحت رهينة بين القوى المتصارعة للرأسمالية ومحتقرة عند الشباب مقرونة بالانتهازية وكل ما هو مشين وضحل ؟؟

 

  • قبل ذلك لا بد من معرفة، ماذا نقصد بكلمة “السياسة”. إنها تحمل تاريخا طويلا؛ في البداية كانت الفكرة أن السياسة هي السلطة، هي مسألة المجال الذي تحتله وتمارس فيه الدولة سلطتها بالنظر إلى الجماعات المتشكلة والتي تهيمن عليها وتحدد هوية أفرادها.. إذن التعريف الأول يرى أن السؤال المركزي وربما الوحيد للسياسة هو سلطة الدولة؛ إنه تعريف بسيط لكنه يخترق رغم ذلك تاريخ طويل.. سنجده أيضا عند لينين..
انطلاقا من هذا التعريف ينجم فهم معين للسياسة مقرون بالمنافسة الشرسة والدهاء من أجل الاستيلاء على السلطة… العديد من المنظرين في السياسة يملكون تصورا على هذا النحو، أكبرهم بدون شك والذي يحتل مكانة بارزة هو مكيافيلي (Nicolas Machiavel) الذي وصف بمهارة فائقة، إيجابيا، ويمكن أن نقول “تقنيا” الإجراءات المختلفة المتبعة في الصراع نحو السلطة والاستيلاء عليها، وأيضا حدد المواصفات التي يجب أن تتوفر في رجل السياسة من هذا النوع… وهذا حقيقة ما نعيشه اليوم من انحدار واحتيال وعنف وبهتان؛ لكن قبل كل شيء فإن صاحب كتاب “الأمير” يكشف لنا أن هذه العناصر مرتبطة ولازمة بقوة بمسألة السياسة وممارستها..
وعكس هذه الرؤية تكونت ومن خلال تاريخ مضطرب وعاصف ومعقد، وفي علاقة وثيقة بالفلسفة، رؤية أخرى مغايرة للسياسة: هي تلك التي تؤكد على أن السياسة تتأسس في صلة مع العدالة، العدالة التي بذل الفلاسفة قصارى جهدهم لإعطائها تعريفا محددا..
فأصبح السؤال المركزي هو: ما هي السلطة العادلة ؟ إذن فسؤال العدالة هو بالضرورة هو سؤال السلطة….
فالتناقض بين العدالة والسلطة، هو أيضا له تاريخ طويل؛ فقد حاول أفلاطون من قبل أن يحدد معايير الدولة التي تخضع للخير، وكشف بتحليل دقيق  أنواع ” نماذج” السياسة  (الأوليغارشية – الديمقراطية – المستبدة – الملكية)… ثم بعد ذلك وبزمن طويل، حوالي القرن 18 خاصة مع جان جاك روسو، ثم من خلال اجتهادات المفكرين الثوريين للقرن 19، خاصة ماركس وأنجلز، طبعا، برودون، فورييه، فيورباخ، أوغيست كونت وصلنا إلى الفرضية التي مفادها أن العدالة لا تتعارض ولا تتنافى مع السلطة، لذا تغير المنظور للسياسة: فسلطة الدولة ما هي إلا أداة انتقالية ضرورية في مراحل تاريخية متسلسلة لكنها مدعوة للاضمحلال لصالح إرساء عدالة مكينة في متناول الإنسانية نفسها، هذه هي الحركة الجدلية التي ستتجاوز التناقض القائم بين العدالة والسلطة.
  • نظامكم الفلسفي يعّرف السياسة بأنها ” إجراء لتقصي الحقيقة ” ، بجانب الحب، والفن، والعلم ما هو المعنى الذي تقصدون؟ كما أن الرأي العام مقتنع ايما اقتناع بأن الغائب الأكبر في السياسة هو الاهتمام بالحقيقة

 

  • نعم، مكيافيلي، قدم السياسة بشكل واسع على أنها فن كبير للكذب؛ فإتقان الكذب عموما يعتبر ضروريا بالنسبة لرجل السياسة. فمن أجل الاستحواذ على السلطة والاحتفاظ بها يجب دائما أن تطلق وعودا عليك ان لا تفي بها…

 

وعندما أقوم بتعريف السياسة ك”إجراء للحقيقة” دفاعا عن الأطروحة الثانية التي تربط السياسة عضويا بالعدالة.. هل الأمر يتعلق بنظرة مثالية طوباوية ؟؟

 

لا أعتقد ذلك، لقد دافعت طيلة سنوات بأن السياسة هي قبل كل شيء ممارسة، وأداء، ومسار،  يحتاج إلى فاعلين، ومناضلين، وإلى تنظيمات وحركات سياسية… كل هذا متساوق (ومحايث) ومندمج داخل سيرورة بالغة التعقيد؛ لتحرير المجتمع من الاستبداد والطغيان، ليكون سيد نفسه ويقرر مصيره بيده….

 

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات