تقدّم إسبانيا في مؤشر حرية الصحافة 2025: إنجاز تاريخي يواجه اختبارات حقيقية
الفينيق ميديا – إسبانيا
سجّلت إسبانيا في تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” لعام 2025 أفضل ترتيب لها على الإطلاق، بعدما ارتقت إلى المرتبة 23 عالميا في مؤشر حرية الصحافة من بين 180 دولة. هذا التحسن اللافت يُفسر في سياق ديناميات داخلية شهدتها البلاد خلال العام المنصرم، وأخرى خارجية مرتبطة بتدهور الأوضاع الإعلامية في عدد من دول العالم.
حيث يُعزى جزء كبير من هذا التقدم إلى انحسار التوتر السياسي الذي كان يؤثر سلبا على مناخ العمل الصحفي. فقد أظهرت البيانات تراجع في الضغط الممارس على وسائل الإعلام من قبل الجهات الحزبية، إلى جانب تحسن في وتيرة الحوار السياسي العام، وهو ما انعكس في ارتفاع المؤشر المتعلق بالبيئة السياسية بما يقارب 3.5 نقاط مقارنة بالعام السابق.
إلى جانب ذلك، أدت البيئة الاجتماعية والثقافية المتزنة دور فاعل في دعم حرية التعبير، لا سيما مع تراجع مظاهر الرقابة الذاتية وانحسار التأثيرات المرتبطة بالقضايا الدينية والعرقية والجندرية. كما أظهر المؤشر المتعلق بالسلامة الجسدية والمهنية للصحفيين تحسن ملحوظ، ما أسهم في خلق مناخ أكثر طمأنينة داخل المؤسسات الإعلامية.
غير أن هذا التقدم لا يُخفي هشاشة هيكلية لا تزال تؤثر في الأداء الإعلامي. إذ يظل الجانب الاقتصادي بمثابة نقطة ضعف مركزية. فالعديد من المؤسسات الصحفية تواجه صعوبات تمويلية، بينما يفتقر العاملون في القطاع إلى ضمانات مهنية كافية، ما يجعلهم أكثر عرضة للابتزاز أو التوظيف الدعائي. كما لا تزال الدعاوى القضائية الاستراتيجية (SLAPP) تشكل تهديدًا فعليًا لحرية الصحفيين، عبر ترهيبهم قانونيا واستنزافهم ماليا.
إقليميًا ودوليًا، يندرج تقدم إسبانيا ضمن مشهد عام يتسم بتراجع عالمي في مؤشرات حرية الصحافة. فوفقًا للتقرير ذاته، وُصفت الأوضاع الإعلامية في أكثر من نصف دول العالم بأنها صعبة أو خطيرة، ما يعني أن التقدم الإسباني نسبي، و يعود في جزء منه إلى التدهور الذي تشهده دول أخرى أكثر من كونه نتيجةً لتحولات هيكلية عميقة في الداخل.
ختاما، يعد هذا التقدم خطوة إيجابية، إلا أنه يظل هشًا ما لم يقترن بإصلاحات هيكلية تضمن استدامة حرية الصحافة في ظل بيئة قانونية واقتصادية داعمة.