الدار البيضاء: المحج الملكي يتسبب في احتجاجات الساكنة
علال بنور- الدار البيضاء
تنقسم المدينة القديمة بالدار البيضاء إلى جزئين، المدينة المسورة/النواة والمدينة الممتدة خارج السور التي شملتها عملية الهدم، يرجع مشروع الهدم إلى سنة 1989 في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، والذي تكلفت به شركة للهدم وإيواء السكان غير أن المشروع توقف لأسباب نجهلها.
انطلقت عملية الهدم من جديد، التي شملت الأحياء خارج السور، لفتح طريق المحج الملكي الرابط بين شارع الجيش الملكي، الذي ينطلق من غرب فندق حياة ريجنسي في اتجاه مسجد الحسن الثاني، مرورا بالعديد من الدروب التي سيشملها الهدم، الذي بدأ خلال شهر أكتوبر 2024، في عهد والي جهة الدار البيضاء/سطات السيد محمد أمهيدية. حسب الأخبار التي استقصيناها من جهات لها إطلاع بالموضوع، فإن عملية الهدم شملت الدروب التالية:
درب لمعيزي الذي هدم جزء منه منذ 1989 ودرب بوطويل والعرصة ودرب الإنجليز ودرب حمان ودرب سلام ودرب الصوفي ودرب عبد الله ودرب الطاليان ودرب موحا أوسعيد. كما سيشمل الهدم جزءا من شارع بوردو في اتجاه درب الإنجليز، وسوق الدجيجية ودرب الدالية ودرب الجران ودرب بوسبير. سيتم الاحتفاظ بالكنيسة الإنجليزية ومقبرتها كما سيتم الاحتفاظ بمقبرة اليهود.
تجدر الإشارة، أن الساكنة المعنية بعملية الهدم، لها خصوصيات تميزها على مستوى طبيعة السكن، هناك ملاك لمنازل سكنية من طوابق تعتبر مصادر عيش المالك وأسرته، ويعد مدخول الأكرية مصدر عيشهم. والصنف الثاني مكترون مكونون من أسر، الشيء الذي طرح قضية الاستفادة عند الترحيل. هل هي استفادة متساوية بين المكري أي المالك والمكتري؟ كما طرحت قضية أسر مالكة يسكن معها أسر من المفروع أي من الأبناء والبنات يطالبون الاستفادة كذلك، باعتبارهم ورثة بالقوة في قيد حياة الوالدين.
تلك من بين المشاكل الأساسية التي طرحت للساكنة .أما المشكل الثاني، له علاقة مع المشكل الأول، يتعلق بعملية الإحصاء التي شملت السكان المعنيين بالترحيل، والذي أنجز منذ سنة 1989 .هل الجهة الوصية على عملية الهدم والاستفادة ، استحضرت المدة الزمنية بين إحصاء 1989 والعودة إلى عملية الهدم لسنة 2024 ، باعتبار أن المدة الفاصلة بين السنتين هي 35 سنة ، جرت فيها تحولات ديموغرافية واجتماعية، منها البيع والشراء للمنازل وتزايد عدد المكثرين، ثم أن الفترة الزمنية عرفت تحولات ديموغرافية من الأسرة النووية إلى الأسرة الممتدة المكونة من الجد والأبناء والأحفاد والزيجات؟ هل هذا التحول تمت مراعاته السلطات المحلية أثناء الترحيل والهدم؟ هل السلطات الوصية اخذت بعين الاعتبار العلاقة السيكولوجية التي تربط بين السكان والمجال؟ هل رعت السلطات، الزمن المدرسي لأبناء الأسر المرحلة؟
حسب الأخبار التي استقصيناها من المتضررين، أكدوا لنا، كان من المفروض على السلطة الوصية أن تشرف على عملية الهدم في فصل الصيف حيث العطلة المدرسية، لكي يتسنى للسكان البحث عن مدارس لتسجيل أبنائهم بمدارس قريبة من السكن الجديد، تفاديا لمصاريف إضافية لعملية تمدرس أبنائهم، ويضيف محدثنا أن السلطات الوصية اعتمدت في عملية الهدم والترحيل والاستفادة، على الإحصاء الذي شمل فقط سنة 1989.
أثناء عملية الهدم، ارتفعت درجة الاحتجاجات بحضور الإعلام وجمعيات المجتمع المدني، وفي زمن قياسي تشكلت تنسيقية للسكان للدفاع عن حق المتضررين، في سكن لائق يحفظ كرامتهم ويصون حقوقهم خاصة الملاك. ولم يكن احتجاجهم ضد تشييد المحج الملكي، كما صرح لنا المحتجون.
وحسب مصادرنا ومعاينتنا للحدث، عقد السيد الوالي محمد أمهيدية لقاء مع تنسيقية السكان متفهما احتجاجاتهم ومطالبهم. أسفر اللقاء عن مخرجات ترضي السكان، عبارة عن تعويضات مالية للكراء تصل إلى 10.000 درهم للأسرة الواحدة في انتظار توفير سكن لائق، ومع ذلك استمرت الاحتجاجات بشكل متقطع، رافضين الترحيل “القسري” بدون بدائل تراعي حقوق الملاك خاصة. فعادت عملية الترحيل والهدم من جديد.
يعيش ساكنة الأحياء المتضررة غضبا باحتجاجات يومية، ليس ضد مشروع تشييد المحج الملكي، وإنما ضد القرارات المتسرعة، بدون اشراك فعلي للسكان في اتخاذ القرارات.
تشبت السكان الغاضبون بحقوقهم في السكن الذي يحفظ كرامتهم، وأفادت كذلك مصادرنا من التنسيقية، أن المتضررون ضحية سوء التدبير والاستعجال في أخذ القرارات بدون اشراك السكان.