الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

 اولاد جرار ودار بوعزة و طماريس

أسماء لمجال جغرافي واحد

 

 

علال بنور / الدار البيضاء

 

يقع هذا المجال الجغرافي غرب مدينة الدار البيضاء، من مدخلها على الطريق الساحلي نحو ازمور، حيث ارض ما يعرف بأولاد الجمل، كما تعرف المنطقة بعين الكديد، و يمتد هذا المجال الساحلي الى حدود ضريح الولي المولى التهامي. تقول الرواية الشفاهية أن أولاد جرار،استوطنوا هذا المجال الجغرافي   منذ 1740. استقدمهم السلطان المولى عبد الله العلوي، كانوا يتخذون من الخيام مسكنا لهم كما كانوا يمتهنون صيد السمك بواسطة نصب الشباك يسوقونه داخل اسوار المدينة القديمة بالدار البيضاء. وأحيانا كانوا يغيرون على المدينة كلما سنحت لهم الفرصة. فيسلبون السكان خزائنهم، وحليهم و دوابهم بل كانوا سيرقون النساء الجميلات. وفي هذا الإطار، تروي الرواية عن هجومات تعرض لها أولاد جرار في ليلة ظلماء من طرف أولاد حريز أتت على الفلاحة. فعرفت القبيلتان حروبا متقطعة بسبب الصيد او القنص او الرعي، عموما كان صراعا حول الخيرات.

 

و في رواية شفاهية اخرى، تقول ان أولاد جرار سبعة إخوة أتى بهم المولى عبد الله من اجل اعمار منطقة حملت فيما بعد اسمهم إلى يومنا هذا. وهم كالتالي: امحمد بلفقيه – الطيبي – المكي– التهامي – مسعودبوشعيب الحسن. كانوا من خيرة الرماة والمحاربين الاشداء، استوطنواالمنطقة حوالي سنة 1740م. كانت مساكنهم تتكون من النوايل و الخيام المصنوعة من الدوم الذي يوجد نباته بوفرة في المنطقة. و كانوا يهتمون بحفر المطامير، يستغلونها في تخزين كل ما هم في حاجة إليه من مؤن وأمتعة ونقود مسبوكة من الذهب، والتي كانوا يحصلونها مقابل بيع الأسماك إلى اليهود في المدينة القديمة بالدار البيضاء. و قد فاق عدد المطامير المحفورة المئات. 

 

من هو بوعزة؟

 

في غياب المراجع وشح المصادر، اضطررنا إلى الاعتماد على الرواية الشفاهية، التي تكاد تكون متشابهة حول شخصية بوعزة، فاسمه الكامل هو بوعزة المديوني الهراوي نسبة إلى قبيلة الهراويين بمديونة شرق الدار البيضاء. فكان له لقب الريكط بسحنة وجهه نقط. كان يعمل في نهاية القرن التاسع عش خادما عند الحاج بوشعيب المديوني، فانتقل من راعي ابله بمديونة الى قائد قوافله المحملة بالسلع من قمح وشعير وصوف وجلود وغيرها. من منطقة الهراويين  بمديونة إلى لمريسى عبارة عن خليج صغير كانت خلال القرن 19 ترسو فيه  بعيدا السفن السلعية ، و الكائنة حاليا بالمجال المعروف بدار بوعزة من اجل تسويقها للأجانب  ، هروبا من أداء الضرائب   بميناء الدار البيضاء، وربما مقايضة السلع  بالأسلحة ، خصوصا من لدن الانكليز المعروفين بصناعة سلاح المارتيني الذين كانت ترسو بواخرهم قرب لمريسى، وعندما هم بوشعيب المديوني للذهاب إلى الحج ، أوكل لبوعزة الريكط تجارته عبر لمريسى  للحلول محله إلى حين عودته، غير ان التاجر بوشعيب المديوني اختفى في ظروف غامضة . وهكذا استولى بوعزة الريكط على ممتلكات الحاج بوشعيب المديوني، التي قدرت بأربعين جملا منها الجمال الخاصة بحمل السلع الى مرفأ لمريسى. ففي وقت وجيز وبذكائه كون بوعزة قوة من العصابات، استطاعت الاستلاء على اراضي اولاد جرار الخصبة بالقوة.

 

الى اليوم يوجد بمدخل لمريسى مقبرة بها ضريح المعروف بمحمد مول الشط. وهكذا وجد بوعزة الريكط ضالته في محيط المريسى، حيث يتواجد ضريح محمدمول الشط الذي يقول عنه أحد العارفين، بأنه كان مخزناموال بوعزة الريكط، ولازال الى اليوم سكان دار بوعزة يتحدثون عن وجود كنوز مدفونة في مقبرة هذا الضريح، بل كثيرا ما يدور الحديث عن خزائن هي عبارة عن سبعة صناديق من الذهب من نوع للويز لازالت مطمورة في ارض المقبرة. 

 

ولما اصبحت لبوعزة الريكط سلطة ونفود وحماية اسبانية، قام بتشييد منزل كبير فوق ثل يطل على البحر- لازالت اثاره إلى يومنا هذا– بدعم من صهره عبد الله المديوني الذي كان يشغل عامل مديونة بالرغم وجود قانون يمنع البناء على الشواطئ. ودائماً حسب كتاب «عبير الزهور» لصاحبه هاشم المعروفي، فان السلطان العلوي المولى الحسن الأول قام بمراسلة عامل الدار البيضاء الطالب محمد بركاش آمرا إياه بهدم ما بني من منزل بوعزة وطالبا منه إخبار عامل مديونة لثني صهره بوعزة الريكط عن عملية البناء الذي يقع على مسافة ربع ساعة مشيامن المريسى وثلاث ساعات من الدار البيضاء. ولكن البناء لم يهدم لان بوعزة كان داهية وبلغ درجة كبيرة من الثراء، في حقبة كان فيها المغرب محط أطماع القوات الأجنبية، حيث عمد إلى الاحتماء بها للمحافظة على مصالحه.

 

تحكي الرواية الشفاهية ان منزل بوعزة او ما يعرف عند الساكنة بالقصبة او الدار والذي لا زالت اثاره شاهدة الى الان، تحتوي على العديد من المطامير بها كنوزا من الذهب من نوع للويز واسلحة ذات قيمة تاريخية. كم نسجت حكايات يتداولها سكان المنطقة ان الدار و مطاميرها الكثيرة يسكنها الجن و الافاعي والعقارب تحمي تلك الكنوز. كما لعب هذا المنزل دور قصبة وبرج لمراقبة السفن التجارية الاوربية، وكذلك مراقبة سفن القراصنة وسفن الحرب الاوربية، من اجل رصدها استعدادا لنهبها. و هكذا بدأ يتوسع عن طريق القوة بسيطرته على الاراضي الفلاحية التي كانت ملكيتها تعود لأولاد جرار. كان يستولي على الأراضي باستعماله القوة،يساعده في ذلك عدول من بينهم أحد العدول المحليين من دوار الحلالفة الشرقية والذين كانوا يقومون بعملية توثيق العقود زورا. كم تقول الرواية الشفاهية، كان له العديد من العبيد والحراس، كما كان له حلاق خاص به مخافة الاجهاز عليه. كان يكلف عبيدا لحفر المطامير لدفن خزائنه، وعند الانتهاء من عملية الحفر يقوم بقتلهم او طمرهم بمجرد الانتهاء من الحفر. بل احيانا كان يطمرهموهم أحياء وسط حيطان الطابية لكي  لا يفضحوا للعامة والخاصة عن كنوز بوعزة.

 

بعد وفاته سنة 1910، تقول الرواية الشفاهية ان ورثة بوعزة باعوا مساحات شاسعة من الاراضي الفلاحية،خاصة الساحلية منها، للسلطان العلوي المولى عبد العزيز، لكن المرجح الذي لم يخرج عن القاعدة، ان السلاطين كانوا يتركون (التركة) رجالات المخزن من قواد و عمال بل الاغنياء كذلك. وقد خلف ثلاثة أبناء وهم:الجيلالي وعبد الرحمان والزوهرة، ومع مرور الزمن قام السلطان العلوي المولى عبد العزيز، بتسليم كل ممتلكات بوعزة الريكط بما فيها القصبة / المنزل للصيدليGabriel Veyre، الذي قضى قرابة خمس سنوات في خدمة القصر السلطاني من سنة 1902 إلى سنة 1907. ولا نعرف كيف تمكن هذا الفرنسي الذي استطاع امتلاك الاف الهكتارات التي قام بتسجيلها وتحفيظها باسمه في رسم عقاري الى وفاته 1936. فتزوجت ابنته الوحيدة الوريثة موريس جاكي، الى حدود 1950 غادرت الاسرة الى فرنسا، بعدما باعت جزءا مهما من الاراضي الفلاحية والتي تسمى اليوم بلاد جاكي، وجزء اخر قامت الدولة باسترجاعه طبقا لمقتضيات ظهير 2مارس 1973 بالرغم من تواجد جزء هام من العقار المذكور في المدار الحضري للمركز المحدد لدار بوعزة المحدث بموجب المرسوم الوزاري المؤرخ في 21 يناير 1960.

 


المدلول الجغرافي لكلمة
الطماريس:

 


عند العودة الى المعاجم الجغرافية، نجد مصطلح طماريس في أصلها اللغوي ترجع الى اللغة اللاتينية،كانت تسمى تماري كوس تعني الشجر الصغير الكثيف،وحسب معجم المنهل فان أصلها عربي، من صحراءسيناء. كان هذا النوع من الغطاء النباتي يستوطن الشريط الممتد على طول الساحل من الغابة القريبة من الولي المعروف بسيدي عبد الرحمان، الى “كريار” بن عبيد، فغابة سندباد المحادية لأرض اولاد اجمل شاهدة على ان ضاحية الدار البيضاء كانت بها غابة شاسعة،وهناك اشارات في المعاجم تشير الى ان هذا النوع من الغطاء النباتي، ينتمي الى مجال حوض البحر الابيض المتوسط.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات