الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

محاولة لإستفزاز ما خفي حتى لا يصير أعظم

 

 

بقلم مصطفى المنوزي.

 

 

في الوقت الذي بدأ فيه هواة الإسلام السياسي ” الحداثي ” يستأنسون بمناخ العولمة المساعد ، وعلى إثر توقف المد المحافظ بإختلاف ألوانه وتمذهباته وملله وتمظهراته الدينية ، حتى انطلق عداد المراجعات وسيتفاقم خاصة لدى دعاة ” أسلمة الحداثة ” والتي سبق لشيخ أسرة الجماعة أن دعا إليها على أساس تشييد بديل يعتمد حداثة إسلامية من حيث ” الهيكل ” وليس الروح ، وهو نفَس شكلاني ببعد ” حقوقي ” و بسقف ” ليبرالي ” ، يؤطر التغيير المعلن ، ويختزل مهمة التحديث في مجرد ممارسات إجرائية تخص التحديث الإداري والرقمنة والتقنية ، وهو ما تجلى صراحة وبشكل أوضح في الوثيقة السياسية للجماعة ؛ وهو على أية حال نفس الإختيار الذي فشل فيه حزبا الأمة والبديل ، حيث يعود سبب الفشل في معظمه إلى دور العقل الأمني الذي يدرج مثل هذه الحركات ” الحداثية ” الهيكل وسيلة وليس غاية ، فهي تصنف منافسا مستقبليا داخل نمط الدولة / القبيلة ، ليس فقط في الشرعية الدينية ولكن أيضا على مستوى التكتيك والمناورة كحقيقة سوسيولوجية تعتبر النظام السياسي المغربي ليبرالي الشكل والمظاهر وهو في الحقيقة تقليداني البنية والجواهر .

 

ونفس الشيء ينطبق على التوجس من أسرة الجماعة والتي تزعم في وثيقتها السياسية وفاءها لولائها لشيخها ولا إختلاف بينهما سوى بنوع من الإنفتاح النسبي على الجذريين من بين اليساريين الحداثيين ، والذين لا يجمع بينهم سوى ملامح جرعات تحديثية تهم آليات الحكامة دون التخلي عن الحاكمية ، والتي لم تستطع مبادرة الأسرة التخلص منها وهو ما يؤكد تسييد الروح الدعوية والتي وإن كانت تتغيى تحرير الإنسان من العبودية للبشر ؛ فإنها لا تتصور المغربي مواطنا إلا في صيغة إنسان مؤمن صالح ومؤهل لعبادة الله وبوساطة الفقيه وولايته .

 

ولأن الطبقة الوسطى منهكة وهي التي كانت دائما مؤهلة لخوض الصراع الثقافي والفكري دفاعا عن التنوير والحداثة، وهذا بين من خلال تقلص حجم التمثيلية الجماهيرية ، وتراجع ريادة النخبة الحداثية اليسارية على مستوى القيادات والهيئات المهنية والإجتماعية ، ناهيك عن ترهل قيادات الأحزاب ؛ فإن الدولة تتحمل كامل المسؤولية في إيجاد صيغ لإستيعاب أي توتر ناتج عن تفاقم حدة التنافس – في ظل انبعاث وطفو التناقضات الثانوية داخل نفس الشرعية – وهي تستحضر الدور الذي لعبه العقل الأمني في إخلاء المجال للتيارات الإسلامية في الجامعات والفضاء العمومي ، منذ اربعين سنة خلت ؛ فهل يكفي النقاش المفتوح حول مدونة الأسرة لبناء تسويات وتجديد الإستقطابات وخلق التوزانات ؟ أم أن في الأمر إختبارا للقوة أو النوايا ، في ظل تراجع المتروبول العالمي عن مغازلة الحلفاء واستئجار العملاء ، وكذا التخلي عن إستعداء المتنافسين حول الشرعيات الدينية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات