الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

زيف خطاب حقوق الانسان و قانون الغابة

 

 

بوعسل شاكر/اسبانيا

 

 

كنا نتمنى و نحن نخلد اليوم العالمي لحقوق الانسان أن نتحدث عن مدى تقدم الدول و الشعوب في احترام مختلف الحقوق التي جاءت بها العديد من الاتفاقيات و المعاهدات الدولية، التي تعتبر نتاج لانتفاضة الضمير الانساني الكوني الذي ترجمته الحركات التحررية و الحقوقية العالمية في نضالاتها و تضحياتها حتى تم فرضها في شكل تشريعات و قوانين صادرة عن مؤسسات دولية و وطنية.

 

لكن للأسف الشديد و نحن نترقب محيطنا الدولي و الاقليمي نقر بأننا مازلنا بعيدين كل البعد عن مبادئ العدالة و المساواة و الكرامة الانسانية. و أننا أقرب الى قانون الغابة أكثر من أي قانون آخر لصالح الانسانية. و هنا أعود الى نفس المداخلة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في سنة 2020 أثناء الاحتفال بالذكرى 75 للأمم المتحدة حيث حذر غوتيريس قائلا: “اليوم نواجه ما حدث في عام 1945″. نحن بحاجة إلى المزيد من التعاون الدولي، وليس أقل من ذلك، نحتاج الى  تعزيز المؤسسات المتعددة الأطراف، وليس التخلي عنها، نحتاج الى حكامة عالمية أفضل وليس قانون الغابة الفوضوي”.

 

استشهادنا بمداخلة الأمين العام للأمم المتحدة ليس اعتباطيا، نظرا لرمزية هذه المؤسسة الدولية و دورها العالمي في حفظ الأمن و السلام في العالم و بين الشعوب. ليس اعتباطيا لأن قانون الغابة هو الذي يطبق، و أن السلام و الأمن هو فقط للأقوياء و أصحاب النفوذ الذين يتحكمون في هذه المنظمة العالمية و يتحكمون في السياسة الدولية. و خصوصا و أن منظمة الأمم المتحدة هي منظمة غير ديمقراطية و لا تضمن لكل الدول المنضوين تحث لواءها نفس الحقوق و الواجبات، و الدليل على ذلك حق الفيتيو الذي لا تمارسه الا القوى العظمى ذات التاريخ الاستعماري.

 

الأمثلة كثيرة التي تضرب خطاب حقوق الانسان في الصفر، و مؤشرات كثيرة تؤكد قانون البقاء للأقوى، لا الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان تحترم، و لا القانون الدولي يحترم، و لا تحترم أدنى الشروط الانسانية أمام توحش المصالح  الاستراتيجية للدول الاستعمارية و الامبريالية.

 

إن ما يحصل في فلسطين، في غزة بالأمس و اليوم و على مدى أكثر من 75 سنة الا مثالا من العديد من الأمثلة، حيث تمارس كل أشكال جرائم الحرب، و الابادة الجماعية و التصفية العرقية أمام أعين و مسمع المجتمع الدولي في غياب جواب صارم من طرف المنظمات الدولية و الاقليمية للظغط من أجل ايقاف هذه المجازر في حق الأبرياء من المدنيين و خصوصا الأطفال و النساء و المسنين. لا الاتحاد الأوربي تحرك كما فعل في حرب روسيا على أوكرانيا حيث فرض عقوبات قاسية على روسيا، لا الجامعة العربية بحكم انتماءها القومي انتفضت لنصرة أطفال و شعب غزة  و لا الاتحاد الافريقي و لا باقي الدول الا استثناءات قليلة.

 

كل هذا يدل على زيف خطاب حقوق الانسان من طرف المؤسسات الدولية كيفما كان نوعها، و أن شرعية هذه المؤسسات تسقط يوميا أمام الابادة الجماعية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، شرعيتها تسقط أمام التنديد اليومي لكل شعوب العالم لهذه البشاعة و الوحشية التي تهين كرامتنا و حسنا الانساني.

 

لا شرعية و لا مصداقية لخطاب حقوق الانسان في الأمم المتحدة  مادامت دولة واحدة تمارس حق الفيتيو من أجل الاستمرار في ابادة الشعب الفلسطيني و قتل أطفاله و رضعه و الباقي صامت راكع يقول آمين. و خصوصا اذا كانت هذه الدولة هي الولايات المتحدة الامريكية التي ترعى الصهيونية العالمية و تمول الكيان الصهيوني في مخططه الاستيطاني و تهجيره لشعب فلسطين. الدولة التي وقعت على 18 اتفاقيات دولية لحقوق الانسان و لكن لم تصادق الا على 5 منها، مما يدل على أنها تعيش على هامش الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان.

 

فالولايات المتحدة الامريكية على سبيل المثال، هي الدولة الوحيدة في العالم  التي ليست طرفا في اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1990 و التي تدعمها منظمة اليونيسيف، بالرغم من تبرير الولايات المتحدة أن هذه الحقوق مدرجة بالفعل في قوانينها، لكن من السهل اثبات أن هذا غير صحيح، حتى وقت قريب كانوا يطبقون عقوبة الاعدام على القاصرين. صحيح لم يعد يحدث هذا و لكنهم مازالوا يطبقون عقوبة المؤبد دون امكانية الافراج المشروط و هو ما يتعارض مع بنود الاتفاقية هذا الى جانب تصريح الولايات المتحدة بأن نص الاتفاقية يتعارض مع سلطة الآباء.

 

هناك مجموعة كثيرة أخرى من الاتفاقيات التي لم تصادق عليها، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة… تجدر الاشارة بالاضافة الى ما سبق أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تصادق على اتفاقية روما التي بموجبها تم احداث المحكمة الجنائية الدولية، و هذا مؤشر يتبث أنها دولة مارست في تاريخها و ما زالت تمارس جرائم الحرب و جرائم ضد الانسانية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

بالرغم من تعديل الموقف المشؤوم بعد احتضان رئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون دير لاين و رئيسة البرلمان الأوربي روبيرتا ميتسولا في زيارتهما للكيان المحتل و احتضانهما  لمجرم الحرب نتانياهو في دعم غير مشروط للكيان المحتل في الدفاع عن نفسه ضاربين بعرض الحائط كل مبادئ و قواعد القانون الدولي.  فإننا نؤكد أن لا شرعية لخطاب حقوق الانسان الذي يتبجح به الاتحاد الاوربي مادام أنه غير قادر أن يتخذ موقفا صارما و مسؤولا  من كل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان دون تحريك ساكن. لا الإدانة تكفي و لا تزييف المواقف ينفع و خصوصا و أن الاتحاد الاوربي من المنظمات الدولية القادرة على الظغط بشكل قوي على الكيان الصهيوني بقطع كل أشكال العلاقات الديبلوماسية و تجميد كل الاتفاقيات التجارية.

 

إن زيف خطاب حقوق الانسان يمتد كذلك  الى الدول العربية و الاسلامية و منظماتها، ففاقد الشيئ لا يعطيه، الأغلبية الساحقة للأنظمة العربية هي أنظمة غير ديمقراطية، تابعة للولايات المتحدة الأمريكية و تأتمر بأوامرها، لا الخطاب القومي يجدي و لا حتى الخطاب الديني ينفع. فقط نقول لجموع المطبعين مع الكيان الصهيوني أن ينتظروا دورهم، هو نفس الذئب و أنتم نفس الكباش، لا تختلفون عن العراق و سوريا و لبيبا و اللائحة طويلة… إن لم تستيقظوا فهي مسألة وقت فقط.

 

في هذه الذكرى الحزينة  أعلن بصوت عالي  عن كفري بخطاب جقوق الانسان لكل المؤسسات الدولية و الاقليمية و الوطنية ما دام أطفال و شعب غزة و فلسطين يتعرضون للتقتيل و التهجير و الابادة الجماعية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات