التعليم بالمغرب،
من إصلاح «الأزمة» إلى أزمة «إصلاح»
عبد المولى المروري – كندا
ملاحظة: هذا المقال جمعت فيه ما تفرق في مقالات سابقة، ارتأيت جمعها في مقال واحد نظرا لراهنية الأحداث التي يعالجها، وتكامل تلك المقالات حول موضوع أزمة الإصلاح بصفة عامة، وأزمة التعليم بصفة خاصة ، مع تحيين بعض المعطيات حتى تناسب الأحداث الراهنة..
هل يمكن أن يختلف اثنان، ومنذ فجر الاستقلال، أن معظم “مشاريع الإصلاح” بالمغرب باءت بالفشل، وليس أي فشل، بل باءت بالفشل الذريع.. ولا تكاد تذكر مجالا كان موضوع إصلاح، إلا وصاحبه فشل وإخفاق وهدر للمال والوقت، وتبادل الاتهامات … دون نتيجة تذكر ..
لذلك فهي «أزمة إصلاح» قبل أن تكون أزمة سياسية أو أزمة اقتصادية أو أزمة في قطاع التعليم، فالخلل كامن في «الإصلاح» نفسه، حتى غدا هذا «الإصلاح» أزمة في حد ذاته.. وظلت تلك سمة ملازمة لكل مشاريع «الإصلاح» بعد الإفشال المتعمد والمقصود للمشروع الإصلاحي لحكومة عبد الله إبراهيم..
فالتجربة السياسية والاقتصادية والتنموية الوحيدة والفريدة والناجحة هي التي ظهرت مع حكومة عبد الله ابراهيم (التي لم تتجاوز السنتين)، وتم إفشالها بطريقة دراماتيكية غريبة، أدى ثمنها المغرب، شعبا ودولة ومؤسسات، إلى يومنا هذا..
بعد التآمر على حكومة عبد الله ابراهيم دخل المغرب في نفق مظلم، كانت أبرز ملامحه، اغتيال المهدي بن بركة (1965)، إعلان حالة الاستثناء (يونيو 1965) على إثر احتجاجات الدار البيضاء بسبب مذكرة وزارة التربية الوطنية، وقوع انقلابين دمويين (1971-1973) اغتيال عمر بن جلون (1975)، مشكلة الصحراء المغربية وظهور جبهة البوليزاريو، وسنوات الرصاص، أحداث 1981 بالدار البيضاء، الجفاف ودخول المغرب مرحلة القويم الهيكلي (1982)، والعديد من الاحتجاجات التي طهرت في كل من فاس، مراكش، والشرق المغربي.. إلى أن ظهر انفراج نسبي سنة 1994، والتصويت على دستور 1996، وظهور حكومة التناوب الأول الذي فشل مع انتخابات 2002..
كما دخل المغرب بشكل غير مفهوم في حرب ضد الإرهاب بدأت مع أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، وعرفت هذه المرحلة انتهاكات جسيمة وخطيرة لحقوق الإنسان، ولم تتوقف إلا مع ظهور الربيع العربي وحركة 20 فبراير، ليدخل المغرب إلى مرحلة سياسية جديدة بدستور جديد (2011)، هذا الدستور الذي عانى من سوء التنزيل وتآمر فلول الدولة العميقة التي رجعت بقوة في انتخابات 2015 ، ويتم بعد ذلك إفشال التناوب الديمقراطي للمرة الثانية.. ودخول المغرب في موجة جديدة في أزمات اجتماعية وانتهاكات حقوقية ومصادرة حرية الرأي والتعبير ظهرت ملامحها بقوة بدءا من سنة 2017 في محاكمات شباب الريف واعتقال الصحافيين وعلى رأسهم توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي والعديد من المدونين والحقوقيين، ومو أبرزهم النقيب محمد زيان.. وإلى يومنا هذا..
وخلال كل هذه الأزمات والصراعات، فشلت كل مشاريع «الإصلاح» الأخرى، وعلى وجه الخصوص تلك التي همت مجال التربية والتعليم ونذكر منها:
1 اللجنة الرسمية لإصلاح التعليم 1957
2 اللجنة الملكية لإصلاح التعليم 1958-1959
3 المخطط الخماسي 1960-1964 (اللجنة المكلفة بإعداد مخطط التعليم)
4 مناظرة المعمورة 1964
5 المخطط الثلاثي (1965-1967)
6 مناظرة إفران الأولى (1970) ومناظرة إيفران الثانية (1980)
7 المخطط الخماسي (1985-1981)
8 مشروع الإصلاح 1985
9 الهيئة الخاصة لإصلاح التعليم
10 الخطاب الملكي 6 نونبر 1995 الذي داعى إلى تشكيل لجنة خاصة للعمل بميثاق.
11 الميثاق الوطني للتربية و التكوين 1999-2010
12 البرنامج الاستعجالي (2012-2000)
13 الرؤية الاستراتيجية (2015-2030).
إضافة إلى تلك التي همت مجال الزراعة والفلاحة، بدءا من خطاب محمد الخامس في 13 شتنبر 1957، وفشل عملية التويزة (1957-1959)، وتأسيس الصندوق الوطني للقرض الفلاحي (1961)، وخطاب الحسن الثاني في 3 مارس 1962، وتأسيس المعهد الوطني للبحث الزراعي (1962)، وقرار استرجاع جميع أراضي الاستيطان الزراعي الرسمي، حيث مرت هذه العملية بمرحلتين : مرحلة 1963- 1966، و المرحلة الثانية ابتداء من 1973، وتأسيس شركتي صوديا وسوجيطا، وتوزيع الأراضي في إطار الإصلاح الزراعي ما بين 1965 و 1975، وتوزيع هذه الأراضي على كبار السياسيين والعسكريين، وقرار سقي مليون هكتار (1967) في أفق سنة 2000، بهدف التحكم في تأثير التقلبات المناخية، بضمان تزويد البلاد بالماء، و من ثم المساهمة في تحسين الإنتاج الفلاحي و تنوعه، وتدشين سياسة السدود في السنة نفسها. وقانون الاستثمارات الفلاحية (1969)، واستمرار سياسة بناء السدود في عهد محمد السادس، وانتهاء بالمخطط الأخضر الذي نعيش حاليا بعض تمظهرات فشله، خاصة مع الموجة الجديدة من الجفاف والحرب الروسية الأوكرانية ..
ناهيك عن فشل مجالات حيوية أخرى التي تهم الاقتصاد، ومشاريع الخصخصة، وقطاع الأبناك والعدالة الضريبية، وقطاع الصحة والصيدلة والأدوية …
الجامع في كل هذه المجالات وطوال كل هذه العقود، هو متتالية الفشل التي ميزها ولم ينفصل عنها ولو لحظة واحدة.. وهنا يفرض هذا السؤال نفسه على طول هذا المسار .. هل هذا الفشل طبيعي وعادي؟ أم إنه مقصود مخطط له؟ وإلا بماذا نفسر كل هذا الفشل المستمر والمتواصل؟ لذلك تحولت كل مشاريع «الإصلاح» إلى أزمة «إصلاح»،أي إلى مشاريع «إفشال» دون أن نجد تفسيرا مقنعا لذلك!
والسؤال الذي يحيرني أيضا، ويحير كل الأجيال التي تعاقبت وكانت شاهدة على فشل كل السياسات التعليمية، منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، لماذا هذا الفشل وهذا التعثر المستمر والمتواصل؟ كيف لم تستطع بلادنا وضع رؤية تعليمية ومناهج دراسية وخطة تربوية تحقق الإقلاع المنشود والتنمية المطلوبة؟ هل كل هذه الإخفاقات كانت صدفة، وبسبب أخطاء بريئة؟ ألا تتوفر البلاد طيلة 66 سنة على خبراء وعلماء ومتخصصين في مجال التربية والتعليم من أجل إصلاحه وتطويره وجعله قاطرة للتقدم وجسرا للرقي؟ أين مئات خريجي الجامعات في مجالات علوم التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع … أين المدرسين والمفتشين والأساتذة الجامعيين الذين أنفقت عليهم ” الدولة ” أموالا طائلة، هل ضاع كل ذلك ” هباء منثورا “؟
أجد أنه من الغباء الاعتقاد أن بلادنا عقيمة إلى هذا الحد في إنجاب خبراء لهم القدرة على إصلاح منظومة التعليم، والدليل على ذلك أن العديد من أبناء وطننا أبانوا عن عبقرية ونبوغ في مجالات متعددة انتفعت بها أمم أخرى غيرنا، فالوطن ليس عقيما، بل إنه قادر على إنجاب الآلاف من أبناءه البررة، ليس من أجل إصلاح التعليم فقط، بل من أجل إصلاح البلاد والدولة برمتها… والإشكال ليس في عدم قدرة أبناءه وخبراءه على إصلاح منظومة التعليم، وإنما في عدم توفر الإرادة اللازمة لدى مسؤوليه واستنكافهم عن إصلاحه عن حق وحقيقة وبكل مسؤولية.. لذلك من السذاجة أن نصدق أن كل هذه المشاريع عبارة عن أخطاء تتعدد، وإنما هو استهداف متعمد..
لذلك، وإلى حدود الساعة سيظل قطاع التعليم في المغرب فاقدا للبوصلة، تائها في ظلمة الأزمات المتعاقبة والمتلاحقة، دون أن يلوح في أفقه القريب أو البعيد حل لأزماته أو جواب لمشكلاته، رغم أنه يصنف منذ أمد بعيد ضمن الدول المتأخرة جدا وفي ذيل الترتيب الدولي في مجال التعليم حسب التقارير الدولية، الأمر الذي يشكل كارثة عظمى.. ولا يشكل أي خجل أو حرج لدولتنا المحترمة!
فلا أدري كيف تُدعم قطاعات لن تصل إلى مستوى أهمية التعليم بأموال طائلة مثل الصحافة والرياضة والسياحة ( وأنا لست ضد ذلك مبدئيا ) ولا تنفق نصف المبلغ على تجهيز المؤسسات التعليمية بكل التحهيزات الضرورية والمستعجلة، فإذا كانت للدولة القدرة المادية على دعم هذه القطاعات، فلماذا تشكو العجز عندما يتعلق الأمر بقطاع التعليم؟
والجواب، للأسف، أن الدولة تعالج قضية التعليم بخلفية مغرقة في التخلف والرجعية، فهي تعتبره عبئا عليها، ويثقل كاهلها همًّا وإنفاقا، وفق المنظور الذي سوقته لها المؤسسات المالية المانحة والضاغطة، ولا تعتبره واجبا وطنيا واستثمارا بشريا ومستقبلا تنمويا… وعندما تغير الدولة نظرتها تلك ستجد الخبراء من أبناءها جنودا مجندين من أجل إصلاحه..
فكلما أمعنت النظر في مجموع القرارات التي انخذتها وزارة التربية الوطنية خلال تاريخه المعاصر، سواء في عهد الحسن الثاني أو في عهد محمد السادس، إلا وتأكد للملاحظ والمتابع أن هناك توجه غامض وإرادة غريبة في عدم إيجاد حلول حقيقية وجيدة لأزمة التعليم في ظل هذه الأزمات المتلاحقة والمتوالية، وهذا ما تأكد فعلا مع النظام الأساسي الأخير، المنسوب إلى شكيب بنموسى، موضوع إضرابات قطاع التعليم حاليا، حيث زاد من كشف عورة هذا القطاع ونوايا مسؤوليه من خلال التدابير والقرارات المتخذة، والمنهجية المعتمدة في كل ذلك… وتعيين شكيب بنموسى ليس صدفة أو أمرًا عبثيا.. بل جاء تعيينه تنفيذا لمشروع خطير، وخدمة لمهمة معينة.. بدأت بإقصاء من هم فوق الثلاثين من العمر عن ولوج مهنة التعليم! ولن يقف هناك قطعا..
وأنا لا أجد كارثة أعظم من أن يتولى شخص مثل شكيب بنموسى قطاع التربية والتعليم، فهذا الشخص لا ولاء له للوطن، فولاءه لفرنسا دون جدال، انطلاق من جنسيته الفرنسية، وقسمه لهذه الدولة بالولاء لها، وإطلاع سفيرة فرنسا على مسودة النموذج التنموي قبل الملك.. وولاءه لمنطق الربح والتجارة، وليس أي تجارة، فلقد كان مديرا لشركة بيع الخمور، المنتوج المخرب الأول للعقول والأخلاق والأسر والعلاقات الاجتماعية.. وولاءه للعقل الأمني الذي عالج به العديد من الأزمات الاجتماعية، وعلى رأسها أحداث سيدي إيفني.. فثلاثية بنموسي هي كالآتي: 1/ فرنسي الولاء، 2/ تجاري (تجارة الخمور) الأهداف، 3/ أمني في العقل والتدبير .. فهل يرجى من هذا الشخص خيرا سواء للتعليم أو للوطن؟
على الدولة –إن كانت جادة بما يكفي، ولها رغبة في رفع هذا الاحتقان– أن تراجع حساباتها وأولوياتها، وأن تعتبر أن الاستثمار في التعليم هو استثمار من أجل الوطن، وبالتالي يستدعي ذلك إفراغ الجهد والمال في دعمه والإنفاق عليه دون حساب، باعتباره أولى الأولويات، وليس في أدنى الاهتمامات، واستدعاء مخلصي هذا الوطن من علماء ومفكرين وتربويين من أجل النهوض بهذا القطاع الاستراتيجي، وعملية الإصلاح هاته كي تكون ناجحة، لابد أن تكون ضمن إصلاح عام وشامل، سياسي ودستوري واجتماعي.. يكون التعليم ضمن أولوياتها الأولى..
ولكن الدولة –للأسف الشديد مرة أخرى– في هذا المسار كانت ولا تزال منسجمة مع نفسها، لم تبدل ولم تغير، فمشروعها يقف على أربع أسس كبرى، بدأ إبان الوجود العسكري والثقافي والاقتصادي والإداري والسياسي الفرنسي بالمغرب، واستمر بعد خروجه العسكري وبقاء العناصر الأخرى العميلة والخادمة للمشروع الاستعماري الفرنكو/صهيوني والمتحالفة مع الأوليغارشية المغربية التي ظهرت بعد الاستعمار، هذه الأسس الأربعة هي:
1/ التبعية والولاء لفرنسا،
2/ العلاقة الاستراتيجية مع الكيان الصهيوني/اليهودي،
3/ هيمنة الدولة العميقة ورجالاتها على عصب الاقتصاد الوطني، وتحويل الشعب المغربي في مجموعه إلى زبون لها،
4/ العمل على تدجين الشعب فكريا وثقافيا وتعليميا لتسهيل عملية ترويضه واقتياده…
لذلك لا يمكن أن نراهن على عدول الدولة عن مشروعها ومخططاتها تلك، ولا يمكن أن نتوقع أي إصلاح حقيقي، لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد، ومن السذاجة والغباء أن نتوقع إصلاحات قائمة على التوافقات والتفاهمات، سواء تعلق الأمر بالتعليم أو بغيره .. فالدولة في حلتها وحالها هاته، ومثل كل الأزمات والصراعات السابقة، يمكن أن تناور، أو تحدث انفراج مؤقت (1994)، أو تدخل في توافق ناقص (1996)، أو مهادنة عابرة (2011).. حسب ما تقتضيه الوضعية السياسية والاجتماعية، دون التخلي عن مرتكزاتها وأسسها السياسية والثقافية والأمنية …
والدولة واضحة وصريحة في عدم رغبتها في أي إصلاح حقيقي، وهذه حقيقة كشفت عنها بعد انتخابات 8 شتنبر الأخيرة، وقراراتها المتمثلة في سحب مشاريع قوانين تحارب الريع والفساد، وتغول لوبي المحروقات بمباركة الدولة العميقة، وانتشار التفاهة الإعلامية على أوسع نطاق، وانهيار منظومة التعليم… وأنكى ما قامت به الدولة هو تهميش النخب المثقفة والعلمية، وقتل الثقافة الجادة، واغتيال السياسة وتدجين الأحزاب، وإدخال الصراعات السياسية إلى حلبة الابتذال السياسي.. وهذا ما يفسر انعدام الثقة لدى الأساتذة المضربين في كل الوعود والحلول التي تقدمها الحكومة نيابة عن الدولة.. خاصة بعد الخرجة الإعلامية الرعناء والمستفزة –كعادته– التي قام بها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وتخبط وضعف كلام رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ومن بعده فوزي لقجع وزير الميزانية (ورئيس الجامعة الملكية لكرة القدم)..
وتبقى من الأمور المرعبة، وبعد 66 عاما من الاستقلال، أن يقف الشعب المغربي على حقيقة مؤلمة، كشفتها كل الأحداث والوقائع اللاحقة، وخاصة جائحة كورونا، أن هذا الشعب الذي لا يزيد تعداد سكانه عن أربعين مليون نسمة، يعيش فيه أزيد من عشرين مليون فقير.. حقيقة صادمة بكل المقاييس، 66 سنة من الأزمات والتضحيات والمشاريع والمخططات والصراعات السياسية .. أنتجت لنا عشرين مليون فقير من أصل أقل من أربعين مليون مواطن مغربي!! أين الخلل؟
طبعا المسؤولية يتقاسمها الجميع، فإلى جانب الدولة، النخب السياسية والثقافية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، بعد أن قررت إما العزلة والابتعاد، أو التماهي والانصياع، أو المهادنة والخنوع، ودخلت في غالبيتها، وباختيارها في لعبة ومناورات الدولة، وما دام هذا هو اختيار وقرار هذه النخب، فلا مجال للحديث عن أي إصلاح قريب أو مرتقب، لأن مهمة بناء الوعي والرفع من نضج الشارع والشعب موكول لهذه الفئة، فهي التي باستطاعتها تنوير الشعب، ومرافقته في طريق المطالبة بالتغيير والإصلاح، كما فعل مثقفو وعلماء عصر الأنوار بأوروبا خلال القرون 14 و15 و16 إلى غاية الثورة الثقافية والصناعية… لقد كان المثقفون على رأس من قدم أكبر التضحيات وأخطرها من أجل أن تنعم أوروبا والعالم الغربي بما تعيشه من ديمقراطية سياسية وتقدم اقتصادي ورفاه مادي … ويبدو أن نخبنا السياسية والثقافية والعلمية ليس عاجزة فقط عن القيام بواجبها نحو استنهاض الشعب وقيادة الإصلاح، بل إنها معرضة عن ذلك بإرادتها ورغبتها الحرة، إما خوفا أو استفادة من مصلحة أو تواطؤا، إلا من رحم الله، وهم قلائل ومحاصرون وملاحقون..
فأزمة «الإصلاح» الشامل بالمغرب، ولا سيما أزمة «إصلاح» التعليم، مرتبط بعدم رغبة الدولة له، وعدم تحمل النخبة السياسية والثقافية لمسؤوليتها بالشكل المطلوب نظرا لارتفاع تكلفته وخطورة ولوجه بالطريقة الصحيحة .. لذلك، لن تقوم للإصلاح قائمة في الزمن المنظور، والأزمة مرشحة للاستمرار والتفاقم إلى أن تظهر نخب جديدة من رحم هذا الوطن، لها من الشجاعة والجرأة من أجل تأطير الشعب، وكذا فرض مشاريعها الإصلاحية على أرض الواقع بمنسوب مرتفع من الجهود والتضحيات العظيمة، فإلى ذلك الحين، أسأل الله أن يخفف عنا وعنكم هذه الأزمة ..
وأخيرا .. من أغرب الأمور أن يتحول في المغرب «الإصلاح» إلى «أزمة إصلاح».