الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مغربة الصهيونية
من أجل صهينة المغرب

 

 

عبد المولى المروري – كندا

 

هذا المشروع هو أخطر ما يعيشه الشعب المغربي الآن؛ «مغربة الصهيونية» من خلال تجنيد مجموعة من الإعلاميين وأشباه المثقفين والمفكرين والسياسيين المغاربة.. حيث يقوم هؤلاء بتبني الفكر الصهيوني، والخطاب الصهيوني، والتحليل الصهيوني.. والترويج لكل ذلك من خلال أنشطتهم، وفي منابرهم وكتاباتهم.. وتكمن الخطورة أساسا في شكل التعبير عن ذلك باعتماد لغة المغاربة، وأسلوب المغاربة، وطريقة المغاربة.. وباختصار شديد ؛ يمارسون الصهيونبة على الطريقة المغربية ليسهل اختراق مناعة المغاربة التي تصدت عبر عقود لكل أشكال الاختراق الفكري والثقافي والسياسي..

 

فبعد أن ظل عقل الشعب المغربي – عقودا من الزمن – حصنا منيعا ضد كل عمليات الاختراق، أصبحت الآن عملية اختراق تلك الحصون تتم من داخلها، باستهداف شريحة اجتماعية تتميز بالسطحية في التحليل والبساطة في الفهم.. خاصة تلك الفئة التي ولدت بعد اتفاقية أوسلو، والتي لم تعايش أو تحضر أو تعاين النضالات والنقاشات وكل الأنشطة التي كانت تتناول القضية الفلسطينية على منهج الممانعة والمقاومة، فتكونت لديهم أفكار ملتبسة، ومعلومات مشوهة وناقصة عن القضية الفلسطينية، ولتحقيق ذلك الغرض يتم استخدام وتوظيف أشخاص باعوا ذمتهم، وقتلوا ضمائرهم، وتاجروا في القضية الفلسطينية إشباعًا لغريزة الاغتناء السريع أو تلبية لحقد إديولوجي مقيت..

 

لقد لعبت السياسات الرسمية دورا مهما في تسهيل عملية الاختراق، وشراء عملاء إعلاميين ومثقفين لخدمة المشروع الصهيوني .. بعد أن مهدت اتفاقيات التطبيع عملية الولوج السلس والخفي إلى المجتمع المدني، والتواصل مع مختلف الشخصيات الإعلامية والثقافية ذوي الميولات الانتهازية، حتى تتم مغربة الصهيونية عن طريق شخصيات غير رسمية، وعبر مؤسسات المجتمع المدني تسهيلا لهذا لاختراق، بدل المؤسسات الرسمية للدولة.. رفعا للحرج عنها..

 

يبدو أن مغربة الصهيونية (أو الصهيونية على الطريقة المغربية) مرت عبر عدة مراحل شاقة وصعبة حتى تصل إلى ما وصلت إليه من وقاحة في الطرح، ورعونة في التعبير، ومكر في الوسائل والأساليب، وخبث في الأهداف والمرامي.. إلى أن أصبح الترويج الفج لنظرية الخيانة في وجه كل من وقف ضد التطبيع أمرًا سهلا ومتيسرا يستعمله عملاء الصهيونية بالمغرب، باعتبار أن من ضد التطبيع هو بالضرورة ضد مصلحة البلاد والوطن.. ويصبح الصراع حول التطبيع محصورا بين شخصيات وهيئات المجتمع المدني والإعلامي فقط، تحت رقابة ومتابعة الدولة التي تنأى بنفسها عن الخوض فيه..

 

التطبيع الرسمي باب تم فتحه لربط جسور التواصل بين هيئات وشخصيات المجتمع المدني والإعلامي والرياضي .. ليقوم رواد هذه المجالات بما لا قبل للدولة به.. وحتى يصبح التطبيع مسألة مدنية تهم المجتمع، وليس قضية رسمية تحرج الدولة..

 

1/ صهينة الاعتراف بمغربية الصحراء:

 

بِخبثٍ كبير تم ربط اعتراف الكيان الصهيوني بمغربية الصحراء بالمصلحة الوطنية وما يجر ذلك من مكاسب سياسية، وحماية أمنية، وتنمية اقتصادية… وغير ذلك من الأوهام والأحلام.. ومن تم، فإن أي تشكيك في اعتراف الاحتلال الصهيوني بمغربية الصحراء، أو الاعتراض عليه هو بمثابة التشكيك في مغربية الصحراء، والتخندق الآلي في معسكر العدو الانفصالي وحاضنته الجزائر.. حسب هؤلاء، لتنطلق أدوات وآليات التشكيك والاتهام بالخيانة … إلى درجة شعور تيار الممانعة بالارتباك والتردد أو الضعف، أو هكذا يتمنى المطبعون الأمر، أو يبدو لهم ..

 

لقد تم اللعب بورقة الصحراء المغربية، والاعتراف (الوهمي) للصهاينة بمغربيتها بطريقة إبليسية تدليسية محضة، جعلت رفض التطبيع ومناهضته رديف التشكيك في مغربية الصحراء وضد المصلحة الوطنية.. أي إنزال كل شخص ضد اعتراف الصهاينة بمغربية الصحراء منزلة ومرتبة وحكم من لا يعترف بأحقية المغرب في الصحراء..

 

لقد تم ربط التطبيع ربطا تعسفيا بقضية المغرب الأولى، قضية الصحراء المغربية التي تُعتبر «النظارة التي يرى بها المغرب العالم» من حوله.. وبذلك يقع رافض التطبيع في فخ خيانة الوطن!! وهكذا لن يجرأ أي مغربي على استنكار أو رفض أو مناهضة التطبيع علانية.. أو في قرار نفسه.. حتى لا يُتهم بالخيانة! والعجيب لا الاحتلال الصهيوني اعترف رسميا بمغربية الصحراء، ولا المطبعون تركوا الممانعين يعارضون التطبيع!!

 

2/ التدليس والشيطنة بين مفهومي جريمة الإرهاب وحق المقاومة والتحرر:

 

جرائم الإرهاب من الجرائم الذي تفزع الشعب المغربي من جراء تعرضه للبعض منها، ولتوالي الكشف عن خلايا التنظيمات الإرهابية والإعلان عنها عشرات المرات من طرف إدارة الأمن الوطني، مع إظهار وجوه ملثمة وأجهزة تنسب إليها، والتوسع الإعلامي في معالجة تلك الأخبار .. وبذلك تَكَوَّن موقف شعبي مغربي يستهجن الإرهاب.. وهذا أمر معروف في مجال علم النفس وعلم الاجتماعي.. كيف يتم صنع رأي عام معارض، أو متقبل لما يُعرض له ويتعرض إليه من جراء الضغط والتكرار..

 

في هذا السياق تحاول الصهيونية على الطريقة المغربية أن تستغل هذا الأمر وإلصاق صورة الم/ق/او/مة بالإرهاب، واعتبار عملياتهم هي عمليات إرهابية وليس أعمال م/ق/او/مة مشروعة وقانونية.. وبالتالي إلصاق وصف الإرهاب بحركة ح/م/ا/س..

 

الغريب في الأمر أن هذا الموقف أو هذه الصورة تتماهى مع ما يسوق له الكيان الصهيوني وحاضنته حكومة أمريكا وبعض أنظمة وحكومات الدول الامبريالية الغربية، وأخص بالذكر بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.. دونهم من دول وشعوب العالم.. فلا دول أمريكا اللاتينية تعتبر ح/م/ا/س إرهابية، ولا الدول الأسيوية، ولا الدول الإفريقية،ولا روسيا، ولا الصين، ولا أوروبا الشرقية، ولا الدول العربية باستثناء دولة الإمارات العربية التي تم إنشاؤها في سبعينيات القرن الماضي، أي بعد صناعة كيان الاحتلال نفسه..

 

والأغرب من ذلك كله أن الدولة المغربية نفسها لم تجرؤ على اتهام حركة ح/م/ا/س وأنشطتها بالإرهاب، فالعالم بأسره، باستثناء ما تم ذكره يعترف للحركة بأنها حركة تحرر وطنية ضد الاحتلال كما تنص على ذلك القوانين الدولية ذات الصلة.. والمصيبة أن من يدخل ضمن ذلك الاستثناء هم المطبعون العرب، وفي مقدمتهم مطبعو المغرب الذين لا يألون وسعا ولا يدخرون جهدا في إلصاق وصف الإرهاب على حركة المقاومة مستغلين ما لهذا الوصف من تأثير سلبي على مخيال ووجدان الشعب المغربي، أو هكذا يتوهمون ..

 

والخلاصة أن مغربة الصهيونية يقتضي وصف حركة المقاومة الإسلامية ح/م/ا/س بالإرهاب، وهو تنفيذ خالص للمشروع الصهيوني بالمغرب لمحاصرة وترهيب أي تضامن مع أي مقاومة مشروعة وقانونية وفق القانون الدولي الذي لا يعرف عنه الشعب المغربي شيئا، أو قل إلا القليل.. فالجهل بالقانون الدولي، والجهل بتاريخ القضية الفلسطينية، وزخم الإعلام التدجيني .. وغير ذلك هي أهم وسائل التدليس على الرأي العام المغربي ولا سيما الشباب والبسطاء وعوام الناس.. فيلتبس عليهم الأمر، ويخف أو، أو يتوقف تضامنهم، ويتحول ذلك التضامن إلى الجهة الأخرى ..

 

لذلك فأصحاب مغربة الصهيونية يبررون كل الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الكيان تحت مسمى الدفاع عن النفس، ويحملون المسؤولية الكاملة لحركة ح/م/ا/س، متهمينها باقتراف جرائم قتل واختطاف ضد المدنيين والأطفال، واستعمال أهل غزة كدروع، بتوظيف حرفي لقاموس الكيان بكل حرفيته ومفاهيمه المسمومة والمزورة..

 

3/ دور تيار الممانعة المغربي:

 

أمام المشروع الخطير الذي يتجه نحو مغربة الصهيونية بالمغرب، لابد أن يتحمل تيار الممانعة الرافض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني مسؤوليته سريعا من أجل فضح هذا المشروع، للأسف هذا التيار يبدو غير منظم بما يكفي، وغير مؤثر بما يكفي.. رغم المحاولات والأعمال المضادة التي يقوم بها.. إذا ما استثنينا الممانعة التي يقوم بها الشعب المغربي بطريقة عفوية ومواقف انطباعية وعاطفية..

 

فبملاحظة بسيطة والنظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والمنصات الإعلامية المحترفة والمدعومة التي يشتغل فيها رواد مشروع مغربة الصهيونية نجد أن هناك إصرارا في المجهود، وتنسيقا في العمل، واستعمال معلومات تاريخية مزورة، وتدليس في التحليل، واللعب على بساطة فكر الشعب وجهل جزء كبير منه بالتاريخ والقانون..

 

فلا يجب ترك الشارع المغربي لانطباعاته الشخصية وتعاطفه الإنساني مع القضية، بل يجب أن يدعم ذلك بتنظيم أنشطة ولقاءات مستمرة باستمرار هذه الجرائم، وبتنوع يراعي مختلف المستويات الثقافية والأعمار للشعب، وباحترافية وتركيز يقيه ويحميه من حملات التدليس والتزوير التي يتقنها رواد مغربة الصهيونية. ويجب أن تتطرق هذه الأعمال إلى تاريخ القضية الفلسطينية، ونظر القانون الدولي لأعمال المقاومة في ظل الاحتلال، والمواقف الشرعية والدينية لهذه القضية.. وغيرها من الأنشطة التي تجمع بين التعاطف الإنساني المطلوب والنضال المبني على العلم والمعرفة.. فالبعد الإنساني في النضال يشتد عوده وتتقوى شكيمته بالعلم والمعرفة، ويحدث أثره وفعاليته بالحركة والفعل الميداني..

 

فإذا توانى تيار الممانعة عن القيام بذلك فسيتحول المشروع – لا سمح الله – من مغربة الصهيونية إلى صهينة المغرب وهم مصرون على ذلك..

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات