الجيد لا يمد يده لجيب غيره

مبارك المتوكل/المغرب

زلزال الحوز لم يفضح هشاشة البنية التحتية لدولة يمتد عمرها من ماسينيسا وجوبا الأول وجوبا الثاني؛ بل فضح أيضا عجز الحكومة الموقرة والحكومات التي سبقتها عن تصور مخرج من الأزمات والكوارث التي سببتها السياسة الحكومية الهوجاء باعتمادها اختيارات لا تراعي إلا مصالح مكوناتها.

مما أكد أن الحكومة الحالية وطريقة تفاعلها مع الكوارث طبيعية كانت أو من فعل البشر تعبر دائما عن عجزها لأنها هي أكبر كارثة أصابت إثارها الشرائح الدنيا من الفئات الكادحة المعرضة للاستغلال، من عمال وعاطلين وتجار صغار وفلاحين معوزين، كلهم ضحايا كوارث الجفاف والوباء والبطالة وتحالف الزلزال.

وحكومة أخنوش بعجزها وسوء تدبيرها الذي كرس التقسيم الاستعماري للوطن إلى مغرب نافع فيه اقاماتهم ومشاريعهم ومغرب غير نافع أهله ساكنو سفوح الأطلس والمناطق القاحلة المحيطة بها والمناطق الصحراوية والشبه الصحراوية حيث لا تؤدي إليها طريق معبدة إلا إذا كانت تمكن من استخراج ما في أرضنا من مناجم كوبالت أو ذهب أو فضة …

واليوم وقد حلت كارثة الزلزال بمناطق لم تكن تذكر إلا كفرص للسياحة القليلة الكلفة فتحولت بجبالها ووهادها إلى ركام من التربة والحجارة انهالت على الساكنة فلم ينج منهم إلا القليل.

وإذا كان المواطنون قد هبوا كل حسب قدرته وإمكانياته إلى نجدة إخوانهم بالحضور أو المساهمة أو بهما معا ولم يغب عن الساحة إلا الحكومة برئيسها ووزرائها الذين اجتهدوا فأبدعوا بلجوئهم إلى جيوب الموظفين الذين وكلت إليهم مسئولة احترام وحماية حقوقهم. ويتم ذلك في وقت كانت فيه الشغيلة تنتظر من الحكومة الوفاء بالوعود التي لا تثقن إلا التنصل منها.

صحيح أن الرزء فادح وأن الحكومة ادعت أنها ستستشير الموظفين قبل الاقتطاع من أجورهم، لكن لدينا تجربة التطوع للمساهمة الاختيارية التي مكنت من بناء مسجد الحسن الثاني.

المفروض أن شهر شتنبر هو موعد الحوار الاجتماعي مع الفرقاء الاجتماعيين الموعد الذي تنتظره النقابات لتحقيق مطالب الشغيلة بالزيادة في الأجور للتخفيف من معاناة جزء من المجتمع المغربي من أزمة الغلاء الذي واكب هذه الحكومة منذ تنصيبها والتي لم تجد لتخفيف معاناة منكوبي الزلزال، إلا تعميم النكبة لتصيب الاجراء الذين  اؤتمنت على رواتبهم والتي هي كل ما يعولون عليه لمواجهة نفقات بداية الموسم الاجتماعي الذي  لن تكفي أجوره  لتغطية النفقات الضرورية  نظرا لموجة غلاء تسبب فيها أغنياء المغرب بجمعهم بين الثروة والسلطة، فلم يهتدوا وقد وجدوا أنفسهم أمام كارثة إلا إلى رواتب المستضعفين ولم يخطر ببالهم أن يعودوا إلى الملايير التي كدسوها من متاجرتهم في بضاعة يسوقونها ويحددون  ثمنها على هواهم لتبقى مكاسبهم في الحفظ والصون .

السلطة إذا اقترنت بالثروة والجشع تعمي البصيرة وتدفع إلى وضع اليد على ما لدى الغير، خصوصا لأن اقتطاع الجزء الضئيل من رواتب الكثرة سيوفر على أصحاب الثروة والجاه والسلطة حماية أرصدتهم من تحمل ما فرضته شرائع الأرض والسماء. فلا ضرائب دفعوها ولا زكاة صرفوها لمستحقيها شرعا بل إن النهب واختلاس المال العام إلى جانب الرواتب السمينة التي تمنح بسخاء إلى الخدام الأوفياء كل ذلك يجعل الفقراء يزدادون فقرا والأثرياء يزدادون ثراء.

لم يتساءل سادتنا أهل الحل والعقد في بلدنا عن مدى قدرة الطبقات الدنيا من الأجراء على تحمل نفقات الدخول المدرسي وحاجيات الأسر لمواجهة برد الشتاء وفواتير الماء والكهرباء ونفقات الكراء والنقل ألخ…..

نعم لقد أصدرت الحكومة قرارها مرفقا بادعاء اللجوء إلى استشارة المعنيين لمعرفة مدي موافقتهم على اقتطاع أجر ثلاثة أيام من أجورهم. ولم تحدد متى تتم الاستشارة ولا كيف ولكنها باستشارة أو بدونها ماضية في تنفيذ قرارها اليوم قبل الغد لكي تستطيع التبجح وإشهاد العالم بأنهم نجحوا في توفير شروط العيش لضحايا الزلزال الذين يفرض الواجب الوطني التضامن معهم على سائر طبقات المجتمع كل حسب دخله وما ملكت يده، لا ما ملك ضحايا سياسة عمياء لا ترى إلا ما يناسب تنمية الأرصدة البنكية لأصحابها.

إن قرار اقتطاع جزء من أجرة موظف دون مراعاة ظروفه لا يمكن إلا أن يسمى باسمه إنه الغصب الذي لا يقوم به إلا قليلو المروءة، لأن الجود والكرم يكون بما ملكت اليد خصوصا إذا كان صاحب تلك اليد من أغنى أغنياء المغرب ولا جود بمال الغير.