الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

سرقــــة سفــــارة مغربيـــة بإيطاليــــا سنة 1876م ..

من خلال رحلة الجعايدي والصحافة الإيطالية

 

 

د .عز المغرب معنينو

 أستاذ التعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة، جامعة محمد الخامس الرباط.

 


تمهيد:

 

نشطت الدبلوماسية المغربية بشكل مكثف صوب أوربا خلال القرن 19م، محاولة التخفيف من الهجمة الاستعمارية الأوربية على المغرب المتسترة وراء الإصلاح، خاصة بعد أن أرغمته على عقد معاهدات تجارية غير متكافئة معها بعد هزيمة حرب تطوان 1861م التي غيرت بعمق طبيعة العلاقات المغربية الأوربية، لأنها نصت على تقوية مكانة الحماية القنصلية بالمغرب التي أصبحت في تصاعد مستمر وحاجزا أمام كل إصلاح. من هنا نذكر مدى اهتمام السلطان المولى الحسن بإيجاد حل لهذا المشكل الخطير الذي اعتبره أصل جميع الخلافات القائمة بينه وبين أوربا. داخل هذا الإطار التاريخي دشن هذا السلطان بداية توليه حكم المغرب بفتح الحوار والتواصل مع سفراء الدول الأوربية المعتمدة بمدينة طنجة، رغبة منه في المحافظة على موازين القوى واكتساب مرتكزات دبلوماسية تمكن المغرب من صد الغزو الإمبريالي المتصاعد، وضمان استقلاله.

 

فبعد استقبال السلطان للسفير الفرنسي طيسو (Tissot) بفاس سنة 1873م[1]، والسفير البريطاني دريموند هاي في أبريل 1875م[2]، استقبل بفاس في يونيه 5187م السفير سكوفاسو سطيفانو (Stefano Scovasso) ممثل دولة إيطاليا[3] التي أتمت وحدتها الوطنية بعد انهزام فرنسا أمام ألمانيا سنة 1870م، لتدخل جيوشها مدينة روما وتعلنها عاصمة الدولة الإيطالية الجديدة، تحت حكم الملك إمنويل الثاني الذي بادر إلى إرسال سفارة لتقديم التهاني كعربون عن الصداقة والمحبة التي تربط بين إيطاليا والمغرب منذ أقدم العصور، وقد أرخ لهذا اللقاء كاتب السفارة الإيطالية السيد إدموندو دي أميسيس (Edmondo de Amicis) الذي ذكر في رحلته المسماة “المغرب” (Marocco)

أن عدد سكان المغرب ثمانية ملايين، وأنه أوسع من فرنسا مساحة، وأن المغاربة لا يختلفون عن الأتراك من حيث العقيدة، لكنهم لا يولون لسلطان القسطنطينية وللباب العالي إلا الاحترام الذي يقره الدين، وعلى الصعيد السياسي والمدني، فالمغاربة يتمتعون باستقلال كامل”[4].

 

كل هؤلاء السفراء الأجانب طلبوا من السلطان الحسن الأول إرسال سفارة مغربية لبلادهم قصد اللقاء والمذاكرة مع ملوكها ورؤسائها من أجل تقديم الخبرة والمساعدة للمغرب الذي يتطلع إلى الإصلاح في شتى الميادين، لهذا عمل السلطان الحسن الأول على انتهاز فرصة هذا التباري القائم بين الدول الأوربية على دولة المغرب، بتغيير برنامج السفارة المغربية التي كانت ستتجه إلى فرنسا فقط في صيف 1875م، – بغية تدارس قضية قبيلة الأحلاف العربية التي كانت تسكن مع الشرفاء العلويين المستقرين بقرية تيوت، والذين أرغمهم الجيش الفرنسي على الهجرة من مقاطعة العين الصفراء الحدودية مع الجزائر إلى داخل المغرب، وقام بالاستيلاء على أراضيهم وضمها لمستعمرته – وتأجيله موعد سفرها إلى السنة الموالية، أي صيف 1876م، على أن يكون برنامجها موسّعا يشمل بلجيكا وبريطانيا وإيطاليا، إضافة إلى فرنسا[5]، موظفا بذلك المنافسة الدولية المحمومة لصالح استقلالية المغرب، ومستفيدا من التناقضات التي كانت سائدة في صفوف القوى الأوربية لحسابه، قصد إخراج قضية الحماية القنصلية من إطارها الضيق إلى مجال الدراسة والتقنين.

 

أولا، الديبلوماسية الاجتماعية/ الإنسانية؟

 

طيلة هذه السنة ركز السلطان المولى الحسن كل جهوده من أجل أن تكون السفارة المغربية في مستوى عال من الكفاءة والأبهة، بغرض إعادة الاعتبار لمكانة المغرب الدولية لدى ملوك وحكام وشعوب أوربا، بعد أن اهتزت صورته نتيجة الهزائم الحربية التي مني بها، صورة تعكس تقاليده العريقة ونخوته الدبلوماسية العربية الإسلامية، حتى يكتب لهذه السفارة النجاح في حل المشاكل السياسية العالقة مع أوربا وما أكثرها، كما يرجى منها أن تقدم للسلطان بعد عودتها من هذه الرحلة السفارية تقريرا مفصلا عن التجارب الأوربية في الميادين العسكرية والمالية وغيرها[6]، لتكون مصدرا موثقا بالمعاينة والتجريب الميداني للإصلاحات التي كان ينوي السلطان الحسن الأوّل إدخالها إلى المغرب وهو في بداية توليه الملك. فأصدر أوامره بصنع وتحضير أكبر عدد ممكن من الهدايا والتحف التقليدية المغربية النفيسة لتحملها السفارة المغربية المتوجهة إلى أربع دول أوربية عظمى، حتى تخوف الصناع بفاس من ضخامة الطلب السلطاني، فكتبوا يستفسرون المخزن هل سيشتري منهم كل هذه الطلبات، أم أنه سينتقي منها بعض العينات فقط: “أخانا الفقيه موسى بن سيدي أحمد؛ وبعد، إن المعلمين ذكروا أنهم صنعوا ذلك بأجمعه وربما يستغني عن بضعه فيبقى كاسدا لا يجدون مشتريا له منهم لعدم صلاحيته هنا”[7].

 

إضافة إلى تهيئة عدد من الخيول المغربية العربية الأصيلة، وجمع وإعداد أموال كثيرة من اللويز الذهبي والفرنك الفرنسي واللبرات الإنجليزية وغيرها، ليفرقها السفير المغربي كهبات على دور المحتاجين والمرضى والمرافقين للسفارة من الأجانب، وذلك لإبراز الجانب الإنساني والتضامني مع شعوب أوروبا، رغم ضائقة المخزن المالية، وعيا من السلطان بأهمية التكافل والتعاضد الاجتماعي وتأثيره الإيجابي على الرأي العام الأوروبي. على عكس ما حصل بعد هزية إيسلي سنة 1844م، حيث اضطر السلطان مولاي عبد الرحمان إلى اختيار سفراء من أصحاب الثروة، وكمثال على ذلك تعيينه لعامل تطوان عبد القادر أشعاش ليكون سفيره إلى فرنسا سنة 1845م، لأن في حوزته ثروة مالية مكنته من تحمل كل مصاريف السفارة، رغم أن مستواه العلمي لم يكن كبيرا، كما ورد عند كاتب السفارة محمد الصفار الذي دون تفاصيل هذه الرحلة بأسلوب بليغ و جذاب. وبعد هزيمة تطوان سنة 1861م وما تبعها من غرامات مالية، اضطر مرة أخرى السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان بعد توليه الملك في ظروف جد صعبة إلى إرسال سفارة مغربية إلى فرنسا على رأسها خاله وقائد جيشه محمد بن عبد الكريم الشركي، وإلى جانبه عين عامل سلا محمد بنسعيد سفيرا ثانيا إلى فرنسا سنة 1865م، وكان عدد أفراد السفارة نحو 40 شخصا، لكن فرنسا طلبت من المخزن تخفيض العدد إلى النصف فقط، لتقليص مصاريفها التي ستتحملها الدولة الفرنسية.

 

هذا “الكرم الحاتمي” عرض السفارة المغربية إلى سرقة بإيطاليا كما سيرد لاحقا. وقد نشر المؤرخ عبد الرحمن بن زيدان في مؤلفه “إتحاف أعلام الناس”، العديد من الوثائق المتعلقة برسائل الشكر والامتنان التي توصّل بها السفير المغربي من مديري مؤسسات خيرية واستشفائية شملت دور رعاية الأيتام والمسنين والمرضى والمكفوفين ومتقاعدي الحرب وغيرهم، مما  يؤكد ما ذهبنا إليه.

 

واختار السلطان المولى الحسن على رأس هذه السفارة المغربية الضخمة والفريدة من نوعها في تاريخ المغرب الحديث، الشيخ الحاج محمد الزبيدي الرباطي الذي قدمه في رسائله الرسمية لعظماء أوربا على النحو التالي: “وقد اخترناه من أحظى خدام داخلية عتبتنا العزيزة وكبراء حاشيتنا حيث اقتضت خدمته ونصيحته تمييزه لما عرف به من السبقية في الخدمة أيام سيدنا الجد ومولانا الوالد قدس الله روحيهما[8].

 

1، قوة شخصية السفير و مرافقيه

 

السفير الحاج محمد بن الحاج الطاهر بن أحمد الزبيدي ولد بالرباط سنة 1805م، حَجَّ مرتين، وولاه السلطان المولى عبد الرحمان عاملا على الرباط مرغما بعد قيام الزبيدي بتمرد أزاح خلاله بالقوة عامل الرباط ونصب نفسه مكانه سنة 1845م. وبعد ستة أشهر حضر السلطان إلى الرباط وقام بسجنه عقابا له على عصيانه[9]، كما وجهه السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن إلى طنجة لمباشرة قضية المفاوضات المتعلقة بأزمة تطوان مع الإسبان كنائب سلطاني بجانب محمد الخطيب سنة 1859م لتفادي قيام الحرب، وله كناشة في هذا الموضوع. وبعد الحرب المعلومة عين أمينا ومراقبا للحسابات التي ترد على السلطان من قِبَل أمناء المراسي، وبعد تولية السلطان مولاي الحسن الأوّل عَيَّن الزبيدي على رأس مصلحة القوائم الواردة من المراسي المغربية[10] وتسجيلها بالدفاتر المخزنية في إطار إصلاح هياكل الدولة المغربية، بعدها مباشرة اختاره سفيرا رغم كبر سنه، حيث كان يبلغ حوالي 71 سنة. هذا السفير الشيخ ذو اللحية البيضاء والوجه المجعد فرض وقاره وهيبته على مستقبليه من الأجانب، فكان محط تقدير وإعجاب من طرف الصحافة الأوربية[11] أينما حل وارتحل، وصحبه في سفارته إلى أوربا الأمين بناصر غنام الرباطي (1845م – 1916م) الذي كان يشغل ناظر أحباس الرباط، وهو في عنفوان الشباب والنضج ليشرف على الأمور المالية للسفارة المغربية[12]، والتي تحمل معها العديد من الهدايا والتحف والصناديق المخزنية المحتوية على أكياس مخزنية من اللويز الذهبي العملات الأجنبية، قصد توزيعها على شكل تبرعات وهبات بالمدن الأوربية التي سيمرون منها.

 

والكاتب الشريف إدريس بن محمد بن إدريس بن عبد القادر الجعايدي السلاوي الذي كان يعمل عدلا بسلا والمتضلع في علوم الحساب والتوقيت والفلك وغير ذلك، يرجع إليه الفضل في تدوين تفاصيل رحلة الزبيدي السفارية[13] تحت عنوان: “إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار”[14]، التي تجعلنا نعيش أحداثها وأنشطتها من أولها إلى آخرها، وتعتبر نموذجا لقراءة مغربية للمجتمع الأوربي، وقد سبق لي أن عرّفت بها وبصاحبها في مقال سابق نشر بـ”مجلة الاقتصاد والمجتمع”، وكذلك بمجلة “دعوة الحق”[15]. على أنني في هذه المقالة لن أتناول الجوانب السياسية والاقتصادية في السفارة، بل سأكتفي بالتعريف بقضية السرقة التي تعرضت لها سفارة الزبيدي بإيطاليا، والتي واجهها بكل حكمة وموضوعية، ولا نجد لها ذكرا في كل المصادر التي تناولت أخبارسفارة الزبيدي، بداية من “إتحاف أعلام الناس” لابنزيدان، ووصولا إلى “التاريخ الدبلوماسي للمغرب“لعبد الهادي التازي.

 

– السفير الشيخ الزبيدي، البالغ من العمر 71 سنة، أهله تقلده لعدة مناصب مالية وسياسية وإدارية ليتولى قيادة السفارة المغربية والتفاوض مع وزراء خارجية أربع دول عظمى تتنافس على بسط نفوذها وهيمنتها على المغرب.

– الأمين غنام في ربيع شبابه عمره 30 سنة لأوّل مرة ينصبه الزبيدي كأمين مرافق له.

– كاتب السفارة الفقيه الجعايدي عمره 43  سنة، تكوينه في علم الحساب والفلك سمح له بإدراك المستحدثات والمخترعات التي تحتاج إلى الدراية العلمية، وما أكثرها إذاك في أوروبا الناهضة في مختلف المجالات، وهذا ما عكسه بالتفصيل في رحلته السفارية، ويرجع له الفضل في تخليد أكبر رحلة مغربية سفارية من حيث حجم النص، وعدد الدول الأوروبية التي زارها. فرغم وجود فوارق في السن والاهتمامات والمهن بين أعضاء السفارة، فقد كان الانسجام حاصلا بينهم بشكل ممتاز، بالإضافة إلى القواد المرافقين لهم[16]، فكل واحد ينتمي لحنطة من الحناطي التابعة لدار المخزن. هذا الثلاثي المنسجم ترك انطباعات حسنة في كل المدن الأوربية التي حل بها.

 

2، بيان الهبات التي قدمها السفير المغربي بأوروبا بحسب ما ورد عند ابن زيدان:

 

ركبت السفارة المغربية على متن فرقاطة فرنسية من مرسى طنجة يوم 31 ماي 1876م، وهي تحمل معها الخيول العربية الأصيلة، وعددا كبيرا من الصناديق الخشبية وهي مملوءة بما أبدعه الصانع المغربي، أذكر منها ملابس وحيك حريرية مطرزة بالصقلي المذهب، وشرابل وسطارم وأحزمة من الجلود المطرزة، ورشاقات وطبالي من خشب الصنوبر المنقوش والمغلف بثوب المبرة، وصواني الصفار، وسبائك من الفضة الخالصة، وحلي من الذهب، وسروج الخيل، وزرابي وغيرها من التحف اليدوية لتوزع كهدايا. وصلت السفارة إلى مرسيليا يوم 04 يونيو، وبعد الاستراحة زارت معامل صناعة السكر القالب وفرقت خمسة آلاف فرنك على الجمعيات والملاجئ الخيرية، كما تبرع السفير بثلاثة آلاف فرنك على الخدم والعسكر وأصحاب الموسيقى وباقي المرافقين الفرنسيين للسفارة. ويوم 07 يونيو توجهت أعضاء السفارة بالقطار البخاري إلى باريس، وأثناء اجتماع الزبيدي مع وزير خارجية فرنسا سلمه مبلغ عشرة آلاف فرنك ليوزعها على مختلف ملاجئ الإحسان في باريس، كما دفع للمكلفين بخدمتهم حوالي عشرة آلاف فرنك فرنسي. وببروكسيل عاصمة المملكة البلجيكية الفتية والراغبة في غزو الأسواق العالمية، قدم الزبيدي هبة مالية إلى وزير خارجيتها وقدرها خمسة آلاف فرنك، وكلف رئيس بلدية المدينة بتوزيعها على مختلف ملاجئ الإحسان،كما تبرع بألف فرنك على ضعفاء مدينة لييج، وألف ثانية على فقراء يابتريس، وألف ثالثة صدقة على فقراء مدينة اسطاند، وعلى مرافقيه البلجيكيين حوالي ثمانية آلاف فرنك. وبإنجلترا تبرع السفير المغربي بما قدره ستمائة لبرة لتصرف لصالح المكفوفين الفقراء بالمستشفيات اللندنية، ثم قدم أربعمائة ليرة لمرافقيه الإنجليز، وبعد لقاء أعضاء السفارة المغربية بملكة بريطانيا العظمى الملكة الإمبراطورة فيكتوريا عبروا بحر المانش إلى مرسى دوفر (Dover)، ومنها توجهوا إلى إيطاليا عبر باريس وليون.كما وزعت السفارة هدايا عينية كتذكار على كبار الشخصيات المستقبلة لهم، وعلى الحراس والموظفين والعمال ممن رافقوهم أو قدموا لهم خدمة ما.

 

3، موقف الجعايدي الغامض من الهبات الخيرية:

 

وكان لهذه التبرعات والهبات الإحسانية التي وزعها الزبيدي بهذه المدن الأوروبية، الأثر الحسن على الرأي العام الأوروبي، الذي أخذ يهتم ويتتبع إلى حد ما أخبار وأعمال البر المرافقة لتحركات وأنشطة السفارة المغربية، وانهالت عليها رسائل الشكر والامتنان، عمل إنساني بليغ نشرت تفاصيله بإعجاب على أعمدة الجرائد الفرنسية والبلجيكية والبريطانية التي أشادت كثيرا بهذه الالتفاتة المغربية الإنسانية، والتي تستمد جذورها من التقاليد الدبلوماسية المغربية العريقة. والغريب في الأمر أن صاحب الرحلة إدريس الجعايدي لم يشر ولو مرة واحدة لهذه التبرعات والهبات، رغم أنه كتب في رحلته السفارية عن كل “شاذة وفاذة”، ربما اعتبر ذلك من باب الصدقة في الإسلام التي لا يجب التفاخر أو الجهر بها، أو كان مأمورا بعدم ذكرها، أو لموقف معين اتخذه من إعطاء الصدقة لغير أهلها “النصارى”!؟ كان لهذا العمل الإنساني صدى كبير في الرأي العام الأوربي عامة والإيطالي على الخصوص.

 

ثانيا، تجول السفارة في أهم المدن الإيطالية قبل اللقاء الملكي:

 

وصل أعضاء السفارة المغربية إلى المملكة الإيطالية الموحدة عبر مدينة مضان (Modane) الحدودية مع فرنسا يوم13  غشت 1876م، بعد قضائها حوالي شهرين ونيف بين الديار الفرنسية والبلجيكية والبريطانية. وكان في استقبالها الترجمان القائد بوزيو (Bosio) قنصل إيطاليا بمدينة حلب في بلاد الشام، الذي استدعي رسميا ليكون الترجمان الخاص للسفارة المغربية بالديار الإيطالية، يحسن النطق والكتابة باللغة العربية وغيرها، وقد نوه به الكاتب إدريس الجعايدي: “له خلق حسن، وله مكانة معتبرة عند دولته… لم يقصر هذا القونصو في البرور والتعظيم والترحيب”[17]، خص الترجمان بوزيو المغاربة باستقبال حار وكرم كبير وصحبهم على متن القطار المتوجه إلى مدينة طورينو مقر إقامة ملك إيطاليا آنذاك، كما رافقهم الترجمان الفرنسي جيل مونج (Jules Mong) متتبعا لخطوات السفارة المغربية داخل إيطاليا كعين فرنسية تراقبها. وبمدينة طورينو أحاطت الحكومة الإيطالية أعضاء السفارة المغربية بعناية خاصة، وأنزلتهم بالفندق الفخم “ألبرغو دي أوربا” (Albergo D’Europa) المقابل للقصر الملكي. وقد سبق للسفير الزبيدي أن أخبر عند إقامته بلندن من طرف سفير إيطاليا هناك: “إن كبير دولتهم (الملك الإيطالي) بصدد الخروج إلى نواحي بلده، وأنه لا يرجع إليها حتى تمر خمسة وعشرون يوما من شهر غشت العجمي”[18]، وكان الغرض من ذلك تحديد موعد الزيارة الرسمية لملك إيطاليا حسب الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها، فأجابه السفير الزبيدي: “إن خرج أمير دولتكم للصيد في تلك الجبال (الألب) فإني أتوجه إليه بها بحول الله لأني مولع بالصيد، ولي به شغف كبير، فسر السفير الإيطالي (بلندن) بذلك سرورا عظيما”[19].

 

ولما وصلت السفارة المغربية لإيطاليا بتاريخ 13 غشت 1876م، أي قبل الموعد المحدد، والذي هو 25 غشت 1876م، اغتنمها السفير الزبيدي فرصة واقترح  التوجه إلى بعض المدن كروما وفرينسي وبلونيا وغيرها، فصادف ذلك القبول والاستحسان لدى الحكومة الإيطالية. وقد كتب الجعايدي تفاصيل زياراتها (لأنها تعود على السفارة) لمعالم المدن المذكورة ومنها: دار المهندسين ومختبر الفلكيين ومستشفى دار المرضى وفرجة الطياطرو والمسرح، وحفلات الموسيقى والغناء، ومدرج كوليسيو (Colosseo) الروماني والمتاحف العلمية والمعامل الحربية وغير ذلك. وفي روما خصها وزير خارجية إيطاليا مليكاري (Melegari) باستقبال كبير، وكذلك رئيس الوزراء دي بريطس أغوستينو (De Pretis Agostino)[20]، وعمدة روما الذي وجه للسفير الزبيدي[21] رسالة شكر على تبرعه بـ 3000ليرة إيطالية ذهبية لفقراء روما. وكانت الجرائد الإيطالية تتتبع أنشطة السفارة المغربية، وتنوه بالهبات المالية التي تقدمها إلى المساكين والمحتاجين وغيرهم، فتم استدعاء أعضائها لزيارة مأوى مارغريت دوسافوى للمكفوفين، الذي قدم له الزبيدي هبة مالية أخرى: “إن هبتكم اللائقة حقا بكرم سعادتكم والملك العظيم الحسن الأوّل الذي تنوبون عنه أحسن نيابة قد أثرت في قلب المجلس الإداري لمأوى العميان الفقراء الذي تترأسه أميرتنا[22] الفخيمة سافوى[23]. أما قائمة الهبات التي تبرعت بها السفارة المغربية فهي ضخمة وطويلة في كل من فرنسا وبلجيكا وإنجلترا. ففي إيطاليا وصلت إلى 34.250 من الليرات الإيطالية[24].

 

كان لهذه الأعمال الخيرية اهتمام وتقدير من طرف الرأي العام الإيطالي الذي كان يخرج إلى الشوارع والساحات لاستقبال السفارة المغربية وتحيتهم وشكرهم على أعمالهم الإنسانية النبيلة[25]. كما أن المؤسسات التجارية والصناعية والمالية الإيطالية اهتمت هي الأخرى بهذه الزيارة، وتعرفت على رغبة المغرب في الصداقة والتعاون. وقد علقت الجريدة الإيطالية كورييري ديلا سيرا (corriere della sera) كما يلي: “أما الآن فقد اكتشف العديد من الإيطاليين أن المغرب بلد يمكن أن يربح فيه العديد من الإيطاليين، دون أن يغامروا بأرواحهم بالذهاب إلى الجزائر، أو يعرضوا أنفسهم للأمراض مثل الحمى الصفراء بذهابهم إلى البرازيل… مما سيجعل إيطاليا توسع سوقها التجاري حتى بلاد السودان[26].

 

في هذا الجو المفعم بالانشراح والتجاوب الكبير بين السفارة المغربية وحكومة وشعب وملك إيطاليا، حدثت مشكلة طارئة كادت أن تسمم هذا الجو الدبلوماسي الممتاز الذي صنعه الزبيدي تطبيقا لسياسة السلطان المولى الحسن. هذه المشكلة لم تتناولها أو حتى تشر إليها المصادر والمراجع والدراسات المهتمة بالتاريخ الدبلوماسي المغربي. وقد خص إدريس الجعايدي هذا الحادث الطريف بفصل خاص تحت عنوان: “نادرة من نوادر الزمان ترشد إلى اتخاذ الحذر في بلاد الأمان[27]“.

 

ثالثا، صدمة تعرض أمتعة السفارة إلى السرقة:

 

ينفرد الجعايدي دون غيره من المصادر التاريخية بإطلاعنا على تفاصيل هذا المشكل الطارئ الذي واجهه السفير الزبيدي بكل حنكة ومسؤولية.

فأثناء سير القطار العائد بأعضاء السفارة المغربية من مدينة فلورنس إلى طورين صباح يوم الجمعة25  غشت 1876م للقاء ملك إيطاليا رسميا، فتح اللصوص[28] إحدى الصناديق المخزنية بمفاتيح مزورة وسرقوا كيسا به1000  لويزة ذهبية[29] والتي قدرتها الصحافة الإيطالية بحوالي 20 ألف ليرة إيطالية. لم ينتبه أمين السفارة المغربية بناصر غنام لتلك السرقة لأن حاجيات أعضائها وأغراضهم كانت موضوعة في قاطرة خاصة بالبضائع داخل القطار، وكانت العادة المتبعة أن تدفع أمتعة أعضاء السفارة إلى ضابط الشرطة المكلف بمرافقتهم ليحملها من الفندق إلى رئيس محطة القطار فلورانس ليسلمها بدوره للمكلفين بالقطار المتجه إلى طورين، ومن بين هذه الأمتعة الصندوق الذي كان بداخله الكيس المخزني المسروق. وبعد الوصول إلى محطة طورين استلمت الأمتعة الشرطة الإيطالية على العادة، وحملتها إلى فندق إقامة السفارة المغربية “ألبركو دي أوربا” (Albergo D’Europa) السالف ذكره. يقول الجعايدي: “وبنفس وصولنا ووصول صناديق حوائجنا إلى محل النزول أذن الأمين الضابط الطالب السيد بناصر غنام أحد الخدمة بفتح الصندوق الذي فيه مال المخزن… فحين أزال الخدام الذي كان شده بالقنبة التي كانت مشدودة عليه، ورام الأمين فتح قفله بمفتاحه وجد القفل مفتوحا، فرفع غطاءه وبحث عن الخنشة التي كانت فيه فلم يجد إلا محلها في وسطه فارغا، فطار لبه واضطرب قلبه واعترته ألوان وتقلصت منه الشفتان، فقلت: هذا العارض الذي غيرك، وأي شيء حدث فحيرك، فقال: فقدت خنشة من المال على التمام والكمال، فيها ألف لويزة، وضرب اليمين بالشمال، فتكدرنا لذلك غاية الكدر مع أنه لم يكن منه تقصير في الحزم والحذر[30].

 

بسرعة بدأ الأمين غنام التحقيق في هذه النازلة الطارئة مع مرافقيه من المغاربة الذين يؤطرون السفارة المغربية بكل ما كانت تحتاجه في حلها وترحالها من خدام وطباخين وغيرهم، لتفادي إحداث مشكلة مع المضيفين الإيطاليين. يقول الجعايدي: “فقال غنام: لا بد من تقليب حوائجكم ظنا منه أن النصارى لا يمدون اليد لمثل ذلك، فقالوا: سمعا وطاعة، وقلب بمحضر مقيده حوائج الجماعة، فلم يجد لذلك أثرا ولا وقف على خبر، ثم أخبر بذلك الباشدور، فقال: أعد البحث في الصندوق الكبير، ففتحه وأخذ يضع منه الحوائج التي فيه على الأرض”[31]، دون أن يسرب الزبيدي الخبر إلى المسؤولين الإيطاليين الذين اكتشفوا أمر السرقة بمحض الصدفة: “فدخل ترجمان دولة الطليان بوزيو علنا ونحن في تلك الحال، فهاله ما رأى وسأل عن الأمر… فقال له الباشدور، حدث أمر غريب وشيء عجيب، لكن لم يكن في ظني أننا نخبرك به، ولكن حيث قدمت علينا بغفلة وعثرت على هذه الفلتة فلا بأس بإخبارك بما وقع، فأخبره الخبر من أوله إلى آخره، وقال له: إني لا أشك في أحد ولا أتهم أحدا ولا أشكو لأحد شيئا، والخلف على الله سبحان[32].

 

1، سرعة تحقيق الشرطة الإيطالية في النازلة:

 

اعتبر الترجمان بوزيو ذلك إهانة لسمعة إيطاليا ولضيوف ملكها الذي كان يستعد في الغد السبت 26غشت 1876م لاستقبال السفارة المغربية وفق مراسيم بروطوكولية ملكية رسمية. فجاء هذا الحادث ليعكر جو هذا اللقاء الهام. ومن أجل تدارك الموقف جندت الحكومة الإيطالية برئاسة وزيرها في الداخلية والمسؤول عن الشرطة البرلماني نيكوتيرا كل أجهزة الدولة الأمينة قصد إلقاء القبض على اللصوص قبل لقاء الزبيدي بملكهم لتفادي كل إحراج قد يحس به أحد الطرفين. كما ورد عند الجعايدي: “أتركوا ذلك الصندوق مفتوحا على حاله، وخرج غاضبا .. وقال ما مضمونه: لا تخافوا ولا تحزنوا بل ابشروا فسيقبض على السارق، ولو كان يطير كالبارق، وبقينا متكدرين محزونين متغيرين”[33]. وبعد إخبار الترجمان الشرطة الإيطالية كما ورد ذلك في الصحف الإيطالية: “حضر الضابط مازي (Mazzi) ومساعده لمعاينة مكان السرقة، وقام على الفور بإعطاء تعليماته لبداية التحقيق والبحث بأسرع وقت ممكن، لأنه في الغد 26 غشت سيطلعون لاستقبال ملك إيطاليا، وتوجه مازي إلى محطة القطار وطلب الحصول على أسماء المستخدمين الذين رافقوا السفارة المغربية”[34]، ثم أضاف الجعايدي في رحلته السفارية: “إذ هو الذي طاف (بوزيو) برجله على ثلاثين دارا من ديار السلك، (التلغراف) ووقف على ذلك حتى انتشر الخبر في جميع المواضيع، وأخبر بانتصاب العيون والجواسيس على هؤلاء السراق”[35]. أما السفير الزبيدي فقد عمل هو الآخر على التخفيف من روعة رفاقه المغاربة وبالتقليل من أهمية المشكلة، قال: “ما بالكم قد أسرفتم في الكدر، دعها سماوية تجري على قدر، فسيظهر الفرج، ويجعل الله من هذا الضيق المخرج، فإن باطني قد سكن، وعادته إذا سكن باطني من أمر مهم تكون عاقبته محمودة، واستقرأت ذلك من أحوالي مرارا، وحتى إنه إذا لم يظهر هذا المال فما يفيد الحزن والكدر، فالمصيبة في المال نعمة عظيمة بالنسبة للمصيبة في الأبدان، ففرج عنا بعض الفرج”[36].

 

“يومه الجمعة 25 غشت 1876 م تبين لضابط الشرطة مازي السالف الذكر كما ورد في إحدى الصحف الإيطالية: “أن أحد العمال يدعى أوداصو  (Odasso) الذي دفعت له أمتعة السفارة المغربية بالقطار الذي عاد بهم إلى طورين، قد تابع طريقه حتى آخر محطة بمدينة  مودان (Modane) الحدودية مع فرنسا، فبعث الضابط برقية لإلقاء القبض عليه واستنطاقه من طرف الشرطة هناك، لكنه لم يدل بأي شيء، كما أرسل تلغرافا إلى شرطة مدينة ألساندرية (Alessandria) لإلقاء القبض على سائق القطار السيد جيانوني (Giannone) ومساعده كورصو (Corso) اللذين نزلا بهذه المدينة. وأثناء استنطاق المتهم جيانوني ألقى بنفسه من إحدى نوافذ عمارة الشرطة، فأصيب بكسر في رأسه نقل بعدها إلى مستشفى سجن ألساندرية الذي توفي به، بعدما وجدت بجيبه 375 (Marenchi) لويزة ذهبية دون أن يقول كلمة هو الآخر في الموضوع”[37].

 

2، الترجمان/ الجاسوس:

 

أما الكاتب الجعايدي فقد ذكر في رحلته أنه أوّل من توصل بهذه الأخبار عن طريق الترجمان الفرنسي جيل مونج (Jules Monge): “ثم إني خرجت قاصدا محل الوضوء بعد أذان الظهر، فصادفت يهوديا كان خرج من طنجة ترجمانا أيضا. فأخبرني أنه ورد الخبر في السلك بقبض واحد من السراق في مدينة مضان… وأن معه رجلين آخرين، وهم أمناء البابور (القطار) الذين كانوا يحرسون صناديق الباشدور ليلة السفر، وكانت مرت تلك الليلة كلها مطرا ورعدا وبرقا… ورجعت إلى  الباشدور والأمين فأخبرتهما بذلك، فقال: لو كان هذا الخبر حقا لأخبر به ترجمان الدولة (بوزيو) ولكن نرجو الله أن يحقق ذلك، ثم توضأت وصليت ظهر الجمعة”[38].

 

لقد لعب هذا الترجمان أطوارا غريبة في تتبع بل التجسس على تحركات سفارة الزبيدي منذ انطلاقها من طنجة، وصولا إلى إيطاليا، وبحكم وظيفته كترجمان أول بمفوضية فرنسا بطنجة، وهو يهودي مغربي محمي كان يظهر للسفير الزبيدي رغبته في مصاحبته بدعوى مساعدت.  وهو في الحقيقة يبغي التجسس عليه لإطلاع الحكومة الفرنسية على أسرار مفاوضات الزبيدي مع وزيري خارجية بلجيكا وإنجلترا وكذا إيطاليا. فلم يرغب الزبيدي في هذه المساعدة وحاول التخلص منه بشكل ذكي ودبلوماسي، كما يلي: “وما ذكره لك موسى مونج من أنه لو وجد السبيل للتوجه معك مباشرة ذلك لفعل غير أنه لا يقدر على التوجه معك لدولة أخرى بغير إذن من دولته فرنسا مع ما أجبته به قد علمناه، وجازه خيرا على ذلك غاية، ولا شك عندنا في محبته واعتنائه، وقد أخبرنا باشدوره (في طنجة) هنا وطلبنا منه المجازاة له والنيابة عنا في ذلك، إلا أنه غير لائق أن تتعبه ولا سيما في الأمور الغير الموافقة للطباع”[39]. رغم ذلك كان مونج متواجدا بين ظهران السفارة المغربية بإيطاليا، كما جاء عند الجعايدي والذي أضاف قائلا: ثم إن ترجمان الدولة (بوزيو) لم يرجع إلى الباشدور حتى فاتت المغرب، وعند دخوله بشره بظهور المال وقبض أحد السراق كما أخبر ذلك اليهودي، وقال: في الغد بحول الله يظهر الباقي”[40].

 

3، عدم يقينية السفير، وزيارة الجعايدي لسجن طورينو:

 

بسرعة استمر تحقيق الشرطة الإيطالية مع سائق القطار كورصو الذي تقدم إلى رئيس محطة القطار، ومعه كيس كان يستعمله لحفظ حاجياته، ويوجد بداخله 529 لويزة ذهبية، وقال بأنه وجد كيسا بداخل أمتعته وبداخله النقود ولا يعرف مصدرها، ربما كان للسيد أوداصو الذي نقل على الفور إلى طورين بعد انتحار شريكه في السرقة جيانوني، وهناك أقنعته الشرطة الإيطالية بضرورة إظهار الحقيقة  والاعتراف، قال المتهم: إن السرقة كانت مبرمجة ومتفقا عليها بينهم الثلاثة،وأن جيانوني سرق الكيس وقسم ما يوجد به دون أن يقسم بالعدل، وكل هذا حصل ما بين فلورنس ومدينة  بيسطويا (Pistoio)[41].أي بعد مرور اثنتي عشرة ساعة عن وقوع السرقة المذكورة استطاعت الشرطة الإيطالية إلقاء القبض على اللصوص الثلاثة واسترجاع المبلغ المالي المسروق كاملا[42].

 

غير أن السفير “الشيخ الزبيدي” شك في أمر القبض على المجرمين بهذه السرعة المفرطة، وظن أن هذا تغطية من طرف الحكومة الإيطالية على الموضوع، فقال الزبيدي كما جاء في رحلة الجعايدي: “لا أقبل منكم شيئا من هذا حتى تأتوني بالخنشة التي كان فيها المال، فإن ظهرها مرقوم فقد عدد ما كان فيه من اللويز ووزنه بخط نائب مولانا بطنجة، فقال الترجمان (الإيطاليي): سيبحثون عنها وتأتي بحول الله”[43].فأجيب السفير عن هذا السؤال الذي تناقلته الصحافة الإيطالية “بأن الكيس المطلوب قد ألقي به  في وادي  نلرينو (Nelreno) من طرف المتلبسين بالجريمة، ودعوه لزيارة المسجونين ليتعرف عليهم وعن حقيقة القضية، غير أن الزبيدي رفض مقابلتهم شخصيا”[44]، ربما خوفا من أن يطلب منه اللصان المسامحة على العادة التي كانت متبعة بالمغرب حسب ظنه، وبالتالي يضعانه في موقف صعب، خاصة أن القضية أصبحت بيد الشرطة والعدالة الإيطالية، لذلك فضل السفير إرسال كاتبه الجعايدي والأمين غنام بالنيابة عنه لزيارة السجن. خاصة وأن الشرطة الإيطالية يقول الجعيدي: “قيدوا الدعوة في الكنانيش … وحازوا خط يد الأمين برد الألف لويزة له على التمام والكمال… وحين كنا دخلنا سجن طورين وتلاقينا مع الحباسة … ففتحوا كناشا وجدنا في وسطه تقييد المسجونين في أي يوم دخلا السجن، وسبب سجنهما، وسن أحدهما36  سنة والآخر نيف و40 سنة[45]. بالفعل تمت زيارة ممثلي السفير لسجن طورين بعد اللقاء الملكي الرسمي، وقد أعجب إدريس الجعايدي بنظام هذا السجن الحديث، الذي يطبق أسلوب العمل الإجباري على المساجين مقابل أجور شهرية، قسم يحصل عليه السجين مباشرة، وقسم يدخر له طول المدة المحكوم بها عليه ليستطيع بعد إطلاق سرحه مواجهة متطلبات الحياة داخل المجتمع، قال الجعايدي مازحا: “حتى قيل لهم: من ضاقت عليه المعيشة منهم يرتكب جريمة فيدخل لهذا السجن، فلعله يجده أفضل من محله، فانبسطوا لذلك”[46].

 

4، جبر خاطر السفارة المغربية:

 

أما لقاء السفارة المغربية بالملك الإيطالي فقد تم في موعده المحدد في جو من الفرح بإلقاء القبض على اللصوص، وذلك يوم السبت 26 غشت على الساعة العاشرة صباحا. توجهت السفارة المغربية على متن ثلاث عربات ملكية، كل عربة يجرها أربعة من الخيل، تتقدمهم فرقة عسكرية من الفرسان تعزف الموسيقى إلى القصر الملكي[47]، وعند وصولهم أمام القبة الملكية دخل السفير الزبيدي وحده صحبة الترجمان الإيطالي للسلام على ملك إيطاليا فيكتور إيمنويل الثاني. ويقول الجعايدي: “وعند دخولهما سد باب القبة، وقفنا نحو ست دقائق، ثم فتح ذلك الباب، وأذن البواب لنا بالدخول… فبادر عظيم الدولة بالإشارة بالتحية فأجبناه، وظهر فيه من الفرح والسرور ما لم نره عند غيره”[48]. الحديث الذي دار بين الزبيدي وملك إيطاليا لجبر خاطره من قضية السرقة جرى على انفراد، ولمدة ست دقائق ظل من الأسرار التي لم تكتشف بعد، ونحن لا نستغرب من هذه الجلسة السرية بين السفير وملك إيطاليا، وقد كانت سنة معهودة، وطريقة مقصودة لدى جميع السفراء المغاربة الذين سبقوه إلى أوربا وغيرها. إذ غالبا ما يستقبل السفير على انفراد، ويدلي للملك بما كلفه به السلطان تكليفا شخصيا، للحفاظ على أسرار الدولة[49].

 

عند نهاية الاستقبال الملكي، تبودلت الهدايا كما جاء في الجرائد الإيطالية: “بعد دقائق معدودة بدا جميع الحاضرين يشاهدون الهدايا التي جلبها الزبيدي معه إلى جلالة ملك إيطاليا، وكانت تشتمل على سروج الخيول وأسلحة وأحذية وزرابي صغيرة وملابس من الحرير والذهب، وليس جديرا بالذكر التأكيد على الذوق الجميل الذي يتميز به الصناع المغاربة، رغم أنهم كانوا في بداية العهد الصناعي… وملك إيطاليا بدوره قدم هدية إلى سفير المغرب تشمل على علبة للدخان مزينة بالأحجار الثمينة، وبندقية عجيبة، وساعات يدوية، وخواتم، ومسدسات وبنادق إلى مرافقيه، وقدم طاولة مزخرفة لملك المغرب لا ثمن لها”[50]. غير أن الجعايدي بعد عودته إلى الفندق رفض تسلم الهدايا الإيطالية قائلا: “لا ينبغي لي حيازة شيء منها حتى يعرض ذلك على حضرة مولانا العالية بالله أدام الله عزه، وهو أعزه الله يجود عنا برضاه … فسر الزبيدي بما سمعه مني وقال إنه لكذلك، وأذن لي بحوزها حتى نعزم على الخروج، وتجمع في صندوق يخصها[51]. بمعنى آخر أن الهدايا التي تتلقاها البعثات الدبلوماسية المغربية بالخارج هي ملك للدولة التي يمثلونها.

 

5، أنشطة السفير الزبيدي الموازية:

 

طبقا لرغبة السفير الزبيدي التي أبداها سابقا لسفير إيطاليا المعتمد بلندن، أعدت نزهة للصيد البري  على شرفه بمنطقة سطوبنيجي (Stupinigi)، وهي مقر خاص بالصيد البري لملك إيطاليا صحبة ابنه الأمير أميديو ديسافولا (Amedeo Disavola) الذي سبق له أن حكم إسبانيا لمدة سنتين بعد طرد الملكة إيزابيلا الثانية دي بوربون، وتعجب الجميع من قدرة السفير الشيخ الزبيدي على إصابة عدد كبير من الطيور البرية كما جاء عند الجعايدي: “وكان الباشدور أكثرهم إصابة، وفي كل تربيعة يضرب فيها طيرين أو طيرا، فتعجب النصارى من رمايته وإصابته، وكان جملة ما أصاب من الطيور إما سبعة أو ثمانية، وشاع هذا عندهم[52]. وهذا ما تناقلته الجرائد الإيطالية: “إنه قام برمي عدد من الطلقات بالبندقية أصابت الهدف[53]، وقبل أن يغادر الزبيدي طورين إلى مدينة ميلان تبرع بكل المال الذي أعيد إليه من المسروق السابق، حيث دفع 6000 ليرة ذهبية لعامل المدينة مع مقايدته على دفع نصف هذا المبلغ إلى مدرسة الصناعة التقليدية (Artigianelli Collegio Degli) وخيرية النساء (L’orfamotrofie Femminille) والنصف الآخر إلى مدارس الأطفال ومعهد الصم والبكم، فشكره العامل على هذه الهبة[54]، وهذه الرسالة منشورة في “الإتحاف“: “أرجو منكم أن تترجموا  لدى الرجل الفذ الذي أراد أن يبقى أثرا قيما عند مروره ببلدتنا عن عواطف ممنونية بؤساء مدينتنا الذين تنعموا بما أفاض عليهم من الإحسان الجزيل”[55].

 

كل هذه الأحداث الدرامية جعلت الرأي العام الإيطالي وكل صحافته المكتوبة تتتبع أنشطة السفارة المغربية التي خلقت الحدث. فبوصولها إلى ميلان يوم31 غشت 1876م، “خصص لها الطابق الأول كله من فندق ديلا فيلا (Della Ville)، ورغم الساعة المتأخرة من الليل التي وصل فيها الوفد… كان العديد من المواطنين الإيطاليين بباب محطة  القطار وبالشوارع في انتظار الوفد”[56].ومن بين أنشطة السفارة بميلان زيارة مسرح طياطرو ألا سكالا (Teatro Alla Scala) الشهير الذي افتتح أول مرة سنة 1778م به ستة طوابق، وحضر أعضاؤها حفلة تدشين المدرسة الأكاديمية لرقص البالي، وشاهدوا مسرحية بقاعة فيرميدال (Vermedal) وغير ذلك من الأنشطة التي دون بعضها الجعايدي والجرائد الإيطالية. وقبل مغادرة إيطاليا كانت مدينة جنوة آخر محطة لهم، تقول جريدة لا لومبارديا: أقام السفير الزبيدي حفلة استقبال لرجال الأعمال والتجار ومعهم بعض صناع البواخر، وأكد لهم أنه يتمنى وبعين الاعتبار والترحيب منهم القدوم إلى المغرب، ومزاولة أنشطتهم هناك، وبالخصوص في الشواطئ المغربية، وقدم لهم الامتيازات التي تقدم لهؤلاء الرجال”[57]. وعلقت نفس الجريدة على هذا اللقاء: “إن رجال منطقة (جنوفا) معروفون بتقشفهم، لكن شرح السفير الزبيدي وكلماته لا تترك لهم أملا في ضياع مثل هذه الفرصة المفيدة ودفعهم للمغامرة الرابحة، واقترح فتح خط بحري ما بين نابولي وتونس والجزائر إلى موكادور..، وخاصة أن الجنرال الزبيدي رجل نبيه وذكي، وقد تقلد عدة مناصب اقتصادية وتجارية وسياسية ثم دبلوماسية، لذا فهو ناضج في عمله”[58].

 

خاتمة:

 

رهان دبلوماسي مغربي كبير قل نظيره في القرن 19م، جعل من أولياته توجيه رسائل محبة إنسانية وكرم تضامني لكسب التعاطف مع الرأي العام الأوروبي باعتباره الأداة الرئيسية التي تنتخب النخب السياسية بالأنظمة الديمقراطية، وتضغط على الحكام المنتخبين من لديهم لتقويم أو تغيير مواقفهم من بعض القضايا والنزاعات الدولية، وما أكثرها مع المغرب.

عادت الوفد المغربي على متن الباخرة الإيطالية كونت كافور (Conte Cavour) إلى مرسى طنجة يوم الاثنين 20 شعبان عام1293 هـ/ 11 شتنبر سنة 1876م “مقضي الأوطار، وخلف في مدن أوربا بما أبداه من السياسة وقام به من التبرعات على الجمعيات الخيرية ذكرا جميلا حفظه التاريخ للمرسل والمرسل، بل لسائر الإيالة المغربية”[59].

 

 

المصادر

 

[1] Jean-Louis  MIEGE, Le Maroc et l’Europe (1830-1894), PUF, Paris, 1961, t.2, pp. 190-438.

[2]ب.ج. روجزر، تاريخ العلاقات المغربية الإنجليزية حتى سنة 1900م، ترجمة ودراسة وتعليق يونان لبيب رزق، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1981م، ص.242

[3]عبد الهادي التازي، التاريخ الدبلوماسي المغربي من أقدم العصور إلى اليوم، المجلد العاشر: عهد العلويين، مطابع فضالة / المحمدية، 1989م،  ص. 94.

[4] نقلا عن الجريدة إيطالية (Gazzette Di Genova) المعتمدة على كتاب الرحالة دي أميسيس – النسخة الإيطالية، ونظرا لأهميتها البالغة ترجمت إلى الفرنسية سنة 1882م، ثم باقي اللغات. غشت وشتنبر 1876م.

[5]Jacques Caillé, et François Charles-Roux, Missions Diplomatiques Françaises à Fes, Tome 2, Publications de l’Institut des Hautes Etudes Marocaines, Editions Larose, Paris, 1955, pp. 38-39,43

وكذلك عبد الرحمان ابن زيدان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخيار حاضرة مكناس، ج.2، المطبعة الملكية، الرباط. 1962م، ص.281.

[6] ادريس الجعايدي السلوي، إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار، تحقيق عز المغرب معنينو، مخطوطة فريدة اشتغلت على دراستها وتحقيقها لمدة خمسة سنوات، وهي في الأصل د.د.ع في التاريخ، نوقشت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط 1990م، وتكونت اللجنة العلمية من الأساتذة: محمد حجي، ومحمد المنوني، وعبد المجيد القدوري، وحصلت على جائزة ابن بطوطة في التحقيق على صعيد الوطن العربي، ارتياد الآفاق، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، أبوظبي. وطبعت ببيروت سنة 2004م، ص.35

[7] رسالة من عبد الله بن أحمد أمين الحرفيين بفاس، والذي كلف بالإشراف على الطلب السلطاني الضخم، إلى الحاجب السلطاني، ونصها الكامل في:  ابن زيدان، مصدر سابق، ج.2 ، ص. 295.

[8] المصدر نفسه، من ص. 442 إلى ص. 453، مقتطف من رسالة السلطان الحسن الأول إلى ملك إيطاليا.

[9] دنية أحمد الرباطي، مجالس الانبساط بشرح علماء وصلحاء الرباط،  مطابع الإتقان، الرباط، 1986م. ص.21

[10] ابن زيدان، الإتحاف، م. س.ج.3، ص. 404. ومحمد داوود، تاريخ تطوان، طبعة تطوان 1966م، القسم 3 من المجلد الأول، ص. 84 . أحمد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، طبعة دار الكتاب، الدار البيضاء، 1956م، ج. 9، ص. 54.

[11] جريدة “بروكسيل” البلجيكية (Journal de Bruxelles) غشت 1876-   تقول: “الزبيدي رجل مسن وجميل المحيا، ذو لحية بيضاء، يلبس الجلباب التقليدي والعمامة البيضاء، وله ما يقارب الستين عاما، ووجهه مجعد يتحرك كثيرا، رغم ضعفه،عينه متقدة،ويحمل معه على الدوام ابتسامة”. من الأفضل بالنسبة لهذه الجرئد الواردة في المقال بأكمله أن يتم الإحالة عليها بلغتها الأصلية التي وردت بها مع الاحتفاظ بكل عناصر الإحالة على جريدة، وخاصة رقم العدد وتاريخ صدوره…

[12] عبد الوهاب ابن منصور، أعلام المغرب العربي، ج.1، المطبعة الملكية، الرباط، 1979م، ص. 217. وجريدة السعادة، عدد 1135 بتاريخ 23 و24 شتنبر 1915م، أرشيف الصحافة بالخزانة العامة بالرباط.

[13] أحمد الناصري ، الاستقصا، م.س. ج.1، ص.151 ، ج.9 ، ص170. عبد الله الجراري ،أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين، مطبعة الأمنية بالرباط، 1971م، ج.2، ص.275 ، وابراهيم عباس، الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام، تحقيق: عبد الوهاب بن منصور، المطبعة الملكية بالرباط. 1983م، ج.3، ص.39. والفالودج، كناشة علمية مخطوطة بالخزانة العلمية الصبيحية بسلا تحت رقم 426.

[14] إدريس الجعايدي ، اتحاف الأخيار في غرائب الأخبار، م. س. تحقيق: عز المغرب معنينو.

[15] رحلة الجعايدي السفارية إلى أوربا خلال القرن التاسع عشر الميلادي، مجلة “الاقتصاد والمجتمع” العدد 5، يونيه 1991م مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث، المعاهد، الرباط، ص.71. وأعيد نشرها في مجلة “دعوة الحق“، عدد 294، نونبر – دجنبر 1992م وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالرباط، ص. 79.

[16] وهم: القائد الغازي المكي، وأربعة مقدمون من الحناطي، وهم حسب المصادر الأجنبية: علي ابن العروسي، الجيلالي رابح، الجيلالي ابن الحاج، عبد الله بن محمد مقدم من الأورى السعيد بهدف مقابلة الخيل الموجهة إلى أوربا.

[17] الجعايدي، م. س. ص.334

[18] المصدر نفسه، ص.336

[19] المصدر نفسه، ص.337.

[20] “أخبرنا الترجمان “بوزيو” أن هذا الوزير عندهم من الزهاد، وأنه لم يتزوج قط، وأن له راتبا وافرا، لكن يأخذ منه قدر الكفاية، والباقي يتصدق به على فرقة من الضعفاء، وأنهم يتشاورون معه في الشاذة والفاذة”. المصدر نفسه، ص. 348

[21] نص هذه الرسالة منشور في “الإتحاف” لابن زيدان، م.س.ص.2 ، ج. 307

[22] الأميرة (Margarita Disavoia)

[23] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار مكناس، المطبعة الوطنية بالرباط، 1929م-1933م، ج. 2 ، ص. 307

[24] ابن زيدان، مصدر سابق، ج.2  ، به فصل خاص بأنشطة سفارة الزبيدي إلى أوربا. من ص.279 إلى ص.315

[25] كما أشار إلى ذلك إدريس الجعايدي في رحلته م.س. ص.262

[26] جريدةكورييري ديلا سيرا (Corriere della sera)، إيطاليا بتاريخ 26 غشت 1876م.

[27] الجعايدي، م. س. ص.389

[28] نفس العدد من الجريدة الإيطالية (Corriere della sera).

[29] جريدة ايطالية اسمها (Vova torino) صادرة بطورينو بتاريخ 26 غشت 1876م.

 

[30] الجعايدي في رحلته، م. س. ص.389. ونفس التفاصيل وردت في جريدة (Corriere della sera) بتاريخ 27  غشت 1876م،.

[31]الاسم الشخصي الجعايدي، م. س. ص.389.

[32] المصدر نفسه، ص. 389

[33]المصدر نفسه، ص. 390

[34] جريدة (La lombardia) الإيطالية بتاريخ 31 غشت 1876م، وجريدة طورين وغيرها من الجرائد المحفوظة بأرشيف الخزانة الايطالية بميلانdi TorinoGiarnal Politico commerciale/ Bibliotecocomune- Milano

[35] الجعايدي، م.س. ص. 391.

[36] المصدر نفسه، ص.392

[37] جريدة (La lombardia) الإيطالية بتاريخ 30 غشت 1876م – طورينو.

[38] الجعايدي، م. س، ص. 391.

[39] جواب من النائب السلطاني يطنجة محمد بركاش إلى السفير الزبيدي حول المفاوضات التي أجراها بباريس مع وزير خارجية فرنسا بتاريخ 26 يونيو 1876م، يوجد نصها منشورا في: ابن زيدان، الإتحاف، م س، ج.2 ، ص.303

[40] الجعايدي، م. س، ص.392.

[41] جريدة (Corriere della Sera) بتاريخ 28  غشت 1876م.

[42] جريدة (La lombardia) بتاريخ  30  غشت 1876م.

[43] الجعايدي، م.س، ص.367.

[44] نفس الجريدة السابقة (La lombardia).

[45] الجعايدي، م.س، ص. 367.

[46] المصدر نفسه، ص. 368.

[47] حسب وصف نشرته معظم الجرائد الإيطالية حول اللقاء الملكي بالزبيدي.

[48] الجعايدي، م.س، ص. 368.

[49] من المعروف بأن معظم الرحلات المغربية السفارية لا تحتوي على معلومات قيمة عن أسرار السفارة ودوافعها الخفية، لأن الكاتب المخزني لا يتعرض في رحلته للغرض السياسي الرسمي بشكل واضح بل يقتصر على بعض التلميحات فقط، كما بين ذلك الجعايدي في رحلته المذكورة: “لأنه يوجهه إليهم باشادورا أو سفيرا يحمله أسرارا إليهم”، كما ورد في ديباجة المؤلف، انظر: داود محمد، تاريخ تطوان، المجلد 3، ص. 298.

[50] جريدة (Gazzetta del Popolo) الإيطالية، الصادرة بتاريخ 29 غشت 1876م (أرشيف خزانة طورينو).

[51] الجعايدي، م.س، ص.392.

[52] المصدرنفسه، ص. 373.

[53] جريدة (Gazzetta del Popolo). الصادرة بتاريخ 29 غشت 1876م

[54] نفس الجريدة.

[55] ابن زيدان، إتحاف، م. س. ج.2 ، ص.308

[56] جريدة (La lombardia) الصادرة بتاريخ 10 شتنبر 1876م.

[57] نفس الجريدة السابقة.

[58] نفس الجريدة السابقة.

[59] ابن زيدان، الاتحاف، م.س، ج.2 ، ص. 311

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات