الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

 30 غشت 2023، تخليدا لليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري و مجهولي المصير

 

 

عبد الغني اعبابو /اوتريخت/ هولندا..

 

 

بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير الذي يصادف هذه السنة الذكرى50 للاختطافات من داخل السجن المركزي بالقنيطرة، اتقدم بتحية الصمود والوفاء لكل العائلات المكلومة، وتحية خاصة مفعمة بالعزة والكرامة لمن بقوا على قيد الحياة بعد جحيم تازمامارت. والرحمة والسلام على أرواح من قضى نحبه منهم ..
إن عائلتي، اعبابو، واحدة من تلك العائلات التي عانت ولا تزال تعاني من كابوس الاختطاف القسري لذويهم، والذين لم نعرف مصيرهم إلى اليوم..

 

والدي، العقيد محمد اعبابو، صدر في حقه حكم ب 20 سنة سجنا في محاكمة القنيطرة خلال شهر فبراير من سنة 1972، بعد الحكم اودع بداية في السجن العسكري الموجود بحي الخبزات بالقنيطرة، حيث كنت ازوره هناك لبضعة اسابيع، إلى أن تم نقله، وجميع رفاقه، إلى السجن المركزي بالقنيطرة، واصلت زيارته كل يوم أحد لعدة أشهر، ثم تغير يوم الزيارة ليصبح يوم الخميس. وبالرغم من أنه يوم عمل ودراسة، فقد داومت على زيارة والدي بإستمرار إلى يوم الإختطاف المشهود ..

 

في يوم الخميس 9 غشت 1973، وفي طريقي للزيارة كالعادة، وعلى مسافة أكثر من مائة متر (100m) من بوابة السجن، فوجئت بتواجد عشرات الشاحنات التابعة (لفرقة التدخل المتحركة(CMI) )!! حاولت المرور في إتجاه السجن، فتعرضت للدفع والرفس بدون تفسير، ولم أسلم من المعنفين إلا بتدخل أحد الضباط الذي سحبني بلطف وراء شاحنة، وحين عرف غايتي ووجهتي أخبرني بأن المعتقلين العسكريين قد نُقلوا إلى مكان آخر، دون تحديد وجهتهم !!

 

في نفس اليوم، إتصلت بالأستاذ محمد بوزوبع وأخبرته عن ترحيل المعتقلين إلى وجهة غير معلومة !!
المرحوم، الذي اصبح وزيرا للعدل لاحقا، كان يؤازر أبي إبان المحاكمة، لكنه لم يقم بأي إجراء يذكر، ولم يحرك ساكنا بعد سماعه أنه نقل(اختطف ) !!

 

كان ذلك بداية لعهد جديد حالك، من حياتي: فمنذ ذلك اليوم وأنا أبحث عن مكان وجود ابي، وعن مصيره؟ غير أنني كنت اصطدم بجدار رهيب من الصمت بناه النظام السياسي المستبد حول مصير كل المختطفين..
بعد مرور سنتين على التنقيل( الإختطاف)، وفي ليلة 13 يوليوز 1975، تم اقتحام بيوت أفراد العائلة في عدة مدن مغربية، وفي الريف، من طرف عناصر الشرطة المدججين بالسلاح.. لم نعلم اول الأمر بما حدث، وفي مساء اليوم الموالي 14يوليوز 1975 صدر بلاغ إعلامي رسمي حول محاولة فرار لسجناء من مكان ما بطريق ازعير في حي السويسي بالعاصمة الرباط !! حينها كنت محتجزا مع أختي في بيتنا في تطوان، تحت حراسة ثمانية من عناصر الشرطة..

 

بعد انصراف الحراس وإخلاء سبيلنا، أظهر لي ضابط شرطة، قائمة بالأشخاص المبحوث عنهم، وهم والدي العقيد محمد اعبابو ورفاقه العسكريين: محمد شلاط، وامحمد امزيرك، وعقا حروش، والإخوان بوريكات: مدحت وبا يزيد، وعلي إضافة الى حسين المانوزي المختطف من تونس، والذي كان النظام ينفي وينكر تواجده في المغرب !

 

بعد القبض عليهم، أٌسدل الستار من جديد حول مصيرهم وبقي إلى اليوم مجهولا !!

 

بعد التحاقي بأوروبا في بداية الثمانينات من القرن الماضي، التقيت برشيد المانوزي اخ المختطف حسين المانوزي وبالمرحوم محمد وزان نجل المختطف بلقاسم وزان ، قمنا بحملة تحسيسية حول ظاهرة الاختطاف في المغرب، حيث طرقنا أبواب الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والبرلمان الفرنسي والهولندي والاوروبي ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بجنيف، في الوقت الذي كان فيه النظام متعنتا، ومصرا على نفي وجود “معتقلات سرية” لأزيد من عقد من الزمن، إلا أن ارتفاع الضغط الإعلامي العالمي عليه، وخاصة بعد صدور كتاب جيل بيرو ” صديقنا الملك” في سنة 1991 أرغمت الحسن الثاني على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومن بقي على قيد الحياة من المختطفين ضحايا جحيم تازمامارت، ولكن والدي محمد اعبابو لم يظهر له أثر، وضل مصيره مجهولا !!

 

بعد صدور العفو العام في غشت سنة 1994، وفي شهر أكتوبر من نفس السنة استدعى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والدتي، وسلم لها نسخة موجزة من رسم الوفاة لوالدي، حيث زُعم أنه توفى بتاريخ 20 يوليوز 1976 بالريش!!

 

رغم (العفو)، كنت قد قررت عدم العودة الى المغرب، إلا بعد تصفية ملفات الإختفاء القسري، بكشف الحقيقة الكاملة عن مصير جميع المختطفين، ومتابعة المسؤولين عنه، وفق مقتضيات العدالة والقانون، كشرط لا محيد عنه لتحقيق عفو عام بمعناه الكامل( قانونيا وسياسيا واجتماعيا ).
لكن حين سمعت بالوفاة بالريش، اضطررت للعودة إلى المغرب، وفي اليوم الموالي توجهت إلى وزارة حقوق الإنسان، رفقة أخي الأصغر وإبن عمي عبدالعزيز، المتوفى بتازمامارت، استقبلنا مدير ديوان الوزير وسألته عما إذا كان هناك سجن سري آخر بالريش، إضافة إلى المعتقلات السرية التي اعترف بها النظام؟! كتازمامارت، وقلعة مكونة، واكدز و “النقطة الثابتة3″( PF3) ؟!

 

اندهش لسؤالي، وكان جوابه وبكل جرأة وصلافة : إن هذا الملف من اختصاص القصر !!
مثل العديد من المواطنين الآخرين، تعاونا نحن عائلات المختطفين ومجهولي المصير، مع هيئة الإنصاف والمصالحة، وانتظرنا نتائج عملها على أحر من الجمر، لكن عند صدور تقريرها النهائي وقرائته، شعرنا بخيبة أمل كبيرة، إزاء الحيز المخصص لضحايا الاختفاء القسري، وخاصة مصير والدي العقيد محمد اعبابو ورفاقه الذين كانوا محتجزين في”النقطة الثابتة3” (PF3)..

 

تبين من خلال النتائج ان هذه الهيئة، تم تعيينها لإنجاز مهمة محو جرائم النظام، والتستر على الآمرين والمنفذين للإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وليس العكس !!

 

وسأضل أطالب بحقي المشروع، الغير قابل للنزع او التنازل، في معرفة الحقيقة حول مصير والدي محمد اعبابو ورفاقه. وقبل ذلك، أعلن بهذه المناسبة، اني أرفض الحداد وقبول العزاء !!

 

– الحرية لكافة المعتقلين السياسيين

– المجد للشهداء وللمناضلات وللمناضلين الشرفاء المستمرين في معركة الانعتاق من العبودية والاستبداد..

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

One Response

  1. شهادة رائعة وصك اتهام ينضاف الى الملف الاسود للنظام المخزني المتمادي في نهجه القمعي المستبد.
    تحية للاخ عبدالغني اعبابو ولكل ذوي شهداء شعبنا ولكل ضحايا الاستبداد وكل القابعين في زنازين النظام بسبب وقوفهم في وجه الظلم والاستبداد ومن اجل العدالة والكرامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات