الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الاستبداد، راعي الفساد و للجهل مقام و مكان

قراءة لكتاب، ” ذاكرة القهر ” لبسمة عبد العزيز

 

 

قراءة رضوان الأحمدي/اسبانيا

 

 

 

 

 

الإستبداد هو سلوك مرضي يقوم على اغتصاب العقول منفذا، يتجلى في محاولة الهروب من المواجهة المعقلنة لعمق الهوة التي تفصله بينه و بين مسؤوليته الأخلاقية. يبحث عن الافكار الأرخص، لأن منتوجاته سلعة فاسدة كفساد هويته.

 

الإستبداد من اشنع الانظمة، يرغم الشخص ان يخون مبادئه و ذاته، ذات مغتربة يريدها المستبد هيكلا و مزهرية، يدفع الضحايا الى نوع من العدم.

 

الإستبداد يسوق شهوته الإستحواذية و ضبابية الكلام تصاحبه؛ الوطن، الخيانة، المرتزق ، تصريف الاتهامات لعبته المفضلة، حتى لا ينفضح إيقاعه الرتيب ،يراوغ ،يتحالف حتى مع الشيطان .
الإستبداد يدفع الضحية الى العدم، على ان يتصرف ضد مصالحه . الإستبداد يجرد الانسان من امكانية معرفة ذاته و مدى تحملها لوضعيات التعلم التي تقدمه الحياة كرهان تنموي ذاتي .

 

الإستبداد يروج للجهل لانه حالة فصامية تخدم توجهاته و مواقعه الاحتكارية ويطبعه،يخفي ان الجهل مأساة روحية تجوف الإنسان و تفصله عن واقع ممكن، من اهم خصوصيات الجهل احتقار الإنصات، و تشويه ما هو ملموس لان الحوار البناء يقوم على الإستعداد و حسن الإنصات.

 

الإستبداد يقوم على تشجيع الإنتهازية لان التشبت بالقيم المقاومة يوتر المستبد و يجعله في حالة قلق دائم .المستبد لا يتحرك عبر القوانين بل تحكمه نزوات واثبة السبل، فهو ديماغوجي القريحة تستهويه الدعاية التحريضية، يفرض سلطة غير مسؤولة، مخادعة، مهيمنة تعارض الحكمة و العقل و الإنسان ، يستعمل الإقناع عن طريق الٱكراه.
الإستبداد هو نظام اللحظة لا مستقبل يحذوه يدافع احتيالا عن حاضر تشكل على منواله.

 

تقول بسمة عبد العزيز صاحبة كتاب، ” ذاكرة القهر ” ان المستبد ضميره مقتول، ودينه المال، وإلهه هواه، فأكثر ما يستفزه أن يقف أمامه أحد ويعارضه، لذلك يدوس البشر، ويقطع الرؤوس، وينشر الأجساد، ويحرق الأحياء. يعاقب و يجب أن يكون العقاب مرعبًا ومهولًا، لذلك لا تجد أي تناسب بين الفعل والعقاب، فكثيرًا ما وجدنا مسجونين لسنوات طوال بسبب لافتة أو هتاف ، عقاب النشطاء السياسيين بأنه فعل ذو دلالة عدوانية تجاه المجتمع وليس ضد شخص بعينه، حيث تُستخدم الضحية دائمًا للإعلان عن القوة المطلقة للنظام وقدرته اللامحدودة على البطش، وحين يفلح الجلاد في عزل ناشط سياسي عن محيطه وحياته الاجتماعية، وفي حرمانه من التواصل مع الزملاء والرفاق، لا يكون قد تخلص من معارض واحد فقط، بل نجح في كسر إرادة وكرامة المجتمع بأكمله”.الهدف النهائي لكل طرق التعذيب هو إذلال الضحية واحتقاره، حتى يستصغر نفسه ويحتقرها، ويندم على ما اقترفه في حق الزعيم، ويصغر في نظر متابعيه أو مؤيديه.

 

و كذلك قال في نفس المضمار الكاتب الإصلاحي عبد الرحمن الكواكبي وذلك في منتصف القرن التاسع عشر في كتابه،” طبائع الإستبداد”ان الإستبداد يقلب الحقائق في الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مطيع”.

 

الإستبداد يبشر بالفقر و الضنك، الذل، الهوان و الإستهتار، انعدام الآمان و استقواء القوي على الضعيف . يعزز ه الإستبداد السياسي مظلة و بنية تحتية قائمة على القمع و الترهيب. والإستبداد السياسي حسب الموسوعة السياسية كيالي,؛”هو ذلك التغلب والاستفراد بالسلطة، والسيطرة التامة على مقاليد الدولة واغتصابها من الأمة دون مشورة و رضى منهم.والاستبداد جزء من الطغيان وليس مرادفا له، فقد يكون المستبد طاغياً وظالماً، وقد يكون عادلاً مجتهداً في الإصلاح “.

 

المستبد يهيم نفسه انه أذكى الأذكياء، يسخر كل طاقته في ان يبين صحة ما يتظاهر به، هو المفكر،الرشيد، السديد حكيم الفلاسفة، وراصد الحركات الإجتماعية بإمتياز، يظن ان له حظوة واسعة الإنتشار، يعتبر ان الناس وجدت لترعى مصالحه و تتصدى للغير من اجل سلامته. الوطن بالنسبة له ضيعة و مرتع تتألف فيه القلوب المستكينة لبهائه .

 

المستبد يستهويه بشغف الإعلام، لينفث فيه عجرفته و نرجسيته المفرطة، ممجدا انجازاته و ضاربا في اعراض من يعارضه التوجه، تراه يشيطن الغير و يلصق بهم تهم ثقيلة العيار، يستخدم الإستملات العاطفية لجلب المغفل ايحاء ليدافع هذا الأخير عنه العندما يحتدم وراس السجالات المفاعلة ووالمغرضة ينبري المستبد كحكم رزين المشورة و القول ليسطع نجمه.

 

الاستبداد فساد و جريمة ترتكب في حق البشر

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات