الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

يــوم و ذكــرى

 

 

المختار النحال/المغرب

 

 

الزمن: السبت 20 يونيو 1981

الحدث : إضراب 20 يونيو 1981

 

صانع الحدث : الكونفدرالية الديمقراطية للشغل

 

الدوافع :

 

 

زيادات صاروخية في أثمان المواد الغذائية ) الدقيق : 40% – السكر: 50% – الزيت :28% – الحليب : 14% – الزبدة : 76% ( لتضاف إلى الزيادات التي سبقتها سنتي 1979 و 1980 لتكون حصيلتها النهائية : ) الدقيق 185% – السكر: 112% – الزيت :107% – الحليب : 200% – الزبدة : 246% ( . والتي خلقت تذمرا واسعا وسط الجماهير الشعبية في حين بقيت الأجور مجمدة منذ عدة سنوات .

 

المكان : سلا و الرباط:

 

كانت جميع قطاعات الوظيفة العمومية تشتغل صباح يوم كل سبت من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى الثانية عشرة زوالا. خرجت من البيت على الساعة السابعة النصف صباحا في جولة أولية في الحي الذي كنت أقطنه لأتفقد سير الإضراب. كل المحلات التجارية و المهنية والمقاهي كانت مغلقة بشكل كلي رغم تدخل السلطات المحلية في الليلة السابقة للإضراب بتهديد أصحابها على عدم الاستجابة للإضراب. ركبت بعد ذلك الحافلة متوجها إلى الرباط، حيث كانت حركة السير قليلة، تدل على أن هناك أشياء غيرعادية تعرفها مديني سلا والرباط. دوريات الأمن منتشرة بكثافة في كل الشوارع و الأزقة، رجال أمن مدنيون و مقدمون يراقبون كل الحركات.
وصلت إلى باب شالة و أكملت طريقي راجلا عبر شارع الحسن الثاني الذي كانت جميع محلاته مغلقة بالكامل متوجها إلى مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالرباط .

 

رغم تواجد قوات الأمن بكثافة أمام مقر النقابة، إلا أن المناضلين والمناضلات تحدوا كل عوامل الخوف والتحقوا بكثافة بالمقر. ومع حلول الساعة التاسعة صباحا، انطلقت مظاهرة كبرى في اتجاه شارع الحسن الثاني رافعة شعارات مدوية و منددة بالزيادات و بحملات القمع والاعتقالات التي تعرض لها مناضلوا و مناضلات الكونفدرالية على الصعيد الوطني.

 

بعد حوالي نصف ساعة على انطلاقها، تم إرسال تعزيزات كبيرة من قوات القمع لفض المسيرة،و كانت الخطة في حالة التدخل هي انسحاب جميع المشاركين والمشاركات من المظاهرة عبرالأزقة الموازية للشارع تجنبا للاعتقال و وقوع الإصابات.

 

قبل انطلاق المظاهرة، كنت قد اتفقت مع رفيقي المناضل عبد الرحمان شوجار، أحد مناضلي الحركة الاتحادية الذي تعرض للاعتقال سنة 1969 وحكم عليه ب 20 سنة سجنا نافذة، و أطلق سراحه في شهر دجنبر1977 على أن نبقى سويا بعد نهاية المظاهرة بحكم أننا جاران نسكن نفس الحي بمدينة سلا عدنا بعد ذلك إلى مدينة سلا و ركبنا دراجاتنا النارية : بوجو 103 و موبيليط حمراء، عائدين إلى الرباط في جولة شملت كل أحياء يعقوب المنصور معقل الحركة الاتحادية الأصيلة التي استجابت للإضراب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل حيث أصاب الشلل كل شئء.

 

وصلنا إلىمقر الحزب بيعقوب المنصورالسفلي الذي كان يسكن بجواره المناضل الكبير المرحوم الحاج المدني، وجدنا مناضلين إثنين من شبيبة الحزب أبلغانا بضرورة التواجد في مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالرباط ابتداء من الساعة الثانية بعد الزوال.

 

كان أمامنا وقت قصير بسبب دراجتينا، فقررنا العودة إلى حينا بسلا لنتركهما بسلام حتى لا يكون الاعتقال رباعيا في حالة وقوعه.

 

وصلنا إلى مقر النقابة على الساعة الواحدة و خمسة وأربعين دقيقة، كان مملوءا عن آخره بمئات المناضلين والمناضلات، حيث كان هديرالشعارات وزغاريد النساء يعم المنطقة بمشاركة الجيران المتواجدين بشرفات ونوافد و سطوح العمارات المحيطة بالمقر. كان بالفعل يوما استثنائيا في حياة شعبنا الذي لبى نداء الإضراب بشكل جماعي منقطع النظير.

 

تمت محاصرة المقر من مختلف الأزقة، ومنع الدخول إليه أو الخروج منه، وأبلغنا المسؤولون في الاتحاد المحلي بعد توصلهم بمكالمة هاتفية من مقر الكونفدرالية بالدار البيضاء أن الأوامر قد أعطيت بإطلاق الرصاص حيث سقط العشرات من الشهداء، و أن المدينة تعرف تدخلا للجيش بعد فشل رجال الأمن السيطرة على الأوضاع بعد شروعم في القمع والاعتقالات. حوالي الساعة الرابعة تم قطع هاتف المقر لمنع المسؤولين النقابيين من التواصل مع القيادة المركزية للنقابة بالدار البيضاء.

 

و مع مرور الوقت، ورغم معارضة أغلب الحاضرين و الحاضرات لتشكيل وفد للتواصل مع الجهات الأمنية لفك الحصار عن مقر النقابة بالرباط، خوفا من اعتقالهم، فقد تشكل وفد يضم ثلاثة أعضاء من الاتحاد المحلي الذين ذهبوا ولم يعودوا بسبب اعتقالهم بمجرد الخروج من المقر و هم عبد الرحمان بلكادة و المرحوم محمد الملاقات والثالث لم أتذكر إسمه.

 

بعد ذلك انصب التفكير على كيفية إخلاء المقرو بالدرجة الأولى من الطلبة والطالبات و الباقي من المناضلين والمناضلات حتى لا يتعرضوا للاعتقال في حالة اقتحامه بمجرد حلول الظلام. و كان من جميل الصدف أن مقر النقابة كان فيلا محاطة بفيلات أخرى من وراءه، و بمساعدة السكان تم إحضار سلاليم لمساعدة المحاصرين على التسلل من الفيلات الموجودة وراءه، ليتمكن أغلب المحاصرين من الخروج سالمين، إلى أن جاء دورنا حيث تسلقت السلم رفقة رفيقي عبد الرحمان شوجار قبل حوالي عشرة دقائق من اقتحامه من طرف قوات الأمن بعد استعمالها للقنابل المسيلة للدموع و اعتقال من بقي من المناضلين وكان عددهم حولي ثمانية عشرة .

 

عدنا سالمين إلى مدينة سلا، وإذا بنا نتفاجأ بدوريات الجيش تحمل أسلحتها و تجوب كل أحياء المدينة مطالبة كل من صادفته بضرورة ملازمة منزله، و أن الخروج إلى الشارع أصبح ممنوعا.

 

بعد دخولي إلى البيت أخذت المذياع لأستمع إلى نشرات الأخبار على محطات قنوات الراديو الأجنبية التي كانت تنقل مايصلها من أخبار حول سقوط المئات من القتلى والجرحى واعتقالات بالجملة في الشارع العام خصوصا بمدينة الدار البيضاء، وباقي المدن المغربية الأخرى و كان من بينهم قياديون من المكتب التنفيدي للكونفدرالية و مسؤولين في الأجهزة المحلية والإقليمية على الصعيد الوطني.

 

هكذا قضيت يوم 20 يونيو 1981، يوم التضحية والفداء الذي وقفت فيه جماهير شعبنا مدافعة عن كرامتها وشرفها و قدمت عشرات الشهداء من أجل ذلك.

 

و في النهاية، لا يمكن لي كمناضل كونفدرالي أن أنسى هذه الذكرى الأليمة التي كنت واحدا من بين آلاف المناضلين والمناضلات و الماطنات والمواطنين العاديين الذين شاركوا في تلك الملحمة الخالدة من تاريخنا المجيد،وهذه الخاطرة هي لتذكير أجيالنا بالتضحيات الجسام التي قدمها مئات الشهداء الذين رووا بدمائهم الزكية تربة هذا الوطن و حتى لا يطالهم النسيان.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات