الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

 

 

من التصميم الخماسي الى العجز في الاكتفاء الطاقي

 

 

مبارك المتوكل/المغرب 

 

استفزني بيان النقابة الوطنية للطاقة بعد اطلاع مكتبها الوطني على رأي السيد أحمد رحو رئيس المجلس الوطني للمنافسة، الهيئة التي كان أهل الرأي والمعنيون بالموضوع ينتظرون بثها في خلاف تأخر الحسم فيه إلى حين صدور القوانين المنظمة لأشغال هذا المجلس، غير أن ما جاء في تصريح للسيد رئيس ذلك المجلس جاء مخالفا لما كان ينتظر منه.

 

وشاءت الصدفة أن أتذكر وأنا أطلع على ذلك البيان، أنني أتوفر قي مكتبتي على نسخة من مشروع التصميم الخماسي الذي كانت حكومة المرحوم عبدالله إبراهيم قد أعدته، والذي كان من بين من ساهم في إعداده حسب ما سمعت، وأنا حينها في بداية تطلعي إلى المعرفة ساعيا لإيجاد مكان لم أكن أستحقه إلى جانب كبار المرحلة، لكنني لم أستطع الاحتكاك إلا بأترابي في المعهد المصري وفي الجامعة، والذين كانوا فتية يطرقون بعناد أبواب المعرفة ليستمعوا ويطلعواعلى نوع جديد من طرق التعلم على يد أساتذة أجلاء من أمثال المختار العبادي ومصطفى الشويمي ودي جاكومو …. ثم تقدم السن ودخلت معترك الحياة ومعه ساحة النضال، وعاد الاتصال بالشهيد عمر بنجلون الذي جعل من النقابة الوطنية للتعليم ومن مقرها الحالي في الدارالبيضاء مدرسة لتكوين للأطر مباشرة بعد خروجه من السجن، بعد أن انهى عام1967 عقوبة حبسية لمدة سنة ونصف قضاها مجددا عهده بالسجن المركزي بالقنيطرة . بدأ التكوين بعدد من العروض النظرية في الفلسفة والاقتصاد والتاريخ ودعا عددا من الأطر التي كانت محسوبة على الصف التقدمي للمشاركة في التأطير.

 

كان من بين المؤطرين الذين نالوا حينها اهتمام المشاركين الدكتور محمد الحبابي الذي اشتغل مع وزارة الاقتصاد في حكومة المرحوم عبد الله إبراهيم، والذي تناول عرضه ظروف وشروط إنجاز التصميم الخماسي كما وقف على ظروف وأسباب لجوء المخزن إلى الانقلاب على حكومة عبد الله إبراهيم – بتاريخ 20 ماي 1960 -وإلى تفكيك التصميم الخماسي الذي كانت الحكومة الوطنية تطمح من خلاله إلى الارتقاء بالمغرب إلى مستوي الدول الصناعية خلال سنوات 1960-1964 .

 

رفعت الحكومة الجديدة -ترأسها محمد الخامس- شعار الاعتماد على الفلاحة والسياحة كبديل عن التصميم الخماسي الذي بدأ التخلي التدريجي عن أهدافه ومراميه، أو على الأقل تقليص وإنهاء إمكانية بلوغ هدف البرنامج الطموح الذي كان سيفضي في حالة نجاحه إلى ظهور صناعة مغربية ثقيلة، توفر للمغرب إمكانية صناعة  وسائل الإنتاج القادرة على توفير إمكانية صناعة وتوظيف وتسويق أدوات الصناعات التحويلية عن طريق إنتاج الحديد والصلب  بمعمل النضور والذي لم يستطع أن يلعب الدور الذي رسمه له مشروع التصميم الخماسي.

 

كما أن المركب الكيماوي في آسفي والذي تحول من مشروع مركب سنة1965 إلى معمل يستورد الكبريت بدل بروتين قطارة، الذي يتوفر إلى جانب الكبريت على عدد من المعادن، كان المركب حسب التصميم سيحولها لتساهم في إغناء الثروة الوطنية. لكن الحكومات التي تولت بعد 1960 قررت الاستغناء عن البروتين واستيراد الكبريت الخالص من جهات أخرى لعدم توفر مركب آسفي على أدوات تحويل المخلفات إلى معادن قابلة للتصنيع مما أدى إلى القضاء على مآت مناصب الشغل في منجم استخراج البروتين كما حول قطارة التي كانت مؤهلة لأن تصبح مركزا حضاريا مهما إلى قرية مهملة يكتفي من ظل مقيما بها من السكان بنشاط سوق أسبوعي لا يقدم بل قد يؤخرالقرية ويحولها إلى مجرد دوار.

 

لكن تبين فيما بعد بأن تحويل المعادن بدل تصديرها خاما أفيد من حيث الربح المادي ولكن أيضا من حيث توفير عدد من مناصب الشغل وإمكانية الارتقاء باليد العاملة المغربية إلى مستوي بروليتاريا قادرة على المنافسة الدولية من حيث الدقة وجودة المنتوج . ولتوفير شروط نجاح مشاريع من مستوى صوناصيد للحديد الصلب وصوماكا للسيارات وطارق للجرارات …الخ كان التصميم قد ارتأى أن أي إنجاز من هذا الحجم يقتضي توفير الطاقة الكفيلة لتحريك قطاعات الإنتاج الثلاثة من أجل نجاح مشروع يوصل المغرب إلى تصنيع وسائل الإنتاج استخراجا وزراعة وتحويلا وخدمات، لذلك كانت لؤلؤة العقد في الصميم الخماسي هي معمل حقيقي لتكرير النفط المستخرج أو الممكن اسخراجه من تراب المغرب، خصوصا وقد خلف الاستعمار معملا محدود الإمكانية كان يكرر ما استخرج من نفط في المغرب. ولكن حجم وأهمية لا سامير التي كانت جوهرة العقد لمشاريع التصميم الخماسي جهزت بميناء لاستيراد الخام وتصدير المكرر منه عند الاقتضاء.

 

إلا أن إرادة إنهاء الحديث عن نجاح حكومة كان أعضاؤها يفكرون بطريقة أخرى جعل حكومات اللبيرالية الجديدة تلجأ إلى اختيار الانضباط والخضوع لتوجيهات صندوق النقد الدولي وإقبار ما يمكن أن يذكر بعبد الله وحكومته المغضوب عليها فكان إدخال مؤسسة كانت تضمن الأمن الطاقي للبلاد وتوفر مآت الوظائف المباشرة وآلاف الوظائف الغير المباشرة للوطن والمواطنين إلى سوق الخوصصة.

 

فسلمت المؤسسة بكل ممتلكاتها وتوابعها في صفقة مشبوهة إلى مستثمر بدأ بتصفية معمل سيدي قاسم ثم شرع في تصفية الشركة وبيع ممتلكاتها واستطاع أن يورط البلد بحكومته ومؤسساته السياسية والمالية …. ثم عملا بالمثل المغربي الشائع” ضربني وبكأ وسبقني وشكا ” تقدم بدعوى ضد الدولة المغربية. التفاصيل يرويها ويعاني آثارها الرفيق الحسين اليمني ورفاقه في المحنة. كما يرويها المواطنون الذين اكتووا بالتهاب أسعار المحروقات وما تبعها من التهاب في أسعار كل السلع وليصبح الوطن بمن فيه رهينة في يد حكام لا هم لهم إلا استغلال الأزمة واقتناص كل فرصة توفر استفادة أكبر ولو على حساب قوت المستضعفين.

 

إذا كانت الدولة فكرت في دعم أرباب النقل على الطرقات لتوفير أمكانية تنقل البشر ولكن وبالأساس إمكانية تغذية السوق بالسلع يبقى السؤال المؤرق هو هل تم التفكير في منتجي هذه السلع والذين يكتوون بنار غلاء أسعار المحروقات في عدد من المهن نخص بالذكر منها مهن الفلاحة والصيد البحري وهما القطاعان اللذان يوفران الجزء الأهم من السلع الأساسية ضامنة الأمن الغذائي للمواطنين.

 

ولا نعني هنا كبار الفلاحين المعفيين من الضرائب والمستفيدين من كل أنواع دعم الدولة لفلاحة تنتج للتصدير دون أن يستطيع المواطن المغربي المغلوب على أمره أن يعرف لهذه المنتجات المسوقة للخارج اسما ولا طعما. كما أننا نعني الصيد التقليدي والصيد الساحلي الذي يستطيع بحارته بالكاد أن يوفروا ثمن الوقود الملتهب ثمنه ومضغة ممزوجة بالعرق والألم والدم لهم ولذويهم ولا نعني مراكب الصيد في أعالي البحار القادرة وحدها على منافسة أساطيل الصيد الأوروبية المستفيدة من اتفاقيات الصيد مع المغرب مما يفقر شواطئنا ومياهنا من مورد حيوي يساهم في توفير الأمن الغذائي للحاضر وللأجيال القادمة.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات