الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

المرأة العربية و إكراهات المجتمعات الغربية

ياسين يحيى – اسبانيا 
لا شك في أن المجتمع مبني و مكون من نواة اسمها الأسرة، و هذه الأسرة مكونة من أفراد، من أم و أب و أبناء، و الأم هي الركيزة الأساسية في تكوين و تمثيل الرمز الأخلاقي، فالزوجة و الأم و الأخت، و الجدة و العمة.. هي نفسها الممرضة و المعلمة و الطباخة و المربية، والأمر في الغرب مختلف في بعض هوامشه، حيث المرأة تقوم بأدوار تتسع دائرتها عما هو قائم في الشرق العربي، فنخلص إلى رهانات و إكراهات أكبر و أثقل مسؤولية.
يقوم النظام الغربي على توسيع دائرة الحريات، و تسوية حدودها بين الجنسين، وتحميل الطرفين نفس العبأ المجتمعي من الناحية العملية و المهنية، وتمحض الهامش و الفارق بين الرجل صاحب القوامة، و المرأة صاحبة التربية و التوجيه و التعليم في محيطها الأسري.
وبهذه المقاربة المعدلة ماديا، و المائلة معنويا، أصبح كاهل المرأة و السيدة و الأم  مثقلا أكثر مما كان عليه، و وجدت السيدة نفسها مجبرة على ارتداء البدلة في الصباح، و تناول القهوة في الطريق، و التقاط الجريدة في المشوار، و الالتزام بالمسؤوليات، و أخذ الوجبات الخفيفة في الظهيرة، و المرور على السوبر في المساء، واحتياجها للجلوس في المقهى قبل الدخول للبيت، كل ذالك في محيط لا يمثلها في الأخلاق، و السلوكيات و الدين و العرق و اللغة و التقاليد، مما يزيد من الضغط و الحدة في محاولات التجرد و التأقلم من جهة، و مجابهة و مواجهة التشبت و الحفاظ على الأصل و المبدأ من جهة ثانية. فتدخل البيت بعد يوم طويل، لتجد المسؤوليات الاخلاقية الكبرى، و الرسالة الكبيرة المنوطة إليها، أكبر و أثقل عليها، الا وهي التربية الأسرية.
فأصبح المجتمع مبني على أسس مادية، و كاد يفقد العنصر الأخلاقي و المعنوي، حيث صرنا نهدي الأطفال النقود بدل  الاحضان، و ألعاب الفيديو بدل الكتب، و نرسلهم في ما يجدون فيه اللهو، بدلا عن أي وقت نقضيه معهم،
و من هذه المورفولوجيا العامة للأسرة و المرأة بالغرب، تستشف الاكراهات التي تتعرض لها و التهميش و التشويه الذي يطال صفتها العربية كمربية للأجيال  إلى عاملة و ربة أسرة خارج البيت حالها حال الأب.
وقد يسأل سائل عن ما يكره المرأة العربية عن الانسياق في المجتمع الغربي بالطريقة التي نسردها، و قد يقول آخر، هي التي تختار بين الحال و الحال الآخر، فنقول، إن التمدن و المساواة، و المبادئ التقدمية التي ينبني عليها المجتمع الأوروبي، لا يفتح باب الاختيار الا قليلا، حيث المرأة متجسدة كرمز للمجتمع في كل الزوايا، من إعلانات و لافتات،  و شعارات و إشهارات منذ القرن الماضي، و اليوم قد تخجل المرأة التي لا تملك وضيفة، او لا تقضي يومها في عمل غير عمل البيت من الإفصاح بذالك، فهي من تسوق القطار، و من تنضم المرور، و من تخدم المواطنين في المكاتب و الإدارات، و غيرها من المهن، وتصبح الأسرة فارغة مهمشة عاطفيا، و تفقد سحنتها العربية،
و قد يظن أحدهم أننا نريد أن ننتقس من دور المرأة في المجتمع و إسهامها في العمل و مشاركتها في المسؤوليات، فنقول أننا لسنا على ذالك التفكير، بل ما يدفعنا لإثارة الإنتباه هو أن تصبح الكفة مائلة لجهة العمل و الانشغال عن الأسرة، و أن تتجرد المرأة من دورها التربوي و العاطفي اتجاهها .
اننا نعفي المرأة من اي لوم او عتاب، و لا نحملها اي مسؤولية او تقصير، لأننا نعلم ان الاكراه المجتمعي في نموذجه الغربي الأوروبي العلماني، يأخذ بيد كل امرأة في تياراته الجارفة رغما عن اختياراتها و توجهاتها الفكرية و الثقافية.
Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات