الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

لا إيمان لمن لا أمانة له

 

 

 بقلم : عبدالنبي التليدي – المغرب

 

قال تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } ( الأحزاب : 72 ) في تفسير.

وقال سبحانه أيضا ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) المؤمنون 115

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له ، ولا دينَ لمن لا عهدَ له. الراوي : أنس بن مالك ) .

 

 

وعليه فان الله خلق السماوات والأرض والانسان من اجل غايات وحكمة الهية منها ما نعلمها كالعبادات والمعاملات ومنها ما لا يعلمها إلا هو سبحانه  .

 

و الامانة التي حملها الانسان هي مجموع التكاليف التي كلفه الله بتحملها ومنها الأعمال الصالحة التي تتحقق  الغاية بفضلها من الحياة وللناس اجمعين ( وقل اعلموا فسيرى الله عملكم ورسوله ) .

 

والا يكون من شان الاتيان بها الاضرار بالناس والفساد في الارض ؛ لان هذا من الظلم وهو ما حرمه الخالق على نفسه كما جعله محرما بين الناس ، فالدين الحق هو تقوى الله والايمان الصادق به من خلال المعاملات الصالحة والتطبيق الفعلي له على ألارض التي جعلني سبحانه مستخلفين فيها .

 

وعندما يغيب  ربط الدين بتقوى الله وبالعمل الصالح يصبح الدين بعيدا عن الغاية التي من اجلها كان اصلا ويصير  مجرد يافطة ترفع امام الناس ووسيلة تستعمل للركوب عليها لاستغلال عباد الله ؛ لهذا اعتقد ان كارل ماركس شبه الدين بالافيون بعدما صار يستغل من قبل الكنيسة في اوربا التي اغتنت فيها على حساب المواطنين الابرياء وعلى حساب الجماعة   وابتعدت بذلك عن روح الدين وعن مقاصده ، رغم ايماني العميق بان الدين الحقيقي هو ما يبعد المؤمن به عن اي افيون او ما شابهه من مخدرات مادية او  سياسوية  او فكرية غير صالحة تهدف الى الاستغلال  او راسمالية متوحشة لا علاقة لها باي دين أو قيم أو أخلاق كالسائدة في بعض الدول التي اريد لها أن تبقى متخلفة حتى يسهل افتراسها سواء من طرف أبنائها الغير بررة أو من طرف حماتهم في دول أخرى ..

 

فهل قام الانسان المؤمن الحق  بتحقيق الغاية من وجوده بالعمل الصالح والاخلاص لامانته الملقاة على عاتقه شرعا و قانونا  ام ان اكثر الناس ظالمون لانفسهم وللناس لانهم خانوا الأمانة وتجاهلوها وجهلوا عواقبها الاليمة عليهم في الآخرة  وعلى حياة عباد الله فوق الأرض ؟

 

ان النظر في حالة المجتمع يبين مع الأسف العميق ان كثيرا من بني ادم  ظالم لنفسه ولغيره وفاسد في الارض وجهول بواجباته سواء تجاه ربه الذي حمله المسؤولية الاولى في ارضه وسيحاسبه عليها او تجاه القانون الذي نظم العلاقات بين الناس في المجتمع لانه يخل بواجباته ولا يحترم  التزاماته تجاهه  ويخرق كل المقتضيات بالتعسف في تطبيق القانون وفي التمييز بين الناس وفي التعدي على حقوقهم وفي ظلمهم وايثار نفسه على الباقي وفي اخذ ارزاقهم من خلال الامتيازات التي خولها لنفسه ومن خلال كل أشكال الريع والرشوة وكثير من أنواع الفساد والاساليب الغير مشروعة ”الاثراء الغير المشروع على حساب الغير”  والجمع بين السلطة والتجارة بشكل متعمد وخطير ! الخ.

 

وما يلاحظ داخل كثير من  المجتمعات  من مظاهر التخلف  ومن اختلالات اجتماعية ومن فوارق طبقية ومن تفاوت في مستوى المعيشة والتعليم وفي امكانيات العلاج من الامراض ومن انتشار للمخدرات وللجريمة الا نتائج  ومظاهر لاعمال الانسان الجهول والمسؤول الظالم لغيره   والمفسد للحياة وللناس .

 

وهي مظاهر ناتجة اساسا عن انانية كثير من البشر  الذين يؤثرون انفسهم على باقي المواطنين ويستحوذون على ثمرات ارض الله ويستغلون كثيرا من الوسائل استغلالا  مجحفا لصالحهم ومن اجل تحقيق كثير من ماربهم البعيدة عن مارب غيرهم وعن صالح الجماعة بما في ذلك السلطات التي تعتبر وسيلة لتنظيم العلاقة بين المواطنين في الدولة ولتنزيل الحقوق والواجبات فيها ولتوزيع الخيرات والثمرات على اسس من العدل والمساواة من دون تمييز لاي سبب من الاسباب ولا تفريط او افراط بغاية اساسية هي تماسك المجتمع وتازره ونشر الامن والامان بين افراده ودعم استقراره ومنع كل ما من شانه خلق الفوارق بينهم او الفتن بين مكوناته مهما اختلفت في الاصل او الانتماء او حتى في الدين ..

 

ولهذا لا يحق لاي احد ان ياتي من الاعمال التي من شانها الاضرار بالاخرين او يخل بالتوازن داخل المجتمع او من السلوك ما يعتبر خيانة لله وتجاوزا على ارادته وظلما لعباده في ارضه ؛ كان يستغل السلطة التي اوكلت اليه استغلالا فيه تعسف وظلم واثراء غير مشروع على حساب الاغلبية  لان في ذلك السلوك خيانة للوطن واخلالا  بواجباته الوظيفية كانت سياسية او ادارية او اجتماعية او غيرها لانه مؤتمن عليها ومسؤول امام الجميع الذي انتدبه لوظيفته ليقوم بها احسن قيام ؛ اما بالتعيين او بالانتخاب ، باعتبار ان هذا الجميع هو مصدرالتشريع و السلطة وسيد نفسه .

 

لذلك يمكن لسيد نفسه هذا بل يجب عليه استرداد امره واستعادة سلطته عندما يلاحظ اي خروج بها غير مشروع عن الغاية التي تم تعيين المسؤول او انتخاب المنتخب لان استمراره في مباشرتها والحالة هذه قد يخرج البلاد عن جادة الاستقرار ويخلق لها مشاكل كثيرة سياسية واجتماعية واقتصادية لا قبل له بها لحلها مما قد يدفع بالمجتمع الى فتن وقلائل بل الى حروب طاحنة تاتي على الاخضر واليابس ان عاجلا او اجلا خاصة او يعرضه لخطر التدخلات الاجنبية المتربصة خاصة  عندما تكون كثير من الظروف غير عادية بل ومعقدة حسبما يحلو للبعض وصفها، وكثير من شروط امكانية انتشار الفتنة في المجتمع متوفرة كالشروط الاجتماعية الغير مناسبة وعدم الرضا على الاوضاع والاحساس بالغبن وبالجور وعدم التجاوب مع تطلعات الناس الى الكرامة والاحترام والعيش اللائق ووجود تفاوت منكر وواسع بين الافراد في المجتمع بل وحتى في ظل شروط سياسية متسمة بالتعصب في الراي والميل الى فرض الراي الواحد وتغييب العقل والحوار وغياب الامال في تحقيق طموحات المواطنين التي توافق عليها الجميع مسؤولون ومواطنون ودخول بعضهم في صراعات سياسوية لا جدوى منها الا الرغبة في التحكم والاستئثار بالحكم وبالامتيازات ليس لخدمة الوطن والمواطنين وتنمية البلاد من اجل رفاهية العباد وانما لصالح اقلية مستبدة ومستفيدة  ولصالح من والاها او لصالح حزب مختار يضر الحاكم والمحكوم  ولا ينفعهما   …

 

وعليه فان مسؤولية المؤمن في المجتمع الإسلامي مسؤولية عظيمة بل وخطيرة ما يوجب عليه الديني تقدير عواقبها وان يشعر بمسؤوليته تجاه الجميع وان يقدر تبعات سوء اعماله وسيئات تصرفاته ، وان يعرف ان اعمال المؤمنين الصادقين والعقلاء منزهة عن العبث وان المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة كانت سياسية او حزبية اوكانت شخصية او اقتصادية ، وان الوطن هو الاول والاخر بعد الله وذلك هو المؤمن الحق والوطني الصادق ؛ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلا.

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات