الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الفساد يشعل نار الأسعار

 

البدالي صافي الدين/المغرب

 

لا زالت أسعار المواد الغذائية في ارتفاع مستمر ،و لم تفلح الحكومة في التحكم في موجة ارتفاعها ، رغم رسالة رئيسها أخنوش إلى بعض وزراء حكومته، وفي مقدمتهم وزير الداخلية و وزير الفلاحة و الصيد البحري و المياه و الغابات و التنمية القروية ووزير الاقتصاد والتجارة ووزير المالية، من أجل تكثيف المراقبة على أسعار المواد الغذائية و المواد المصنعة. لكنه استثنى أسعار المحروقات التي هي راس” البلاوي” كما يقول اخواننا في مصر. فبالرغم من كل الخطابات الحكومية، التي دائما ما تكون تشعل النار بذل إطفائها، لطمأنة المغاربة بأنها قادمة للحد من ارتفاع الأسعار ، فإن تلك الخرجات المتناقضة لأعضاء الحكومة لم تمنع من ارتفاع أسعار المواد من خضر و فواكه و حبوب، حيث ارتفع ثمن الطماطم الى أعلى درجة ومثله مثل البصل و البطاطس و غيرها من عدس وحمص و فاصوليا و فول . السؤال المطروح إذن : ما هو سبب عجز الحكومة في التحكم في الأسعار والحفاظ على الأمن الغذائي للمغاربة ؟
إن الجواب على هذا السؤال يحيلنا على طبيعة الحكومة و على عنوان عملها وبرامجها.

 

إن الحكومة التي وصفت نفسها بحكومة الكفاءات و بالحكومة الاجتماعية تأكد للشعب المغربي بأنها ليست كذلك، لأنها وجدت نفسها مقيدة بالمصالح الشخصية و بالدفاع عن مصالح لوبيات الفساد و نهب المال العام و على الإقطاعيين الجدد. فأصبح عنوانها هو “حكومة حماية الفساد” و بدا ذلك في بداية مشوارها الحكومي التحكمي، حيث نصبت نفسها المدافع القوي على الفساد و المفسدين، و اتخذ وزير العدل وهبي على عاتقه هذه المهمة، من خلال عزمه التضييق على جمعيات حماية المال العام و إلى طمأنة المتابعين قضائيا في جرائم الأموال بناء على شكايات جمعيات حماية المال العام ،مما أدى إلى تنامي مظاهر الفساد و الرشوة و نهب المال العام والافلات من العقاب و عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة ، الشيء الذي شجع على عملية احتكار المواد الغذائية و المصنعة و شجع على المضاربات في الخضر و في الفواكه و في اللحوم الحمراء و الدواجن و الأسماك و البيض والتوابل .

 

إن هذه الفوضى في الأسعار، كان من ورائها الفساد الإداري و السياسي الذي ترعاه الحكومة منذ توليها تدبير الشأن العام للبلاد، لأن الفساد لا يمكن تحديده في مجال معين أو في قطاع من القطاعات الحكومية بل يصيب كل المؤسسات العمومية وشبه العمومية و القطاع الخاص.

 

إن نتائج سياسة عدم القطع مع الفساد في جميع المؤسسات و الإدارات جعل وظائف هذه الأخيرة تشوبها شبهة التواطؤ و عدم القيام بالدور المنوط بها. ذلك بأن وزارة الفلاحة لا تملك خريطة وطنية ولا استراتيجية معلومة، تحدد من خلالها نقاط الإنتاج الفلاحي و نوعية الإنتاج وتقدر مستوى الإنتاج و سعره في الأسواق الوطنية، كما لم تكن على بينة تامة من عملية التصدير ومدى قانونيته للحد من تهريب المنتجات الوطنية من خضر و فواكه و غيرها، و في نفس الوقت تحرص على الواردات لحماية المنتوج الوطني بالإضافة الى ذلك نتساءل عن دور الغرف الفلاحية من حيث تأطير الفلاحين و من حيث البحث عن سبل خلق توازن بين العرض والطلب. مما يجعلنا نتساءل: هل الغرف الفلاحية وجدت كريع مالي وسياسي فقط؟  و هل هذا درب من دروب الفساد الذي ينخر القطاع الفلاحي، (المخطط الأخضر نموذجا )؟.

 

كما أننا نتساءل أيضاً عن دور وزارة التجارة الذي يجب أن يتجلى في إحصاء و مراقبة كل المنتجات المحلية و الوطنية و المستوردة و جعل الغرف التجارية في صلب عملية التأطير و المراقبة و تأهيل التجار بكل فئاتهم و الحرفيين و تنظيم الأسواق اليومية والأسبوعية. هل وجدت هذه الغرف فقط من اجل استنزاف ميزانية الدولة في الرحلات والتنقلات غير المبررة وغير المفيدة و في استهلاك المحروقات؟

 

إن الفساد هو السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في البلاد، لأنه أصاب كل مؤسسات الرقابة و التتبع، محليا، جهويا و وطنيا. لذلك وجد الفساد ضالته في الاحتكار و في تهريب المواد الغذائية الى دول جنوب الصحراء، مما شجع على ارتفاع الأسعار حتى أصبحت نارها مشتعلة والحكومة عاجزة على إطفائها.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات