سلسلة التراث الطبيعي لطنجة
الحلقة 4 : التراث الأخضر غابة الرهراه
للباحث الدكتور أحمد الطلحي
تقع غابة الرهراه غرب مدينة طنجة، وهي غابة مشجرة وليست طبيعية، تتكون أساسا من أشجار الصنوبر بكل أنواعه تقريبا والأوکالیبتوس، تمتد على المئات من الهكتارات، نسبة مهمة منها في ملكية الخواص، بينما الملك الغابوي العمومي لا يتعدى 270 هكتارا.
وهذه المساحة الغابوية معرضة للمزيد من التقلص نتيجة التعمير بنوعيه، القانوني والعشوائي، فالغابة أصبحت مطوقة من كل جانب بالتجمعات السكنية (مسنانة، الزياتن، أحمار، مغاير…)، بالإضافة إلى بؤر عشوائية منتشرة داخل الغابة. ليس هذا فحسب، بل إن السلطات العمومية، في ظل شح العقار العمومي، بنت مجموعة من المرافق العمومية على حساب الملك الغابوي العمومي، أساسا المؤسسات التعليمية ومركز الطب الشرعي وملاعب القرب… بالإضافة إلى مساحة لا بأس بها تم تفويتها للمستثمرين الخواص خصصت لمشروع نادي الفروسية الذي لم يتم إنجازه منذ سنوات، وكذلك المقبرة النموذجية التي لم يتم إنجازها لاستحالة توفير مساحة مناسبة لتهيئة المقابر بسبب الانتشار الواسع للصخور الكبيرة وبسبب وعورة التضاريس.
وعلى العموم تعد غابة الرهراه من أكثر الغابات التي تتعرض للعدوان المتمثل في البناء العشوائي وبناء المرافق العمومية والمشاريع السكنية المرخصة وقطع الأشجار ورمي مخلفات البناء.
ويمكن أن نجزم بأن مصير الغابة هو الاختفاء لجزء كبير منها في السنوات القادمة، وقد تنجو فقط ال150 هكتارا التي خصصت للمنتزه الحضري. هذا المنتزه الذي كانت مساحته المبرمجة هي 252 هكتارا في سنة 2013 تقلصت إلى 220 هكتارا في 2018 لتنتهي إلى 150 هكتارا فقط (وكان لشخصي المتواضع، بفضل الله، دور في إخراج هذا المشروع لحيز الوجود بالتعاون مع أطر المديرية الإقليمية للمياه والغابات، ودون رغبة عدد من الجهات، التي كانت تعمل على إقبار المشروع ثم عملت على فرض تقليص مساحته).
مشروع المنتزه الحضري عند اكتمال أشغال تهيئته سيوفر متنفسا طبيعيا وترفيهيا جديدا لساكنة مدينة طنجة، وسيخفف من الضغط الكبير على منتزه برديكاريس. وهو كان موضوع اتفاقية ثلاثية الأطراف بين كل من جماعة طنجة وولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة والمديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بطنجة. وتتكون أشغال التهيئة من: “تدخلات خاصة لصيانة الغابة وضمان تجديدها المستمر والوقاية من الانجراف، ووضع سياج محيط بالفضاء وتهيئة وصيانة الطرق ومسالك التجوال والمسارات والفضاءات الخاصة بممارسة الرياضة وألعاب الأطفال، ووضع حاويات للنفايات وتنظيم عمليات جمع الأزبال، ووضع اللوحات التشويرية وتهيئة موقف للسيارات، وتجهيزات للوقاية من الحرائق”.
