الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مداخلة الفقيد عبد الغني بوستة السرايري  حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب
البرلمان الأوروبي– أكتوبر 1990-

 

ترجمة: عبد الكريم وشاشا

 

 

( قام عبد الغني بوستة السرايري بإلقاء مداخلته بصفته رئيس المركز المغربي للتعاون وحقوق الإنسان، الذي تم تأسيسه سنة 1989 وبعدها مجلة خاصة بالمركز ” الحقوق المتعددة “)

 

 

 

السيدات والسادة النواب،
أصدقائي الأعزاء،
قبل تناول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، اسمحوا لي أن أعرض عليكم، بعض الأفكار حول المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها عمل مركزنا: المركز المغربي للتعاون وحقوق الإنسان (C.M.C.D.H.)

 

من الواضح بأننا نؤيد تأييدا كاملا مبدأ كونية حقوق الإنسان، بوصفها تتويجا للنضال العلماني للإنسانية جمعاء، من أجل تحقيق مزيد من الحرية والعدالة والديمقراطية. إن هذا المبدأ الذي ورد رسميا في الإعلانات التاريخية ل 1789 و1948، ثم الاتفاقيات والعهود الدولية ل 1965 – 1966 تسمح لأي إنسان، بغض النظر عن جنسه ولونه أو أصله العرقي أو القومي، أن يتمتع بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وبالحريات الثقافية والسياسية التي تشكل الأساس الذي تقوم عليه كل كرامة إنسانية؛ ولذلك فكل انتهاك لكرامة الإنسان في بلد ما، ما هي إلا اعتداء خطير لحقوق كل الناس، تهم كل ديمقراطي أينما كان. إن التضامن مع ضحية هذا الانتهاك يندرج في جوهره مع مبدأ كونية حقوق الإنسان، والتضامن يعني الكفاح المشترك في بعده الإنساني الذي يعطي لحقوق الإنسان معناها الحقيقي.

 

لكن من جانبنا، نحن نظل يقظين للغاية بين الإعلان عن الحقوق، وبين احترامها وتطبيقها الحقيقي على أرض الواقع. فالأنظمة الديكتاتورية السافرة أو المقنعة في جميع أنحاء المعمور غالبا ما تدعو إلى حقوق الإنسان قولا للمساس بها وانتهاكها ماديا بشكل أفضل !

 

ومن جانب آخر، فإن كونية حقوق الإنسان بالنسبة لنا مرتبطة ارتباطا وثيقا بحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي أن تخلص نفسها من كل أشكال الاستعمار والاستعمار الجديد والتخلف باعتبارها إنكارا صارخا لكرامة الإنسان… فنحن مع الكثيرين نطالب بالحق في التنمية كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

 

لهذا السبب يعمل المركز المغربي للتعاون وحقوق الإنسان على العلاقة الوثيقة بين العمل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان من جهة، ومن جهة أخرى التعاون الأخوي بين الشعوب الضامن الوحيد لتقدم الإنسانية في السلام والعدالة الاجتماعية.

 

نحن أيضا مرتبطون أيما ارتباط، بمبادئ شمولية حقوق الإنسان، الأسس المادية لكرامة الإنسان وهي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية (الحق في الحصول على غذاء كاف ومتوازن وسكن ملائم وملبس لائق والصحة والعمل والترفيه… الخ) لا تنفصل عن الحقوق الثقافية والمدنية والسياسية. إنه كل لا يتجزأ، ينبغي أن تتمتع به كل الشعوب مهما كانت درجة تنمية وتطور بلدانهم، فليس هناك شعوب قاصرة، وحقوق الإنسان إما أن تكون أو لا تكون، وهي تشكل أساس ودعامة لا غنى عنها لكل ديمقراطية، ووحدها فقط الأنظمة الغير ديمقراطية تلجأ إلى تجزئة وتفتيت حقوق الإنسان بالإعلان عنها بالكلمات والأقوال وبانتهاكها والاعتداء عليها فعلا وواقعا.

 

السيدات والسادة النواب،
أصدقائي الأعزاء،
إن المركز المغربي للتعاون وحقوق الإنسان (C.M.C.D.H.) منتبه جدا إلى الجانب الديناميكي لحقوق الإنسان، فلا يمكن البقاء ساكنين أمام التاريخ، والمتطلبات الجديدة الناتجة عن التطور الإنساني؛ وهكذا فنحن نتشارك مطلب المواطنة في مكان العمل والإقامة كما هو الشأن قبل 200 سنة حول مطلب المواطنة السياسية.

 

ففي مواجهة النهب الأعمى لموارد كوكبنا الأرض وعواقبه البيئية الوخيمة وصعود الظلامية بكل أشكالها واتساع هوة عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية، وتحويل واستخدام العلم والتكنولوجيا لغرض كسب أرباح غير معلنة، وارتفاع معدلات البطالة والأمية، والتضليل الذي تمارسه وسائل الإعلام والتعسف في استخدامها… نحن ننخرط بكل طواعية ونلتزم بالجيل الجديد من حقوق الإنسان الذي طالبت به نهاية قرننا:
العلمانية
البيئة
تقييد سلطة المال
المراقبة والحماية من التقنيات التي يمكن أن تمس بالسلامة الجسدية أو العقلية للإنسان.
التكوين المستمر
الحق في الحصول على معلومات حقيقية وموضوعية
التضامن الداخلي والخارجي
التعاون الأخوي بين الشعوب
هي كلها قيم يجب إدراجها ضمن حقوق الإنسان الغير قابلة للتقييد.

 

لذلك فإن ديناميكية حقوق الإنسان، لا تتطلب منا فقط الدفاع عن تطبيقها والإعمال بها على أرض الواقع كما وردت في الإعلانات والاتفاقيات والعهود الدولية، ولكن أيضا، العمل باستمرار على تنميتها والنهوض بها وترويجها.
على قاعدة مبادئ التعاون بين الشعوب، والكونية، والشمولية وديناميكية حقوق الإنسان، تم تأسيس المركز المغربي للتعاون وحقوق الإنسان (C.M.C.D.H.) مهمته الأساسية هي التعريف بوضعية حقوق الإنسان في بلدنا والنضال من أجل احترامها.

 

فهذه المداخلة الموجزة لا تسمح لنا بعرض شامل للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في المغرب. دعونا نكتفي بالجوانب التالية:

 

على مستوى الحقوق الاجتماعية – الاقتصادية

 

فالأزمة البنيوية التي تتخبط فيها بلادنا بفعل التبعية وتنمية التخلف – وفقا للصيغة المتداولة- لها آثار قاسية على الحقوق المادية والمعنوية للغالبية العظمى من شعبنا. فيما يلي بعض المؤشرات الدالة:
الديون الخارجية تبقى مرتفعة بشكل هائل: 22 مليار دولار، 200 مليون دولار يتم دفعها كل سنة للدائنين
بلغ معدل النمو 3 % بينما قفز معدل التضخم 5 %سنة 1989 والتركيبة السكانية إلى 3.7 %؛ في المجموع نمو سلبي إلى حد كبير.

 

40 % من المغاربة يعيشون تحت عتبة الفقر المدقع بينما 6 % فقط تستحوذ على 50 %من الثروة الوطنية.
25 % من السكان العاملين يعانون من البطالة، ونصف المغاربة هم أقل من 20 سنة، والشباب هم أكثر تضررا، من بينهم 50 ألف من حاملي الشهادات الجامعية بدون عمل، في حين كان ينحصر عددهم سنة 1983 ب3 آلاف فقط؛ ويصل 250 ألف شاب كل سنة إلى سوق الشغل، نصفهم محكوم عليهم حتما بالبطالة.

 

تعيش ¼ من ساكنة المدن في أحياء الصفيح، ومع بلوغ أزمة السكن ذروتها، تنفذ السلطات بطرق تعسفية، بين الحين والآخر، عمليات القضاء على السكن الذي تعتبره غير لائق، وخاصة ذلك المكشوف لأعين السائحين، وهكذا يتم إفراغ الناس من سكنهم وإلقائهم في الشارع بسهولة وبدون إجراء أو تسوية.

 

الحد الأدنى من الأجور 1080 درهم (692 فرنك) لا يتم احترامه من قبل 60 % من أرباب العمل، بينما لا يتجاوز 660 درهما (422 فرنك) للعمال الزراعيين؛ التسريحات التعسفية من العمل تتضاعف في تحد سافر للأحكام القضائية التي صدرت في صالح العمال، ظروف الصحة والسلامة متردية وتزداد سوءا، حيث ساعات العمل كثيرا ما تصل إلى 10 ساعات في اليوم، 6 أيام في الأسبوع إلى 7 أيام.

 

الحق في الإضراب معترف به فقط على الورق، فالمناضلون النقابيون يتم إيقافهم، وطردهم من عملهم، والحكم عليهم بأحكام ثقيلة بسبب الدعوة إلى الإضراب؛ وهو نفس المصير الذي يلاحق المناضلين الطلبة، فالجامعة تم تطويقها رسميا من قبل شرطة يلقبون ب”الأواكس” يحتلون كل أركانها بغطرسة حتى في الأقسام الدراسية.
طفل واحد عن كل طفلين، لا يرتاد المدرسة محكوم عليه مسبقا بالأمية، ونصف الأطفال المتمدرسين يتوقفون في المرحلة الابتدائية إما بسبب الطرد أو لظروف مادية؛ إذا لن نستغرب إذا عرفنا أن نسبة الأمية بعد 30 سنة من الاستقلال تجاوزت 60 % .

 

حقوق الطفل يتم تجاهلها بكل بساطة، ففي سن السادسة من عمره يمكن أن يكون قد دخل بالفعل إلى سوق الشغل لمدة 10 ساعات في اليوم. فخلال انتفاضة 1984، العديد من الأطفال لم يتجاوزوا بعد سن العاشرة تم حجزهم في نفس الزنازين مع البالغين، بمعنى أنهم رسميا سيخضعون لنفس الأحكام ونفس العقوبات !!
أمام تدهور خدمات مؤسسات الصحة العمومية ونقص الأدوية والمعدات الطبية وإلغاء العلاج المجاني، فقط 20 % من السكان يمكنهم مواجهة تكاليف العلاج، إن الأوبئة مثل الكوليرا والتهاب السحايا والتيفوئيد مخفية عن ناظري المؤسسات الدولية، وانتشار الجذام والسل وأمراض القرن الماضي، كل هذا يشهد على المنحدر الكارثي لبلدنا في مجال الحق في الصحة لجميع المواطنين. حاليا في المغرب يوجد طبيب واحد لكل 11200 نسمة، و48 % من السكان ليس لديها أي مناعة ضد أمراض الطفولة، بينما 70 % من الولادات تتم خارج المؤسسات الصحية؛ والضمان الاجتماعي لا يغطي إلا فئة معينة: 12 % من السكان النشيطين؛ فإذا جازفنا وقمنا بمقارنة جريئة للغاية، وقلنا بأن متوسط الإنفاق الصحي للمواطن الفرنسي 8900 فرنك، في حين أن المتوسط في المغرب يصل بشق الأنفس إلى 95.5 (70 فرنك) مع العلم أن توزيعها غير متساو.

 

على مستوى الحقوق والحريات الديمقراطية

 

في بلد حيث الديمقراطية واجهة معروضة للسياح (حسب تعبير المهدي بن بركة)، نجد البون شاسعا ما بين الإعلانات والمواثيق الدولية المصادق عليها رسميا من جهة، وتطبيقها الفعلي من جهة أخرى؛ فتجاهل مبدأ فصل السلطات يبقي الباب مفتوحا على مصراعيه للانتهاكات والتجاوزات التي يتم ارتكابها في ظل ضبابية قانونية مفبركة. فالقانون يمكن أن يكون شيئا، وتطبيقه شيئا آخرا مختلفا، نقدم هنا بعض الأمثلة التي توضح هذه التناقضات الصارخة:

قانون الحريات العامة لسنة 1958 والدستور يضمنان الحق في الإضراب، وفي التعبير والتجمع والتنظيم، لكن القانون الاستعماري الصادر في 29 يونيو 1935، لا زال ساري المفعول بالقوة. ويسمح بزجر ” كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام ” حسب العبارة المشؤومة التي لا تزال سارية حتى اليوم.

 

بموجب تعديلات 1973 وضعت السلطة التنفيذية اختصاصات القضاء واستقلاليته بين قوسين، لتقرر بنفسها في غياب أي سند قانوني إلى وضع حد للأنشطة التي ” تمس النظام العام ” وإلى حل الجمعيات أو الأحزاب السياسية، وإغلاق المقرات، ومنع المؤتمرات وحظر الاجتماعات وتفريق المظاهرات السلمية المشروعة… لأن كل شيء في النهاية يمكن أن ” يمس بالنظام العام ” فتوزيع المنشورات بكل بساطة ممنوع بدون إذن مسبق، والصحافة بدورها مكممة وتخضع للرقابة والرقابة الذاتية.

 

عدم اعتراف الدولة ب” السجين السياسي ” لكن القانون يعاقب على ” التآمر ضد نظام الحكم بغرض إقامة نظام آخر ” و” زعزعة الأمن الداخلي للدولة ومؤسساتها المقدسة “… وذلك حتى يكون المعتقلون السياسيون ومعتقلي الرأي من وجهة نظر الدولة مجرد سجناء الحق العام.

 

هذه الترسانة من الأحكام المتناقضة، بعضها مخصص للواجهة الخارجية من أجل عرضها للأجانب، وبعضها للحفاظ على نظام التعسف، وكلها في خدمة انتهاك حقوق الإنسان الأساسية.
الانتخابات البرلمانية نفسها مزورة في واضحة النهار وتخضع للمساومة والمحاصصة بين الأحزاب المقربة عند السلطة.

 

مطاردة مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم) واعتقالهم داخل الحرم الجامعي والحكم عليهم بشهور وبسنوات بسبب أنشطتهم النقابية. وكذلك مناضلي النقابات العمالية هم أيضا يعانون من نفس الأمر ونفس المصير بعد طردهم تعسفا. الجمعيات تتعرض لكل أشكال المضايقات أو بكل بساطة يتم منعها كما وقع مؤخرا لجمعية ” العدل والإحسان ” حيث تم الحكم على أعضائها بسنتين سجنا.

 

الصحافة بدورها تخضع لرقابة مستمرة، الصحف والجرائد الأجنبية يتم منعها من الدخول بمجرد أن تحتوي على مقال ينتقد الواقع المغربي، فجريدة لوموند نفسها تعرضت للتهديد بالمحاكمة لجرأتها على كشف وقائع ملموسة ومثبتة حول عملية ابتزاز مخجلة في موضوع مسجد الدار البيضاء، أما الجريدة الساخرة البطة المقيدة (Le Canard enchaîné) فهي ممنوعة منعا كليا من الدخول إلى المغرب، ثم أن هناك ما لا يقل عن خمسة مجلات مغربية ثقافية بحتة تم منعها من الصدور ببساطة متناهية، وصحف وطنية مثل “لوبينيون” و”الأسبوع الثقافي” و”الطريق” تمت متابعتهم وإدانتهم في محاكمات كبرى لحرية التعبير في وطننا.

 

الاختفاء القسري والخطف والاعتقال التعسفي والتعذيب… كل هذا، هو النصيب اليومي لكل الديمقراطيين المغاربة في عهد “الاستقلال والديمقراطية”. عدد كبير من المناضلين تم اغتيالهم وسحلهم في الشارع العام أو قضوا تحت مظلة التعذيب، المحاكمات السياسية المفبركة سلفا تتابعت الواحدة تلو الأخرى لأكثر من 30 سنة في استمرارية لا تتبدل إلا في الشكل والتنوع.

 

يقدر عدد المعتقلين السياسيين حاليا بأكثر من 900 معتقل، أما عدد المفقودين ومجهولي المصير أكثر من 400 مناضل. الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية حول ظروف المعيشة لسنوات 1965، و1981 و1984 كلها غرقت في حمامات الدم مخلفة وراءها آلاف الضحايا. عقب انتفاضات 20 يونيو 1981، لا يزال العديد من الديمقراطيين الذين تم اعتقالهم تعسفا يقضون أحكاما تتراوح ما بين 10 سنوات و20 سنة.

 

تعتبر ظروف الاعتقال غير إنسانية بالمرة؛ ففي سجن لعلو بالرباط، يمكن أن تستقبل زنزانة مساحتها 5 متر / 8 متر 100 معتقل. وفي سجون أخرى رسمية في الدار البيضاء، مراكش، طنجة، وجدة، سلا يسود الاكتظاظ وغياب شروط الصحة (200 معتقل بينهم أطفال لا يتجاوز أعمارهم 9 سنوات في مساحة 60 متر مربع ).

 

أماكن الاحتجاز السرية تتضاعف، بالإضافة إلى دار المقري ودرب مولاي الشريف السيئ الذكر ، يمكن أن نذكر:
أنفاق مطار أنفا
أقبية مركب سكني لرجال الشرطة في حي أكدال بالرباط
الضيعات الزراعية ببني ملال
وأخيرا معتقل “تازمامارت” حيث يقبع العشرات من السجناء العسكريين السياسيين في ظروف تفوق الخيال، تم الحكم عليهم سنتي 1970 و1971 أغلبهم قضوا بالفعل جزءا كبيرا من مدة عقوبتهم.

 

التعذيب الجسدي والنفسي، وتزوير المحاضر، هي أمور مألوفة خلال فترة الحراسة النظرية، التي يمكن أن تمتد أسبوعا واحدا، شهرا، وربما سنة كاملة في تحقير تام لكل شرعية، العديد من المعتقلين قضوا نحبهم وهم محتجزون لدى الضابطة القضائية: خلال السنوات الثلاث الأخيرة، توفي 8 من المعتقلين أثناء الحراسة النظرية، والعشرات الآخرين ماتوا في السجن بسبب سوء المعاملة، أو بسبب إضراب عن الطعام غير محدود. حاليا حياة المعتقل السياسي عبد الإله بنعبد السلام في خطر جراء الإضراب عن الطعام الذي بدأه من سجن القنيطرة يوم 13 غشت الماضي، المعتقلون الثلاثة في سجن لعلو تم نقلهم إلى مستشفى ابن سينا مواصلين إضرابهم الذي خاضوه منذ ديسمبر 1989، أحدهم يعاني في فقدان وعي كامل، الآخران سيحملان مضاعفات لا يمكن الشفاء منها، كما هو الحال بالنسبة للناجين الثلاثة من إضراب سنة 1985 الذي كلف حياة المناضل الشهيد الدريدي، تم نقلهم إلى مستشفى ابن سينا وإطعامهم قسرا بالمسبار المعدي لسنوات عديدة، وهم يعانون من غيبوبة بين الحياة والموت.

 

المناضل الكبير أحمد خيار المحكوم عليه بالإعدام منذ أكثر من 18 سنة، لا يزال رهن الاعتقال في الجناح الخاص بمحكومي الإعدام في السجن المركزي بالقنيطرة. وبصمود لا مثيل له، يتحمل الظروف النفسية الفظيعة لمحكوم عليه بالإعدام معزول وممنوع من الزيارة، بينما حالته الصحية آخذة في التدهور، إنه أحد أقدم السجناء السياسيين المحكوم عليهم بالإعدام حول العالم.

 

تحية وتقدير للمهدي بن بركة
السيدات والسادة النواب،
أصدقائي الأعزاء،
أسمحوا لي أن أتوقف هنا عن عرض المزيد من أجزاء هذه اللوحة القاتمة لوضعية حقوق الإنسان في المغرب، والتي أوردتها العديد من التقارير الدولية مدعمة بأدلة شاملة موضوعية ودامغة.

 

إن هذا الوضع ممكن تغييره، فالشعب المغربي يشق طريقه بإصرار وأمل نحو تحقيق ديمقراطية حقيقية. ثقافة حقوق الإنسان يتم إشاعتها والترويج لها أكثر فأكثر بفضل العمل التنسيقي بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، ثم مشروع ميثاق وطني لحقوق الإنسان تمت المصادقة عليه من قبل خمس جمعيات ديمقراطية، ونحن نعتمد كثيرا على التضامن الدولي للتعريف بهذا الميثاق ودعمه.

 

وفي الختام، لن يفوتني أن أحيي نضالات المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، والدة الشهيد الدريدي (الأم السعدية) التي توفيت مؤخرا بعد أن دافعت باستماتة ولعدة سنوات عن المعتقلين أولادها. والسيدة بن بركة التي تحملت بشجاعة وبتقدير عال عبأ ومعاناة ربع قرن من المنفى، وبالفعل فقد مرت الآن 25 سنة منذ أن تركنا المهدي بن بركة ضحية لمؤامرة دولية، إنه بالنسبة لنا تجسيد للديمقراطي الكوني، المناضل الدءوب الذي لا يكل من أجل الحقوق الكوني للإنسان وللشعوب

 

هوامش المترجم

 

1- وينص ظهير “كل ما من شأنه”، على عقوبة بخمس سنوات سجنا على ” كل من يحرض بأي محل كان وبأية واسطة على المقاومة الفعالة والهادئة ( أي أظهر مجرد معارضة ولم يمتثل للأوامر )، لإجراء العمل بالقوانين أو القرارات أو الضوابط أو الأوامر الصادرة عن السلطة العمومية” وأيضا على ” كل من بحث على الإقلاق وتشويش البال أو على المظاهرات، أو كان هو السبب لها، وكل من قام بعمل محلولا به تعكير صفو النظام العام والسلامة والأمن”. بيد أنه في الوقت الذي كان يتعين بعد الحصول على الاستقلال، إلغاء هذا ظهير 35 الموقع من لدن الكومسير المقيم العام الفرنسي هنرىبونو،بعد أن اطلع عليه وأذن بنشره محمد المقري الذى اختارته سلطات الحماية في منصب الصدر الأعظم، أدخلت الحكومة تعديلا شكليا عليه سنة 1969 وتكرس بذلك وجوده،ليتم الاستناد على هذا التشريع الاستعماري في متابعة وسجن العديد من النشطاء السياسيين والصحفيين والنقابين والطلبة. (مقال جمال المحافظ: إلغاء ظهير كل ما من شأنه بين دينامية وزير وإصرار معارضة: موقع لكم )

 

– صدر المقال على صفحات جريدة لوموند يوم 22 ديسمبر 1988 لقراءته يمكن الدخول للرابط التالي (https://www.lemonde.fr/archives/article/1988/12/22/la-collecte-pour-la-grande-mosquee-de-casablanca-racket-d-etat-au-maroc_4122935_1819218.html) –

 

– المعروف بالكوربيس وهو في الحقيقة كان مرآبا لإصلاح الطائرات
.- وليس كما ورد في النص ABDESLAM BEN ALLAL EL ABDELLI

 

– توفي أحمد خيار يوم الاثنين عاشر أبريل 2017 ببلدته أيت أورير نواحي مراكش؛ وقد كان الراحل حكم عليه بالإعدام بعد اتهامه بتصفية أحد الجواسيس بإيعاز من الفقيه البصري بعدما تسبب في اعتقال عدد من مناضلي الحركة الاتحادية الذين عرضوا على القضاء في محاكمة مراكش سنة 1972، وقد نقل إلى السجن المركزي بمدينة القنيطرة حيث قضى أزيد من 20 عاما من الاعتقال قبل أن يتم الإفراج عنه سنة 1992 بعفو ملكي.، ويعتبر من أقدم المعتقلين السياسيين – المصدر كش24

 

– أنظر الورقة البحثية: “تطور حركة حقوق الإنسان في المغرب (من الاستقلال حتى 2016) لمحمد قديري أستاذ مساعد في علم الاجتماع ، جامعة ابن زهر بأكادير

 

– صادقت جمعية هيئات المحامين بالمغرب والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجمعية الحقوقيين المغاربة على الميثاق الوطني لحقوق الإنسان في سنة 1990، وشاركت أيضًا في الائتلاف الوطني الحقوقي الذي ضم حوالي 22 هيئة حقوقية مستقلة للتوقيع على نفس الميثاق بعد تجديده في 12 ديسمبر 2013. (نفس المصدر)

 

– في كتاب للمناضل حسن أحراث ” مجموعة مراكش، تجربة اعتقال قاسية ” الصادر سنة 2012 بورتريه عن هذه الأم المناضلة الصلبة الفولاذية.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات