الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

دولة الفراعنة!!!

 

 

بوعسل شاكر/اسبانيا

 

للفساد مظاهر وعناوين كثيرة، تتجلى معظمها في وجود الدولة والمؤسسات التمثيلية وباقي السلط في الإطار الدستوري والهيكلة القانونية فقط، وتغيب عن وجودها الحقيقي والميداني وعن أدائها الوظيفي.

 

آمالنا، كأغلبية المغاربة سواء في الخارج أو الداخل في مغرب أفضل وحكام أرحم، تتبخر كل يوم مع المشاهد المؤلمة والبشعة التي نشاهدها في وطننا من ظلم، قهر، تفقير، تحكم وتسلط. ومن قمع واضطهاد ومتابعة لكل من يستنكر ويدافع ويقف مباشرة في وجه كل رموز الفساد وجنوده.

 

في كل يوم يتأكد لنا زيف الشعارات ونفاق الأغلبية الساحقة من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، الذين ارتموا في أحضان لوبي الفساد وتحالفوا مع مصالحهم ضد مصالح الشعب وكرامته.

 

أما القليل ممن رحمهم ربي، من شرفاء هذا البلد، فهم غير قادرين على تجاوز سقف التحديات الراهنة لظروف في أغلبها ذاتية محضة، وفي أحيان أخرى تكون موضوعية، لارتباطها بالقمع وتجذر الفساد ونفوذ الفاسدين في كل إدارات ومؤسسات الدولة والمجتمع.

 

عندما يغيب البعد الجماعي في التسيير المؤسساتي، وتغيب المصلحة العامة كمبدأ أساسي، فإننا حتما سنكون أمام النظم الشخصانية والفردانية التي تقوم على إدارة الدولة من طرف الأفراد بالقرارات وليس بالمؤسسات، وما ينعكس عليه من اعتباطية وتداخل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتعطيل آلية مراقبة الحكومة وتجاهل القوانين وتغييرها وتعديلها حسب مصلحة أصحاب النفوذ.

 

المغرب اليوم، أخذا بعين الاعتبار زيف شعارات المرحلة الجديدة، من ديمقراطية وشفافية وقطيعة مع المرحلة المشؤومة، مرحلة الجمر والرصاص، فهو الأقرب الى النظم الفردانية والشخصانية في الحكم، أكثر من أي وقت مضى.

 

مفهوم السلطات كما هو متعارف عليه في الدساتير الديمقراطية والتشريعات المعاصرة وحتى في الدستور المغربي على علاته، هو معطل في الأداء السياسي المغربي، لا الحكومة تعمل على تنفيذ برامجها وتنفيذ القوانين، لا البرلمان يقوم بمهمته التشريعية والرقابية على الحكومة. أما السلطة القضائية الضامنة لتنفيذ القوانين وحماية الحقوق وضمان العدالة بين الناس، وبين المواطنين وباقي الإدارات والمؤسسات، فان استقلاليتها هي محط علامات استفهام ومحط تساؤلات لانحيازها الواضح لأصحاب النفوذ.

 

هي أحداث كثيرة عرت هذا الواقع المرير، ولعل آخرها امتحان أهلية الولوج الى مهنة المحاماة. وزير العدل يخرق القانون باعترافه، يعدل في القوانين حسب شهيته ومصالح أصحاب النفوذ، برلمان غير قادرو لو على المساءلة والمراقبة وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق كما هو منصوص عليها دستوريا وقانونيا، سلطة قضائية منحازة غير قادرة على البت الاستعجالي في الشكايات والمقالات الموضوعة أمامها.

ناهيك على الأحزاب السياسية وأغلبية الفرق البرلمانية التي لا تحرك ساكنا ولا تجيد الا فن الصياح والهرج.

 

شباب في اضراب عن الطعام مفتوح، يعرضون حياتهم للخطر، دفاعا عن كرامتهم وكرامتنا كمواطنين، دفاعا عن سيادة القانون واحتراما لحرمة المؤسسات، يعانون في صمت رهيب، لا يدعمهم الا القليل من الأوفياء والشرفاء.

ولو مسؤول واحد تجرأ لزيارتهم أو السؤال عنهم أو حتى الانصات إليهم وكأن حياتهم وسلامتهم البدنية ليست من مسؤولية هذه الدولة.

 

عندما يغيب المسؤول، الانسان المواطن، و تغيب المؤسسات عن الأدوار المنوطة بها، يكون كل وزير أو مسؤول مثل فرعون يبطش يمينا ويسارا.

 

انها دولة الفراعنة.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات