الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

حتى زلزلة الأرض لم تفصل السياسة عن الإنسانية في سوريا

 

بقلم الإعلامية ثريا الحساني

 

كلنا اقشعرت أبداننا، ونحن نرى مظاهر الزلزال تهز كل ما هو شامخ على الأرض في تركيا وسوريا.
مظاهر أبكت الحجر قبل البشر لبنيان مرصوص أصبح خرابا، وأجساد كانت في سبات جميل، قبل أن تغدو جثثا تحت أكوام التراب.
مصاب جلل كانت حصيلته ثقيلة في البلدين معا، ولازالت في ارتفاع إلى حدود كتابة هذه الأسطر، مع مواصلة البحث عن الناجين، فيما تشير الأرقام الرسمية إلى وفاة أكثر من 26 ألف شخص.

ومع هول الكارثة طبعا، تسابقت دول عربية وإسلامية وغربية، لتقديم المساعدات الإنسانية وإغاثة المنكوبين.
في تركيا كان الطريق معبدا لإيصال هذه المساعدات، فوصل الماء والغذاء والدواء، لا بل و حتى الأطقم البشرية التي تساهم في البحث عن الناجين تحت الركام.
في مقابل ذلك سوريا الجريحة التي أنهكتها الحرب، ومزقتها الطائفية، وكبلتها العقوبات على نظام لم يتزحزح عن كرسيه لسنوات، رغم تقتيل الملايين وتهجير الالاف،، فكان المشهد مغايرا، وكأن حجم الكارثة ربما لايتساوى، فقط لأن الضحايا سوريون.

على خلاف تركيا التي توحد شعبها بعيدا عن التجادبات السياسية والخصومات الإيديولوجية، ليتركز الهدف على قيمة الإنسان، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من إنسانيته، سوريا الأسد لم تحضى حتى إعلاميا بنفس الصدى الذي وصل للعالم عن زلزال تركيا، رغم أن الدرجة على سلم ريختر هي ذاتها تقريبا.
ولأن السياسة كان لها رأي آخر، وهي من يتحكم في دواليب القرار حتى وإن كان إنسانيا، فتقرر أن الدم السوري يبقى رخيصا رخص التراب الذي سال تحت ترابب المباني بفعل الزلزال، وتحت قاذفات الصواريخ بفعل الحرب.

لم تفلح صور الأطفال والنساء والشيوخ العالقين تحت الأنقاض، ولا أصواتهم المستغيثة في تحريك العالم دون حسابات.
لم توافق السياسة وصانعوها على مرور المساعدات من المعابر المغلقة، وأبت القوى المتطاحنة على الأرض إلا أن تتاجر أكثر بالدم السوري.

في المناطق التي تنقسم فيها السيطرة بين الحكومة والمعارضة، حيث الحرب التي استنزفت حياة السوريين وأنهكتهم، كما هجرتهم، فشلت جهود إيصال المساعدات، لأن حربا أخرى قامت بين الجهتين ، حول هذه المساعدات، فتناست القوى المتطاحنة إنسانية الإنسان السوري بدل أن تنسى حساباتها وعداواتها.
ويبدو أن قدر الإنسان السوري المحتوم أن يعاني دائما، في خضم الصراعات والاختلافات، والحجة دائما الحرية وحقوق الإنسان وإنقاذ الشعب السوري.

فصائل مختلفة جعلت من المتاجرة بالدم السوري هدفها، وكان الشعار دائما “أنا ومن بعدي الطوفان”، وكل يغني “أنا المنقذ ودوني لن يغاث أحد وإن كان إنسان”.
بكاء الأطفال وبراءتهم، وعويل النساء وجراحهن، لم يمنعوا الساسة من تسييس المأساة، وإظهار الوجه البشع لما يسمونها “السياسة”، فسقط القناع حتى عن الدول التي لطالما تبجحت ونادت زورا بالإنسانية واحترام حقوق الإنسان، فلم تفلح حتى زلزلة الأرض عن فصل السياسة عن الإنسانية في سوريا.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات