الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

قراءة في فكر الشهيد عمر بنجلون ( الجزء الثاني)..

 

د. المحجوب حبيبــي

 

نحتفي بروح الشهيد عمر الذي فارقنا منذ 47 سنة عندما كنا في أمس الحاجة إليه قائدا ومعلما ومؤطرا…

 

عمر بنجلون “مفكر له جرأة خاصة على اقتحام ما كان يعتبر ثابتا ومنتهيا ومحسوما فيه… كانت له إمكانيات تواصلية فائقة قادرة على الاقتحام وتكسير الحواجز بحيث كان مقنعا ومفحما وحاضر البديهة بشكل نادر، فقد يشعرك أنك تعرفه ويعرفك منذ سنين عديدة، يقاسمك أفكاره بما فيها القضايا الخاصة والحاجيات والرغبات حتى تبدو لك كأنها مشتركة بينكما، ويجعلك على إطلاع بما يفكر فيه من قضايا حزبية وتنظيمية بشكل يجعلك معنيا ومسئولا…

 

في استكمال تحرير التراب الوطني في الجنوب والشرق والشمال:

 

يرى الشهيد عمر ضرورة احترام ” حق الأقليات القومية في أن تحصل على المساواة دون تمييز على أساس ديني أو عرقي وحق المواطنة المقصود بها الحقوق والحريات الإنسانية والمدنية والدينية والحقوق الثقافية ضمن دائرة الوطن الموحد…. يقول ” وهذه الحقوق هي في صلب مهامنا ونضالاتنا اليومية…، ولكن إذا كان الهدف منها اقتطاع أجزاء من جغرافية خارطة الوطن سواء في شماله أو جنوبه أو شرقه فذاك ما سنرفضه بكل قوة. إن حالة التجزئة هي إحدى أهداف السيطرة والهيمنة الإمبريالية… وهذا ما نلاحظ استمراره وإلى الآن على يد جنرالات الجزائر التوسعيين وعملائهم من انشقاقيين ومرتزقة بعد اختلال التوازن الدولي، ومرور 47 سنة على اغتياله…

وفي معرض نقاشه لأحد الرفاق قال له: نعم أنا اشتراكي علمي وأومن بحق تقرير المصير الذي تأسس على حق الأمم في تقرير مصيرها، وليس على حق الأقليات الانشقاقية أو حق التجزئة الاستعمارية، وإن كان لينين قد دعا إلى التجزئة… الأمر الذي لا أعلمه… ولا يمكنني أن أعتقد ذلك (فهو اجتهاد فردي من ماركسي محدد هو لينين لا يلزم كل الاشتراكيين أو أن يصبح بأي شكل من الأشكال جزءاً من الاشتراكية العلمية الملزمة للشعوب كي تقبل تجزئة أوطانها لمجرد أن أقلية لها أهداف معينة تريد تلك التجزئة).

أنا أريد للشعب المغربي مغربا كاملا متحررا وقويا، في شماله وصحرائه الجنوبية وفي صحرائه الشرقية … فبالإضافة إلى المشروعية التاريخية الثابتة فإن أي دعوة إلى التخلي عن استكمال التحرير تعتبر خيانة وانتحارا وجريمة… ولذلك فالاتحاد مع أن يحرر الشعب المغربي أرضه…ومن أجل ذلك قلت لتكن المسيرة؟؟

 

في النضال الفلسطيني:

ومن خلال جريدة فلسطين ومواقفه الفلسطينية النضالية كانت رؤيته تركز على كون التناقض بين الأمة العربية وإسرائيل هو تناقض بين مشروعين مجتمعيين تحرري واستعبادي لا مجال للتعايش بينهما، تصورين للمنطقة أحدهما صهيوني إمبريالي رجعي يقوم على بقاء الوطن العربي مجال للسيطرة الإمبريالية والرجعية، مجال للتخلف حيث يستمر الكيان الصهيوني  متفوقا ماديا وعسكريا ويقوم بدور الدركي في حماية المصالح الرأسمالية الغربية ورأس حربتها ويلعب دور تعطيل أي حركة تقدم أو تحول ديمقراطي حقيقي… هادفا إلى التوســع الجغرافي وتحقيق الدولة الصهيونية الكبرى وتعزيز دور الرجعيات العربية ليستمر وضع المحيط العربي كله من خليجه إلى محيطه مستسلما لصالح القوة الإمبريالية…

” علينا كاتحاديين واشتراكيين إذن أن نجعل القضية الفلسـطينية قضيتنا…. وان نسهم مع إخواننا الفلسطينيين في النضال من أجل دحض المشروع الصهيوني وبلورة حل ديمقراطي بقيام الدولة الفلسطينية الديمقراطية اللائكية، حيث يتعايش بحرية كل الفلسطينيين عربا مسلمين ويهود ومسيحيين…” كي يجد الصراع الفلسطيني العربي الصهيوني حله.

 

في الممارسة والتنظير النقابيين:

 

” أمراء النزعة الانحرافية العمالية أو انحراف القيادة النقابية المغربية ” شتنبر 1964

يستعرض في هذا المؤلف أسباب الجمود والانحراف الذي عاشته الحركة النقابية “إ.م.ش” والمتمثلة في الظروف السياسية الموضوعية… التي يستفيض في تبيانها، وحسب سلسلة ” من الأساليب تهدف ضمان انقياد أو تصفية ” الإطارات النقابية ” كانت العمليات التنظيمية تتم في الأقاليم والجهات… وقدم أمثلة بين من خلالها أساليب الاحتواء المخزني والترسيم الذي دخلته الحركة النقابية بفعل قيادتها التي حولتها حركة نقابية رسمية أي حركة نقابية لا تجعل مصالح العمال متعارضة مع مصالح الدولة، بل تتعاون كطرف مندرج في الجهاز السياسي الإداري للدولة. والواقع أن الدولة المخزنية لم تكن في مرحلة الإنشاء والتحرير بل كانت في مرحلة غموض، حيث كان الصراع بين الرجعية وقوات التقدم يجري في داخل جهاز الدولة ذاته. ولهذا تحدثنا عن الصفات النقابية شبه الرسمية في هذه المرحلة الأولى.

ذلك أن تلك الحركة النقابية، مع تعاونهـــــا مع الحكم، واعتمادها على وسائل الدولة، وهذا ما أدى إلى ظهور صفات حلت محل المعطيات الثورية للحركة النقابية شبه السرية التي كانت قبل الاستقلال… وأهم تلك الصفات الأربع المتعلقة بالتأطير والمنهاج والعادات، والمتمثلة في:

ـ فبركة عدة جامعات نقابية وعشرات الاتحادات المحلية في بضعة شهور وفي عدة مدن وكأنه تسابق إلى الغنيمة…

ـ تغيير قيادة المنظمة قادرة على المناورة وبناء أجهزة على قاعدة التبعية والخلط بين الولاء للمنظمة المركزية، وبين الولاء الشخصي.

ـ القدرة التي اكتسبها الجهاز النقابي وتدخلات الممثلين النقابيين في توزيع الامتيازات وما يقدمونه من حلول قد تكون لفائدة الباطرونة بمساعدة السلطة المباشرة أو الضمنية.

 

ـ المساندات الخارجية التي اكتسبها الاتحاد المغربي للشغل في الفترة التي كانت فيها بدون منازع أقوى المنظمات النقابية وأحسنها تنظيما في إفريقيا، لأنها لم تكــن مؤسسة مصطنعة، ولأنها انبثقت عن الكفاح المنظم الذي خاضته طليعة العمال ضد السيطرة الاستعمارية.

 

هذه الصفات جعلت (إ م ش) يستعصي عن أي إصلاح أو تصحيح من الداخل وجعلت قيادته في منأى من عوامل الضغط الخارجي…

لهذه الأسباب وغيرها الكثير قاد الشهيد عمر العمليات التصحيحية التي ترتبت عنها قرارات 30 يوليوز 1972“. إذ عمل الشهيد عمر إلى جانب عدد من الأطر الحزبية ، على الإعداد للحسم إذ قام بحركة واسعة في أوساط المناضلين النقابيين الحزبيين منذ شتنبر 1971 مهيئا الأجواء لنقاش واسع في القواعد والأجهزة لحدث 30 يوليوز 1972، الذي تم فيه فصل الجناح النقابي من التنظيمات الحزبية باعتباره أداة عرقلة وجمود وإنهاك للحركة السياسية والنقابية على حد سواء، كي يحرر العمل السياسي من المعيقات والمحبطات التي استمر يعيشها بفعل تأثير القيادة النقابية، وبفعل اعتيادات المساومة التي أطلقتها القيادة النقابية منهجا للنضال النقابي، حيث كانت تسخر بعض القيادات النقابية الإقليمية والجهوية لعزل الطبقة العاملة وإبعادها على الكفاح الذي تباشره الجماهير الشعبية باعتماد الانتظارية والمساومة وكل الأساليب الانتهازية …

 

إصلاح قانون حوادث الشغل:

وفي معرض تناوله لقانون الشغل قدم دراسة تكشف جوانب الخلل في قانون حوادث الشغل والحيف الذي يلحق المتضررين وهي دراسة قانونية مقارنة بين التشريع المغربي والتشريع الفرنسي وبخاصة كان يستهدف منها كشف طبيعة القوانين الاستعمارية من خلال إصلاح ظهير 6 فبراير1963 وإحداث قوانين منصفة للمتضررين من الحوادث وذوي الحقوق  وصولا إلى محتوى توعوي وتحريضي لإنهاض العمال وكشف الطابع الاستغلالي والاستعماري لقانون حوادث الشغل … مقدما مجموعة حلول ومراجعات مسطرية مبينا كون تلك الحلول المقترحة هي المطابقة لظروف التخلف التي يستمر فيها الصراع بين الضحية من جهة وبين المشغل والمؤمن من جهة أخرى. مطالبا بطريقة قانونية استعجالية، تعالج ما تعمد الاستعمار إغفاله وتتم وفق حلول ملخصها:

ـ تدخل هيئة محايدة ومختصة

ـ وحدة وسرعة المسطرة

ـ تعويض يكون عادلا أكثر ما يمكن ويؤدي حسب اختيار ومعايير مطابقة للواقع الاجتماعي.

لقد عاش عمر من الداخل تطورات الحركة النقابية المغربية منذ أوائل الستينات ولمس الأسباب الحقيقية التي جعلتها تتعثر وتعيش أزمة خانقة أدت إلى الوضعية المأساوية التي تعيشها (تدهور الوضع المعاشي، تمزيق صفوفها، ظهور بيروقراطية نقابية لا صلة لها بالجماهير العمالية…)  لذا كرس عمر حياته النضالية لتصحيح الأوضاع الذاتية للحركة النقابية المغربية انطلاقا من ضرورة حل المسألة النقابية حلا صحيحا كشرط ضروري وحلقة من حلقات الدفع بالمسلسل التاريخي إلى الأمام …”

 

إن عمر بنجلون كان أقرب المناضلين في قيادة الحزب إلى الاشتغال في المسألة النقابية ، وإن أي كتابة حول الموضوع لن تكون غريبة عنه ، إذ أن جل الكتابات الحزبية لتلك الفترة والمتعلقة بالطبقة العاملة كانت من ” توقيع ” عمر بنجلون

 

تحية الوفاء لروح الشهيد وعمر…

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات