الفينيق ميديا

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn
Share on pinterest
Pinterest
Share on pocket
Pocket
Share on whatsapp
WhatsApp

أزمة الفن في المغرب ..

ياسين يحيى

 

يعدو العنوان مخجلا أمام الأزمات التي يعاني منها المجتمع، وقد يكون سببا في تسلط و لعنة الكثيرين. فالأمر أشبه أن يكون شيطنة الواقع و طمس جروحه و معاناته، أو يكون ضربا من الإلهاء و التشويش على تركيز السواد الأعظم.
لكنني أقول، أن أزمة الفن هي أزمة لها ثقلها كذالك، و يمكنني أن أقول كذالك أن لها نزيف مدرار.
لعل كلمة فن في حد ذاتها تحيل الموضوع على خانة الترفيه، و الوقت الزائد، و ربما يفهمها البعض على أنها تكون بآخر القوائم، و بخواتم المجلات، او ربما كملحق للتسلية.. وهذا يدل على حقيقة الأزمة و استفحالها في المجتمع.
    إن الرسائل التي يحملها المجتمع كثيرة و شائكة، من غلاء الأسعار، ونظام الصحة، و منظومة التعليم، و الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية، والأخلاق و القيم الإنسانية و مشاكل السكن و التشغيل و الكثير من الرسائل التي تهم كرامته و عيشه الكريم. فكيف ندرج أزمة الفن في ضمن هذه اللائحة الملحة؟ و كيف نحشر أنفه في أمور مصيرية للفرد و المجتمع؟
    لا خجل في ذالك و لا حرج، فماذا لو جعلنا الفن في محور كل هذه الرسائل، و جعلناه بمثابة وسيلة لكل تلك الغايات؟
     الإنسان منذ العصور السحيقة كانت له أزماته و خيباته المزامنة لعصره و أوانه، وكان يتخذ النقوش الحجرية للاحتجاج و التعبير عن غضبه او خوفه، والكتابة و الرسم على الأقمشة أو جلود الحيوانات، أملا منه إيصال أفكاره و احتجاجاته للحكام و المسؤولين عن شؤونه، إنها فطرة الإنسان وغريزته، فنجد أن الفن المتجلي في النقش و الكتابة و الرسم كان من الوسائل الثقافية التي انبثقت من غريزة الإنسان و عاطفته الخالصة، بل ابعد من ذالك، فقد كانو يلعبون قطعا من المسرح و التمثيل، للضغط و التنديد بما يهم شأنهم و استقرار مصالحهم.
     لعل المغزى هنا من الرجوع للعصر السحيق هو استخلاص الفن، أو المزاولة الفنية، و إعمال الفن في الحياة السياسية و الدينية و المجتمعية.
    ومما لا غبار عليه أن زماننا متقدم و ثائر علميا و تكنلوجيا، وزاخر بالتجدد و التقدم الرقمي الرهيب، وهذا ما يعطي صبغة إيجابية في إسقاط ما قام به أجدادنا في العصور السحيقة من استخدام الفن كوسيلة لا كغاية، لخدمة المصالح و إيصال الصوت للطرف الآخر المعني أو المقصود، وقد نرى هذا النموذج في عصرنا  الحالي، فقصائد محمود درويش، و أحمد مطر كمثال، لها وقع أعمق  و أوجع من الموائد المستديرة، و الخطب السياسية، كما نذكر في نفس السياق سيد درويش و أحمد فؤاد نجم وتأثيرهم في الحركة الجماهرية الطلابية في مصر،
    لا يختلف اثنان على أن التأثير الاديولوجي للفن اضحى أعمق و أبعد من ثقافة ثورة الشارع و التظاهر الذاتي، و هذا الوعي نرصده كذالك في ما بعد الحرب العالمية الثانية في مجال السينما و المسرح و الموسيقى، حيث تم بناء الفكر و التوجه المجتمعي، و نبذ أشكال الظلم و الحيف، و معالجة المشاكل الأساسية و حل الأزمات المجتمعية عن طريق الفن، و توظيفه بطرق جدرية وتكريسه بصفة أولية.
    أزمة الفن في المغرب قد تبدو واضحة وأكثر جدية وواقعية، بعد هذا الطرح المبسط، فوجود و استفحال أزمة الفن في المجتمع، قد يزيد لا محالة من تعميق باقي الأزمات، فالطالب و المريض، و الأجير و غيرهم من المطالبين بحقوقهم و الباحثين عن من يوصل صوتهم و معاناتهم، قد يجدون في المسرحية و الانشودة و التشكيل و القصيدة، رادعا قويا، و صوتا عظيما، ووسيلة ناجعة للوصول إلى عمق الهدف و صميم المنشود.
    وأخيرا نقول أن الناشئة التي تفتقر للفن في تكوينها، و تستبعد الفن من تقويمها و مناهجها، فهي تُسلب حقها في التعبير، و تفتقر للوسائل التعبيرية، وتلجم صوتها و ذواتها عن الانفعال و التمظهر بما تنضح به، فتصبح ميكانيكية التعبير، فقيرة التواصل، و عديمة الوصول إلى ما تتطلع إليه، وتصبح أمة عقيمة، محدودة الوسائل، مقزمة الإمكانيات، فتنهج المنهج الكلاسيكي للتظاهر الملفوف بالعنف، و المشوش و المعتم، فتحيد عن ما تنشده، و تسلك الطريق الصعب، و أحيانا الزائف.
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn
Share on pinterest
Pinterest
Share on pocket
Pocket
Share on whatsapp
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات