سوق القيم: كم ثمن الكرامة ؟
مبارك المتوكل/المعرب
تعودنا أن من يسعي إلى رد الاعتبار وطلب الإنصاف إذا أحس أن كرامته مست أن يحصر التعويض المادي في درهم رمزي لأن الذين”لا بأس عليهم “لا يطلبون المزيد عل حساب (خالي بوزيد) . قد استوقفتنا الأحكام التي صدرت في حق العديد من الصحفيين من أمثال أحمد بنجلون وسليمان الريسوني وعمر الراضي والتي لم تكن رغم قسوتها (مدرحة) بالرغبة في مزيد من الكسب أو الغصب كما هو الحال في الحكم الذي صدر في حق حميد المهداوي لصالح وزير العدل والحريات.
إثارة الاسمين المتقاضيين لا تعني أن لي موقفا شخصيا من أحدهما أو كليهما ولكنني أعتبر أن مسؤولية وزير العدل ليست فقط صيانة العدل بمعنى السهر على إحقاق الحق عبر تطبيق القانون دون محاباة أو مراعاة للقرابة أو العلاقة أو المصلحة. لكن اسم الوزارة جمع وبواو العطف الحريات مع العدل. وكان الأجدي أن تسبق الحريات كل الأسماء والصفات الأخرى لأن أقدس حرية في الأنظمة الديمقراطية هي حرية الفكر والتعبير. وإذا جانب التعبير العرف وحدود النقد إلى القدف والتزييف فإن من حق من شعر أن كرامته أهينت أن يلجأ إلى القضاء خاصة إذا كان الاتهام الموجه إليه قد تم على رؤوس الأشهاد أو بواسطة أدوات الاتصال المتداولة مما يجعل التهمة تابثة لا حاجة مع حجيتها لشهود أو أدلة غير مادية المتبثة كتابة أو تسجيلا.
من حق من شعر أنه ضحية قذف أو تشهير أن يلجأ إلى القضاء طلبا للإنصاف والتعويض عن ما مس كرامته. وحيث أن الكرامة لا تباع في السوق لنحدد لها ثمنا لذلك تعودنا أن نرى أن الكرام كانوا دائما يطالبون بدرهم رمزي كتعويض، لأن المهم بالنسبة لهم هو إدانة الفعل وليس سحق الإنسان. والمتداول أن من يغالي في طلب التعويض يضع كرامته في سوق القيم ويكلف الأغيار لتقييم ثمنها وعلى من غالى في تقويم كرامته أن يحذر حكم شيخ أدباء المهجر القائل “إن من غربل الناس نخلوه” لأن طلب المليارات يترك لرجال القضاء تقدير قيمة الضرر وما يناسب كرامة المتضرر من تعويض. وهنا مربط الفرس حيث أن القضاء خفظ ملياري الطلب إلى نسبة أقل من 20% قابلة لإعادة النظر استئنافا ونقضا .