الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

قصة قصيرة:العاهرة والفقيه

 

 

محمد شخمان/المغرب

 

 

ولد محمد بقصر السوق عام المسيرة الخضراء.

 

عاش حياة الواحة بقصورها وقصباتها وأهلها الطيبين المحافظين، كانت عائلته فقيرة، وكان والده وإخوته الستة يشتغلون في الفلاحة عند صاحب ضيعة مقابل خمس الإنتاج.

 

التحق محمد بالمدرسة وكان مجدا ومجتهدا في دراسته، غير أنه لم يكن يحب أعمال الفلاحة .
حاز محمد على الباكلوريا والتحق بجامعة ظهر المهراز بفاس وتسجل بكلية الشريعة، وبالعاصمة العلمية قضى أربع سنوات من الدراسة والشعب النضالي، إذ انتمى الى الرفاق وتبنى الماركسية مذهبا سياسيا واقتصاديا والإسلام عقيدة.

 

كان محمد قويا في مناقشاته في حلقات الطلبة، فقد كان مطلعا جيدا على كلاسيكيات الفكر الماركسي وفي نفس الوقت – وبحكم تخصصه- يعرف عن الشريعة والدين ما لا يعرفه خصومه الأصوليون.

 

تخرج محمد من الجامعة سنة 1998 والتحق بمهنة خطة العدالة (لعدول) واشتغل عدلا بمدينة الدار البيضاء، وبعد عامين أصبح له مكتبا فخما ومساعدين وعدول تحت امرته.

 

استمر العدل محمد مناضلا في عدد من جمعيات المجتمع المدني ناشرا للفكر التقدمي ومدافعا عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وأصبح الرجل ينتمي الى النخبة إن اجتماعيا أو ثقافيا ومع ذلك احتفظ بانتمائه للمعارضة.

 

العدل محمد أصبح خطيب جمعة ومحدثا في المساجد وكانت حلقات حديثه تحظى بإقبال منقطع النظير خصوصا من طرف النخب.

 

كان الجميع يناديه بالفقيه محمد، وانتمى للزاوية الصوفية البوحشيشية.

 

ورغم ما حققه محمد من وضع اجتماعي وعلمي مرموق، ظلت علاقته بالأنثى على حالها كما كانت أيام الجامعة .

 

وكانت عشيقته هداية تفضل أن يكون موعد لقائهما مع بداية الليل بحي الحبوس، بمكان خال من المارة حيث بمجرد ركوبها السيارة رباعية الدفع تندفع باتجاه الفقيه معانقة إياه لا تتركه إلا وقد اقتنصت منه قبلات حارة. كان يسميها قُبلُ إزالة تعب اليوم، بعد التقبيل تتجه السيارة الى حي العنب وهناك يحلو السهر ويحلو شرب النبيذ الأحمر خصوصا إذا صنع من عنب گروان.

 

هداية عاطلة عن العمل، وتحب اللهو والسهر و(الكاس) على حد تعبير المغاربة.

 

التقى الفقيه محمد بهداية ذات جلسة خمرية مع أصدقائه في حانة سنتير. أعجب بها وبثقافتها وبإنجليزيتها الأنيقة، ومن يومها لم يعد يستطيع الابتعاد عنها نظرا لسحرها ومواهبها. وأراد أن يتزوجها إلا أن عائلته هددته بمقاطعته إن هو فعل نظرا لما عرفوه فيما بعد عن والدتها سيئة السمعة التي تقيم بتركيا وتزور المغرب بين الفينة والأخرى.

 

مرت ثمانية أشهر على علاقة الفقيه بالفاتنة هداية فانجبت طفلة أسماها محمد ٱية، ولما رفضت عائلته الزواج من أم ٱية ، اكترى لها شقة بحي الجواهر ووثقا عقد الزواج ، وأبقوا زواجهما سريا عن العائلة.

 

مرت بضعة شهور وظهر رجل يطالب بإبنته ٱية، ويقول أن هداية زوجته على كتاب الله وسنة رسوله بمقتضى زواج عرفي جمعهما بالمدينة المجاورة الى أن اختفت عن أنظاره، وظل يسأل عنها الى أن إهتدى الى مدينتها ومكان سكناها الجديد.

 

الرجل الذي ادعى أنه هو أبو ٱية، كان رجلا أنيقا وملتحيا وعلامات النعمة بادية عليه. والعربي أنن لم يكن يظهر عليه أي تعاطف أو حب للطفلة ٱية.

 

أصيب محمد بصدمة بسبب ملابسات قصة زواج زوجته من رجل ٱخر فضربها، وتشابك بالأيدي مع زوج زوجته ولولا تدخل سكان العمارة بحي الجواهر لوقع ما لا تحمد عقباه.

 

ورغم أن لفقيه محمد شك بزوجته هداية إثر حملها المبكر معه غير أنها أقسمت له بأغلظ الإيمان أن الجنين الذي ببطنها من صلبه.

 

اجتمع الثلاثة واعترفت هداية بعلاقتها السابقة بالرجل الملتحي، وأتفق زوجا هداية أن يخضعا ٱية للفحص الجيني كي يعرفا ابنة من هي. كما اتفقا أيضا أن هداية ستبقى زوجة لمن انتسبت له ٱية.

 

في صباح اليوم الذي سيتسلمون فيه نتيجة التحليل الجيني ، وكان الموعد أن يلتقوا على الساعة الحادية عشرة والنصف أمام مختبر التحليلات الطبية، لم يظهر أثر لهداية.

 

اتضح من نتيجة التحليل المخبري لدم ٱية أنها لا تجمعها أية علاقة أبوية لا بمحمد ولا بالرجل الملتحي.
وقف الإثنان مندهشان ومشككان بنتيجة المختبر ، كانت الساعة تشير الى منتصف النهار، وإذا برنة وصول رسالة إلى هاتفيهما تقطع حديثهما، قرأ كل رسالته ورفع رأسه ينظر الى الٱخر.

 

قرأ الفقيه رسالته على الرجل الملتحي فسمع الأخير ما يلي :
محمد، أنا بمدينة البوغاز مع زوجي الخليجي أبو ٱية،جاء ليرى ابنته، وليأخذنا معه، عليك أن تطلقني حالا وإلا ندمت على اليوم الذي ولدتك فيه أمك، كانت أخبار زوجي قد انقطعت عني بسبب مرض السرطان الذي أصيب به قبل أن يعالج. لذلك كنت مضطرة لتسجيل ابنتي باسمك، لقد أخبرته بعقد الزواج الذي بيني وبينك وهو يأمرك بتطليقي دون مناقشة أو تأخر .

 

بعد قراءة الرسالة، ترك محمد الرجل الملتحي وأدار محرك السيارة وانطلق مسرعا قاصدا مدينة البوغاز.
لما وصل لفقيه محمد مدينة البحرين ظل ليومين وهو يبحث عن هداية، وفي صباح اليوم الثالث وبينما هو واقف بجوار سور المعگازين، حائرا يتفحص المارة، ويدخن سيجارة من النوع الأمركي، وكان لم يتناول وجبة الفطور بعد، إذا بسيدة أنيقة الملبس، جميلة المظهر تمر من أمامه دون أن تنتبه إليه.
ناداها : فاطمة..فاطمة..
التفتت فاطمة فرمقته ثم عادت مسرعة وعانقته.

 

ذهب الإثنان الى مقهى محمد شكري، وهناك تناولا فطورهما، ودار بينهما حديث طويل عريض، استعادا فيه ذكريات الجامعة واسترجعا بحنين حبهما الجميل وزواجهما الذي لم يتم بسبب رفض العائلة الفاسية أن تزوج ابنتها لطالب صحراوي فقير.

 

توقف محمد عن البحث عن زوجته هداية، وعاد بفاطمة الى حي العنب بالدار البيضاء.
بعد أسابيع حكم القاضي بطلاقه من هداية ، وتزوج فاطمة ، وانجب منها طفلا وطفلة كليهما على جمال وأخلاق واجتهاد ، وعاشت فاطمة ومحمد حياة سعادة على هدى من الله، وعم الإنسجام عائلتي الزوجين.

ملحوظة :
القصة من نسج الخيال و وجود أماكن حقيقية لا يعني أن الأحداث حقيقية، والصورة

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات