ذكريات بسيطة بين الماضي والحاضر .
ذة / ثريا الطهري.
وأنا أغادر المصحة أثارتني باقة أقحوان ، وقفت أتأملها ولم انتبه الا وانا اخذ واحدة منها ، امسكتها بيدي لاتفحصها عَلٍي أستنطقها فاعترتني ذكريات جميلة أعادتني سنين إلى الوراء، إلى زمن الطفولة، فحاولت جاهدة لملمة ذكرياتي المبعثرة والساكنة هناك في مدينة مسقط رأسي ، بركان الأصل والموطن حيث كنت أعيش في كنف ” سيدي ” كما كنا نناديه وهو المرحوم السي علي الحسني الورطاسي ، جدي من جهة والدتي .
في تلك الفيلا بحديقتها الرائعة الزاهية باختلاف أنواع ورودها وأزهارها ونخلها واشجارها الباسقة والمخضرة على الدوام ، وأنا اهيم في فضاءات تلك المساحات الشاسعة والممتدة وراء كنيسة ” سانت أنييس sainte Agnès ” المجاورة لنا حيث تنتشر الخضرة ويعم الاخضرار كالسجاد المنبسط ، وذلك قبل أن يزحف البناء هناك وتأتي الأسمنت على كل ما كان ينعش الفؤاد .
أمسكت بالزهرة متأملة وريقاتها ، فاستفاقت في تلك الطفولة المشاكسة وحركت سواكني ودفعتني لاستحضار همس ذكريات منقوشة في الفؤاد ،ذكريات تلك الطفلة الشقراء التي كنتها ذات يوم، وهي الجالسة لوحدها على عتبة الباب تراقب تلك الوجوه المنحوتة على جدار الكنيسة المواجهة لمدخل سكن جدي ، فحلقت بي الى البعيد مسترجعة ماكنت عليه من تأمل وسرحان وأحلام فترتي الطفولة والمراهقة ، وبدات أترنم واتذكر تلك الثنائيات التي كانت تشغل أبناء وبنات جيلي :
” أنجح أو لا أنجح ” … ” يحبني أو لا يحبني”
– علما أن ذاك الحب ماكان الا من نسخ خيال جارف – ولم أشعر الا وأنا انتزع اوراقها المجنحة أو تويجاتها البيضاء لعل واحدة منها تؤكد لي ماكنت أتمناه لحظتها، وتخبرني أنه يحبني لأكبر على أمل حب حقيقي وأنساق وراء نداء مجنون نحو المجهول وأعيش مجددا على الأمل ناسية أو متناسية كل الخوف الذي ينتابني من جراء تامل تلك الوجوه المزينة لجدار وبوابة الكنيسة ، ومتخطية شرود مراهقة منزلقة لايمكن القبض عليها او التحكم فيها ومستحضرة لتصورات مستقبلية كانت تطوح بي بعيدا بعيدا .
انها بعض من أشواق وهمسات الماضي الجميل والبسيط، التي عشتها ذات زمان قد مضى بغير رجعة ، وهي بعض من شيطنة ماض قد ولى ، وهي ذكريات فواحة بعطر الطفولة وبرائتها، امتزجت برائحة الربيع ونسمات الأقحوان المختلفة أشكاله وانواعه ، وكم هي جميلة ورائعة عند استعادتها بعد سنوات العمر الهاربة منا .
وقتها أحسست بشيء ما ينقصني :
ربما الأمل
ربما النسيان او التناسي
ربما الأهل والعائلة الكبيرة
ربما الأصدقاء والأحباب
لاادري ……………
او ربما اشتقت لذاتي التي كنتها في زمن قد مضي بكل ماله وماعليه . وعندها تمنيت أن يتوقف كل الألم الذي كان لي محاصرا من جراء ما تعرضت له ذات ليلة بمدينتي – وأنا بزيارة والدتي المريضة – فتسبب لي في إجراء عمليتين جراحيتين على يدي اليسرى الأولى بمدينة بركان والثانية بمدينة الدار البيضاء ، ولا زلت من تبعاتها أعاني