الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الغرفة الثالثة للبرلمان المغربي

 

مبارك المتوكل/ المغرب 

 

 

لا تعجبوا إذا سمعتم الحديث عن غرفة ثالثة للبرلمان المغربي الذي يفترض فيه أن يكون كسائر البرلمانات في الدول الديمقراطية بغرفة واحدة أو غرفتين. البرلمان المغربي منذ 1963 إلى اليوم وهو يعرف أحد هذين النوعين. لكن ما الذي اقتضى اليوم وجود غرفة ثالثة. لا داعي للعجب ما دام عدد لا يستهان به من برلمانيينا قد فرض عليهم اليوم مكرهين أن يلجوا غرفة غير الغرف العادية التي بذلوا الجهد والمال من أجل الوصول إليها ليتباهوا بقدراتهم الفائقة على هزم منافسيهم في انتخابات مشكوك أصلا في نتائجها، نظرا لما شابها ويشوبها من مظاهر التزوير القبلي والبعدي حتى عمليةالتصويت وإعلان النتائج، ما دام الذي يعين رؤساء وإعضاء مكاتب التصويت هو الذي يعلن النتائج عوضا عن المكاتب، وما دام رئيس مكتب التصويت يملك سلطة قبول أو رفض ممثل المرشح خاصة إذا لم يكن ذلك المرشح منتميا للحرب المقرب من المشرف على العملية الانتخابية برمتها .

 

لا تسألوا عن كيفية التقرب من ذوي القرار، لكن اسألوا عن النتائج! لقد أوصلت هذه الطريقة بأدواتها ووسائلها المشبوهة إلى مؤسسات التشريع والتسيير من لا يتوفرون على القدرة والمعرفة، وحتى إذا توفروا عليها فإنهم يفتقدون المروءة والأخلاق مما يجعلهم يسعون إلى استغلال السدج والبسطاء لإغرائهم بوعود كاذبة وإعطاء عربون برشاوي وإغراءات لكل من تطوع للدعاية في الحملة الانتخابية و في التصويت يوم الاقتراع. وبمجرد ما تعلن النتائج ويصل الفائزون ليصبحوا رؤساء مجالس ونوابا أومستشارين يستفيدون من الحصانة البرلمانية ويتوفرون على نصيب من السلطة تمكنهم من التصرف في المال العام حتى تبدأ علامات الثراء تطل ببناياتها الشامخة وسياراتها الفارهة وحفلاتها الزاهرة ولياليها البيضاء وسهراتها الماجنة، ومن لايجد طريقا إلى الاختلاس يبتدع طرقا أخرى فيصبح رجل تربية وإصلاح أو رئيس فريق رياضي، ولم لا، تاجرأعراض ومنشطات لئلا نقول مخدرات؟ وتكاثرت الفضائح وأزكمت روائحها الأنوف وانكشفت عيوب واختلالات العملية الانتخابية فكان من الطبيعي أن تتدخل الغرفة الدستورية فتلغي عددا من النتائج وتفرض على السلطات فتح باب الترشح لتعويض برلماني أو مستشار مع ما يقتضي ذلك من نفقات تتحملها الدولة ومجهودات تفرض على الموظفين .

 

المناضلون عندما يترشحون للانتخابات يدخلون حملاتها من أجل التعريف بتنظيمهم وبخطه السياسي و يسعون إلى الارتقاء بالمواطن ليتعلم كيف يدافع عن حقه في الشغل اللائق والسكن الملائم وتوفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وأمن وكل ما يضمن كرامة المواطن. ومن هنا يوضح للناخب أن من يستحق صوته هو ذلك المناضل المؤهل للدفاع عن هذه القيم والمباديء التي تضمن للمواطن حريته وكرامته. كثير من المناضلين قرروا مقاطعة الانتخابات ترفعا وإدانة للمارسات الشائنة التي تدار بها وقد تعرض بعضهم للمحاكمة والإدانة لهذا السبب. ولكن تبين أن تلك الطريقة من الاحتجاج لم تجد الأذن الصاغية بل استفحل الأمر حتى أصبحت الانتخابات سوقا يلجه كل متطلع أو عارض، لكن البضائع المعروضة لم تكن إلا ماء الوجه وعزة النفس، إذ دخل هذا السوق كثير من الأفاقين المستعدين للمتاجرة في كل شيء ووضع اليد على ما للناس وبيع ما يضر ولا ينفع. قرر عدد من مناضلينا الترشح بعد سنوات من من المقاطعة ليشهد المواطن والعالم على ما يشوب انتخابات تشرف السلطة على تنظيمها دون إشراك أي تمثيلية سواء علي مستوى إقليمي أو جهوي أو وطني، لا عند وضع الترسانة القانونية ولا على تنفيذها من الإعداد والمراقبة وإعلان النتائج. وإذا كان مرشحو اليسار كغيرهم يسعون للنجاح فإن نجاحهم الحقيقي كان في حملتهم الانتخابية النظيفة والدور الذي يقوم به من نجح أو نجحت منهم في الجهر بالحقيقة وطرح القضايا المؤرقة لفضح ما يحاول بعضهم ستره من فضائح أبطالها من أولائك الذين وصلوا إلى مواقع غير مستحقة واستغلوها لارتكاب ليس أخطاء بل جرائم لم تتحرك السلطات المعنية بالمراقبة للبحث فيها إلا عندما أصبحت تلك الفضائح حديث الغادي والبادي .

 

كثرت الاختلالات وكثرت الجرائم وتدخلت سلطات للدفاع عن مختلسي المال العام ونصبت من لا مروءة لهم ولا أخلاق في مواقع مكنتهم من إهانة المواطن والوطن. استرجعوا ما أنفقوه بسخاء في حملاتهم الانتخابية بالتصرف في المال العام عن طريق التزوير والصرف على الأوراش الوهمية ودعم الجمعيات الثقافية والرياضة والفنية الموجودة على الورق هذا إلى جانب جرائم يندى لها الجبين فظهرت علامات الثراء والثرف ارتفعت البنايات وأزهرت الحدائق وتحركت السيارات الفارهة وتعددت الحفلات البهية والسهرات الماجنة وبدأ التباهي بالثروة على رئوس الأشهاد فكان لا بد من تحريك الأجهزة المختصة لتضع اليد على ما كان واضحا والاكتفاء باعتقال نماذج من هنا وهناك لكن المساءلة لم تطل مصادر تلك الثروات التي لم تظهر بالصدفة عند عدد من محدثي النعمة الذين أفادوا واستفادوا من استغلال النفوذ والتقرب من الذين يعرفون كيف تؤكل الكتف من غير أن يتورطوا في اختلاس أو مشاركة في اختلاس . ونعني هنا بالأساس تلك الأحزاب التي فتحت صفوفها لكل نذل ووغد ونصاب ليمول حملاتها الانتخابية ويتصدر لوائح مرشحيها مقابل ما يبذل من أموال قد يجهل الحزب مصدرها وذلك ليس عذرا أما إذا كان يعرف مصدرها فتلك مصيبة عظمى .

 

هذا الواقع رشح لدار الصابون نماذج بشرية جديدة من الساكنة. إنهم أولائك الذين شرعوا أو على الأقل صوتوا على نصوص قانون زجرية يعيشون اليوم تنفيذها ويتذوقون مرارة ونتائج مفعولها. لو أن إدارة السجون سمحت وجمعت كل هؤلاء البرلمانيين في سجن واحد وعنبر واحد لأمكن اعتباره غرفة ثالثة للبرلمان المغربي يستطيع فيها برلمانيونا المحترمون أن يدركوا أنهم الآن فقط أصبحوا في موقعهم الطبيعي. اللهم لا شماثة في من يزور دارا قيل لنا إنها دار الصابون يخرج مغادرها نظيفا من كل أخطائه مرفوع الرأس إن كان اعتقاله من إجل قضية عادلة، لكن كيف سيخرج من دخلها مزورا أولصا أونصابا أو تاجر أعراض ليس لفقره أواحتياجه بل لأن ثروته زينت له الطمع في المزيد فلم يكتف بجمع المال حلاله وحرامه بل أراد أن يضيف شرف تمثيل النخبة التي ترسم طريق مستقبل الإمة وكأن المغرب لا يستحق أن يقوده ويقرر مصيره ويبث في قوانينه إلا ذلك الصنف من الحثالة التي نسيت أو تناست. أن تلك المواقع لا يعرف قيمتها إلا شرفاء من أمثال المرحوم الدكتور عبد اللطيف بنجلون أو المرحوم الأستاذ محمد التبر…واللذين لا يخلو الوطن من أمثالهما .

 

من يعرف تاريخ المغرب وبطولات رجالاته الأفذاذ وأمجاد مناضليه ومناضلاته، أولائك الذين واللواتي اختاروا واخترن التضحية بكل ما يتسابق عليه عامة الناس في الظروف العادية من الكسب الحلال الذي يحمي من الحاجة ويوفر الكرامة من أن تمد اليد على ما للغير خصوصا إذا كان هذا الغير هو المجتمع الذي وجب أن يسعى الجميع أفرادا وتنظيمات إلى حماية مصالحه والدفاع عنها ضد المختلسين والمتلاعبين ومستغلي النفوذ. على أن عذر السافلين إذا كان لا بد لهم من عذر فهو أن من حماهم وأوصلهم إلى المواقع التي وصلوا إليها من غير استحقاق يمثل صدق المثل العربي “وافق شن طبقه” . فانعموا بزنازنكم وتدبروا نتائج إساءاتكم للمواطن والوطن من خلال من سبقكم إلى ظلمات الزنازن من ضحايا خطاياكم من معتقلي الحق العام ولكن وبالخصوص من المناضلين الشرفاء الاشاوس الذي وقفوا في وجه سلوككم الشنيع كما وقفوا في وجه من حماكم وأوصلكم إلى ما لم تكونوا لتصلوا إليه إلا في ظروف مثل هذه الظروف

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات