اضرابات رجال التعليم بالمغرب فاقت 3 أشهر ، لمن تعود المسؤولية ؟
محمد بونوار- الرباط
فاقت اضرابات رجال التعليم شهرها الثالث ، ولازلت الامور تشهد حراكا لم يسبق له مثيل في المغرب ، حيث منذ بداية السنة الدراسية الى يومنا هذا وحجرات الدرس التي اعتاد التلاميذ الجلوس على مقاعدها للتحصيل وطلب العلم ، لازالت تعرف غيابا غير معهود ، والسبب في هذا كله هو رفض رجال التعليم لما يسمى بالنظام الاساسي والذي يتمركز على عدة بنود وقوانين ومساطير ادارية ، لا يمكن التطرق اليها بالتفاصيل في هذا المقال ، لكن خلاصة ما يمكن قوله هو نظام االتعاقد والذي لا يعترف برجال التعليم كموظفين تابعيين للدولة مباشرة كباقي الموظفين الاخرين ، وكذالك التعويضات المالية والتي يقر رجال التعليم بأنها هزيلة ولا تتناسب ونظير ما يقدمونه من خدمات اٍضافية كتصحيح الامتحانات ومراقبتها واعدادها والسهر على دوراتها .
للتذكير فقط ، هذه الملفات التي يتصارع رجال التعليم مع وزارة التربية والتعليم بشأنها ، هي ليست وليدة اليوم ، بل قديمة ومتراكمة عبر سنوات مضت ، لكن الوزارة المعنية كانت كل سنة تعالج ملف واحد ، أو ثلاثة ، وتغض الطرفعن الاخرين ، ويتم اٍرجاء البقية الباقية الى السنوات المقبلة ، هذا من جهة ، لكن الأمر اليوم يختلف كثيرا حيث أن جيلا كاملا على وشك ضياع سنة دراسية بسبب هذا التماطل الذي فاق كل التوقعات وبدأ يحطم الآمال ويقلص الأماني في رجوع المياه الى مجاريها ، وبدأت معالم ضياع سنة دراسية تظهر في الافق .
تجري هذه الامور أمام الحكومة ، وأمام البرلمان ، وأمام الاحزاب ، وأمام المجتمع المدني ، وأمام آباء وأولياء التلاميذ ، وأمام الشعب المغربي بكل أطيافه ، وأمام الاعلام الرسمي والذي لا يكلف نفسه تسليط الضوء والعواقب الوطنية والدولية بغية تحريك هذا الملف الساخن لما يحمله من أبعاد اجتماعية معقدة ، لأن التلاميذ لن يكملوا مقرر السنة الدراسية ولو رجع رجال التعليم الى مقرات عملهم ، من جهة ثانية التلاميذ المقبلين على اجتياز شهادة الباكلوريا هناك احتمال كبير بأن الجامعاتالمتواجدة خارج المغرب سوف لن تقبل شواهدهم لانها لن و لم تستوف المقررات المفترض تدريسها .
قبل العودة الى المؤسسات التي تنصب نفسها بأنها تترافع عن المواطن في البرلمان وفي مقرات الاحزاب والنقابات ، أريد فقط أن أفتح هنا قوسين بأن المتضرر الاول من هذه الاضرابات هم أبناء الشعب الذين يدرسون في المدارس والثانويات الحكومية بمعنى بالمجان ، لكن الفئة الثانية التي تدرس أبنائها بالمدارس الخصوصية ، أي بالمال فهي لا تعاني من أي مشكل ، ومن هنا نفهم أن أبناء الطبقة المتوسطة والهشة هم الضحايا لهذه الاضرابات .
عادة يتم انتخاب البرلمانيون حتى يدافعوا عن مشاكل المواطن ويطرحونها أمام الحكومة ، كما هو شأن الاحزاب في مثل هذه المواقف حيث تعقد اجتماعاتطارئة وتساهم في بلورة الحلول الناجعة وتستغل منابرها لتنوير الرأي العام ولا تتهاون في ابداء وجهة نظرها تجاه هذا النوع من المشاكل الاجتماعية العويصة والتي تمس المواطن والوطن بشكل مباشر .
لا شيئ من هذا القبيل ، النواب البرلمانيون والاحزاب السياسية توارت الى الوراء ، وتركت المجال لوزارة التربية والتعليم والتي تجتمع كل مرة مع النقابات الاكثر ثمثيلية والتي يصل عددها الى 5 نقابات ، وهنا لابد من الاشارة أن رجال التعليم لا يلمسون المصداقية في مخرجاتالاجتماعات بين الوزارة والنقابات ولو بحضور الحكومة ، وهنا لابد من وضع النقاط فوق الحروف بشكل سليم والتسليم بأنه لا توجد ثقة بين رجال التعليم و النقابات ، رغم المقترحات التي تطرحها الحكومة والسبب أنه حسب الفعاليات التي لها المام شامل وكامل بقضايا رجال التعلييم على مختلف درجاتهم والتي تسمى بالتنسيقيات والتي يبلغ عددها حوالي 24 تنسيقية ، تقر بأن الحكومة تتهرب من الحوار المباشر بما فيها وزارة التربية والتعليم والتي تتملص من الجلوس على طاولة الحوار مع هذه التنسيقيات والتي تعتبر القيادة العليا لرجال التعليم .
جدير بالذكر أن الاحتقان لازال عاليا والشارع المغربي يتساءل باستمرار لمن تعود المسؤولية القانونية ؟
وبالمناسبة نظمت تنسيقيات رجال التعليم اليوم 4 دجنبر 2024 ، بالرباط عاصمة المغرب أمام البرلمان مظاهرة حاشدة ردد خلالها المتظاهرون أن مخرجات الحوار الذي جرى بين الحكومة والنقابات بخصوص ملفات رجال التعليم أصبح متجاوزا ولا يتجاوب مع متطلباتهم على العموم .
في بعض الاحيان الحلول تكون بسيطة ولا تحتاج الى تعصب ، أو مزايدة ، أو ضياع للوقت ، يكفي أن تكون نية الاصلاح والغيرة على الوطن وعلى المصلحة العليا التي تبقى فوق كل اعتبار وفوق كل الحسابات الضيقة .