من أجل افريقيا جديدة قوية وحرة
عبدالسلام المجلاوي/كندا
كل المؤشرات الاقتصادية والجيواستراتيجية تؤكد أهمية بل ضرورة بناء إفريقيا المستقبل على أسس متينة منطلقة من وعي تحرري وتقدمي واعد لشعوبها وقادتها على حد سواء.
ضرورة البناء الجماعي المتكامل
يمر العالم من مرحلة استثنائية على عدة أصعدة. بحيث نلاحظ تطورات على مستوى موازين القوى بين المعسكر الرأسمالي الإمبريالي القديم بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعرف اندحارا خطيرا مع حلفاؤها الغربيون، وبين تكتلات جديدة في طور التشكل تتزعمها الصين كثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم (قريبا ستحتل الصف الأول ) وحلفاؤها الطبيعيون من مجموعة البريكس، مما يشجع القارة الافريقية التي ظلت تابعة للاستعمار القديم/الجديد، وظل زعماؤها الرسميين والشعبيين أسرى ثقافة متهالكة وأفكار خالية من التجديد والابتكار. وتظهر حاليا بوادر وعي متحرر هنا وهناك نتمنى أن يرقى إلى المستوى الاستراتيجي المطلوب الذي تحدده مواردها الطبيعية أساسا وتحدياتها الأمنية والتنموية. ويرقى خصوصا إلى التخلص من التشرذم العرقي والقبلي والديني، والوعي بأهمية التكامل الاقتصادي والثقافي الذي بدونه لن يتحقق اي تحرر من براثن القوى العظمى التي تطمح إلى استغلال خيرات باقي الشعوب والعمل على خلق بؤر للحروب الدائمة خارج حدودها، وحروب أهلية لا يستفيد منها سوى أباطرة الحروب وصناع الأسلحة الفتاكة.
التحدي الأكبر الذي يواجهه الأفارقة حاليا ومستقبلا هو التحدي العلمي والتكنولوجي. وبدون تطوير العلوم بافريقيا، ستظل تابعة ومتخلفة رغم تزويد العالم المتقدم بما يلزمه من ثروات معدنية نادرة وضرورية للصناعات المتطورة.
وهنا يطرح السؤال المؤرق: أين نحن من هذا الوعي الوحدوي التكاملي والاندماجي؟
وطرح السؤال هو نفسه عنصر للجواب.
فالعديد من الدول الافريقية لم تصفي بعد ارثها الكولونيالي مع المستعمر الأصلي (عدة اتفاقيات مجحفة وبعيدة المدى فرضت على الأفارقة حين قبلت باستقلال شكلي ومبتور حافظ المستعمر على صلاحيات لابد من التحرر منها حاليا)، كما ورثت بؤر توتر حدودي وعرقي في عدة مناطق، زد على ذلك غياب أية آليات دولية عادلة وفعالة لتسوية النزاعات الإقليمية.
هذه عوامل سلبية لا تعمل لصالح الشعوب الافريقية وتنميتها والدفع بها إلى توحيد الجهود.
لكن العوامل الايجابية والضرورات الموضوعية الحيوية التي سبق الإشارة إليها أعلاه أكبر من العوائق والسلبيات. وهنا تطرح مسؤولية الشعوب ومنظماتها التقدمية المناضلة. مسؤولية الدفع إلى وحدة الشعوب بدل السقوط في الشوفينية والوطنية الضيقة. مسؤولية رفع الوعي الوحدوي التحرري، الوعي بأن القضية قضية وجود.
مسؤولية توحيد قوى التغيير الديمقراطي وبناء دول الشعوب المنفتحة على بعضها البعض و تنمية قدراتها العلمية والبشرية والأمنية. والتصدي للأصوات والمنابر التي تنشر الحقد والتفرقة بين الشعوب الشقيقة.
ولإعطاء المثال على مستوى إفريقيا الشمالية والمنقطة المغاربية خصوصا، لنتعبأ جميعا لخلق مناخ أخوي وحدوي مناسب بين المغاربة والجزائريين كمرجلة أولى ثم مع التونسيين والموريطانيين والليبيين وطبعا باشراك كل المغاربة جنوبا وشمالا، شرقا وغربا لخلق المغرب الكبير الديموقراطي والمتحرر اقتصاديا وثقافيا واجتماعيات وسياسيا.