الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

اكتظاظ السجون المغربية :
هل هو أمر رسمي مقصود؟ أم اجتهاد قضائي مردود؟
أم هناك لوبي تجار السجون؟

 

 

عبد المولى المروري/كندا

 

«أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن عدد السجناء بالمؤسسات السجنية قد بلغ بتاريخ 07 غشت 2023 ما مجموعه 100.004 سجناء، معتبرة إياها “رقما قياسيا”.

 

وأشارت المندوبية إلى أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64600 سرير، رغم تحديث وتوسيع حظيرة السجون بالمغرب.

 

ولفتت إلى أن عدد السجناء بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء بلغ ما مجموعه 10877 سجينا، علما أن الطاقة الاستيعابية لهذا السجن لا تتعدى 3800 سرير.

 

وتوقع المصدر نفسه، استمرار تزايد الساكنة السجنية مستقبلا إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع.

 

وعبرت المندوبية العامة عن قلقها البالغ لتسجيل هذا التزايد المهول، مطالبة السلطات القضائية والإدارية بالإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة على المشاكل التي من المفروض أن تنتج عنه في ما يتعلق بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج».

 

المصدر : موقع اليوم 24

 

سبق في مناسبات عديدة أن تناولت موضوع اكتظاظ السجون المغربية بشكل ملفت للنظر، حيث أصبحت تعرف أعلى نسبة في العالم (251 سجينا من أصل 100 ألف نسمة في سنة 2022)، ولطالما كنت أتساءل عن الأسباب الظاهرة والباطنة لشغف قضاة النيابة العامة بشكل أساسي، ثم قضاة الحكم بشكل ثانوي على ملء سجون المملكة!

 

ترى ما هي الأسباب والمبررات التي تجعل قضاء المغرب ينحو منحى ملء السجون رغم اكتظاظها، ورغم «تنبيهات» و«توجيهات» رئاسة النيابة العامة من أجل اعتماد بدائل أخرى غير الاعتقال نص عليها قانون المسطرة الجنائية، ورغم النداءات المتكررة للتخفيف من ظاهرة الاعتقال الاحتياطي وتدابير الحراسة النظرية؟

 

لماذا يستنكف قضاة المغرب عن إعمال باقي مقتضيات المسطرة المتعلقة بالوضع تحت المراقبة القضائية حسب المادتين 160 و161، علما أن هذا الإجراء نفسه إلى جانب الاعتقال الاحتياطي ما هما إلا تدبيران استثنائيان حسب المادة 159.. فهل أصبح الاعتقال الاحتياطي تدبيرا أصليا في السياسة الجنائية المغربية؟ وما قيمة هذه المواد إذا لم يتم العمل بها وتنزيل مقتضياتها؟

 

إن الذي يرجح فرضية تفضيل واختيار الاعتقال الاحتياطي عن باقي التدابير الأخرى أنه سياسة جنائية رسمية وليس اجتهاد قضاة فحسب، هو أن ذلك أصبح ظاهرة عامة ومنهج قضائي عام، وليس حالات فردية، وما يؤكد هذه الفرضية هو إعراض القضاء عن اعتماد تدابير أخرى غير الاعتقال رغم كل النداءات والتنبيهات والاستغثات والتحذيرات التي أطلقت منذ أكثر من عشرين سنة خلت، فظلت دون استجابة أو اهتمام.. وكل ذلك لم يؤثر على توجه القضاء ولم يغير منهجه المخلص والمتشبث بالاعتقال الاحتياطي..

 

ومن أغرب الحلول المقترحة للحد من ظاهرة أو أزمة الاكتظاط هو بناء 16 سجنا في غضون الخمس السنوات المقبلة، وكأن الأزمة في قلة السجون وليس في الاعتقال الاحتياطي!

 

إن النقاش والسؤال الأساسي هو ما هو سبب تفضيل القضاء المغربي لتدابير الاعتقال الاحتياطي عوضا عن التدابير الأخرى، وليس عدد السجون!؟ لماذا يختار قضاؤنا الاعتقال ويسارع إليه، ويعرض عن التدابير الأخرى ويغمض عينيه عنها؟

 

أما بناء سجون أخرى فتلك مقاربة فاشلة تتنفس من داخل تدابير الاعتقال، وتفكر بعقلية أمنية غير حقوقية، ومتعسفة في تطبيق المسطرة، وتجنح نحو التضييق على الحريات .. هذا من جهة..

 

ومن جهة أخرى، عندما يتجاوز عدد الساكنة السجنية سقف 100 ألف، فهذا العدد يقترب من خمس ساكنة الرباط العاصمة، وهو عدد مدينة صغيرة، مما يعني أنه سوق تجارية مربحة!!

 

وهنا من المنطقي أن تفرض بعض الأسئلة نفسها؛ هل ولوج هذه السوق المغرية يتم عن طريق صفقات عمومية؟ أم صفقات تفاوضية؟ هل هي سوق مفتوحة لجميع الشركات؟ أم هي سوق محتكرة من طرف بعض الشركات المحظوظة؟ من يمون هذه السجون بالحليب ومشتقاته؟ بالخضر والفواكه؟ بالخبر؟ وغير ذلك من المواد الغذائية؟

 

وكي نعرف رقم معاملات لمنتوج واحد فقط، مثلا إذا كان ثمن اليوغورت درهمان، فإن المبلغ سيصل إلى 200000 درهما يوميا على مستوى السوق السجنية، وقس على ذلك باقي المنتجات الأخرى.. فإذا كانت هذه السوق محتكرة، فذلك يعني أن هناك ريع تجاري سجني تتحكم فيه لوبيات معينة.. ويستفيد ماديا من تضخم وارتفاع عدد السجناء، فهل لهذا اللوبي دور في ارتفاع عدد المعتقلين والسجناء؟

 

إن اكتظاط السجون هو أحد الوجوه القبيحة لانتهاك حقوق الإنسان، وبناء المزيد من السجون هو تعبير عن مقاربة أمنية ممنهجة، ومنهج رسمي في مصادرة الحريات، واحتكار السوق السجنية هو تمكين اقتصادي لأوليغارشيا السجون ..

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!