حول علاقة الديمقراطية و مفهوم القيادة داخل المجتمع
عبد السلام المجلاوي/كندا
القائد-ة- (أو الزعيم-ة-) هو شخص قادر على التوجيه والتأثير والإلهام بقوة الإقناع وبحب الناس أو المنظمات له وتقبل أفكاره واتباع سلوكه بشكل طوعي وواعي.
عكس من الزعيم الذي يفرض سلطته بقوة المنصب أو نتيجة شراء الضمائر واستغلال النفوذ وغسل الأدمغة لسحق معارضيه والظهور بمظهر الزعيم الأبدي.
ومن خصائص القائد الناجح: الطموح – التواصل وتعبئة الطاقات – المسؤولية في النجاح والاخفاق – التواضع – الذكاء والكفاءة – المخاطرة والشجاعة الخ
ومن خصائص القيادة الناجعة والحكيمة، هي تلك التي تتوفر على نظرة خارقة لخلق شروط تجاوز الوضع المزرى والمتخلف سواء تعلق الأمر بتسيير بلد بكامله، أو بمؤسسة اقتصادية، أو بحركة سياسية أو نقابية وجمعوية، فشروط النجاح او الفشل مشتركة لدى القائد او القيادة بشكل عام.
على مستوى تسيير وتدبير شؤون الدول مثلا: هناك قادة يخططون لتقدم بلدانهم والعمل على خلق شروط التفوق العلمي والتكنولوجي والعسكري و الاقتصادي الخ، في اطار خطط بعيدة المدى (25 او 50 سنة وأكثر) ويعبؤون لذلك المجتمع بكل طاقاته. أي زعماء برؤيا واضحة بعيدة المدى ومشاريع لبناء المستقيل دون غض الطرف عن التغلب على تحديات الحاضر من توفير الحماية الوطنية، الاجتماعية والامنية والحفاظ على الكرامة الانسانية.
هؤلاء القادة، على قلتهم، يعملون على تنمية أوطانهم وشعوبهم بالإعتماد على مواردهم الطبيعية والبشرية والجيوسياسية.
وتجدر الاشارة هنا أن العديد من الزعماء في افريقيا وأمريكا الجنوبية والوسطى عرفت ظهور بعض القادة في فترة ما بعد الكولونيالية، إلا أن الإستعمار القديم وبتحالف مع صنائع الإستعمار المحليين عبؤوا كل قواتهم العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية للإطاحة بهم واغتيالهم وتعويضهم بأنظمة تابعة وطيعة.
وهناك بالمقابل قادة (اغلبهم استولوا على السلطة نتيجة انقلابات دامية) ، وجلهم صنائع الإستعمار القديم والجديد، لا يهمهم إلا الإغتناء الفاحش على حساب شعوبهم وتقوية ثروات عائلاتهم وأصدقائهم وتخويلهم مفاتيح سرقة الموارد الطبيعية وتهريب الأموال للخارج على حساب تقدم شعوبهم وبلدانهم. وهذه الفئة لا يهمها ما سيقع في بلدهم بعد تنحيتهم من السلطة. وغالبا ما يستقوون بدول خارجية لحماية مصالهم الشخصية والعائلية مقابل تقديم أوطانهم وشعوبهم لقمة صائغة للشركات متعددة الجنسية والبلدان الإمبريالية الحامية لمصالحها.
أما على مستوى المنظمات الإجتماعية من أحزاب ونقابات وجمعيات المجتمع المدني، فالقيادة تعبر بشكل كبير على القاعدة الإجتماعية والثقافة السائدة داخلها…فهناك من يؤيد و يؤمن بدور القائد/الزعيم اذا تمكن هذا الأخير من تحقيق نتائج إيجابية (حسب طبيعة التنظيم) وساهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف والبرامج المسطرة. وهذا هو دور القيادة الحقيقية المبنية على احترام القوانين الأساسية والداخلية ومبادئ الديموقراطية و الحكامة السليمة، ويصاحب ذلك طبعا ضرورة تغيير القيادة التي لم تفلح في تحقيق الأهداف المرجوة ولو بنسب معقولة.
فقادة الأحزاب، مثلا، في البلدان الديمقراطية تصل الى مناصب المسؤولية بشكل ديموقراطي ويطاح بها ديموقراطيا اذا فشلت في مهامها. وأغلبها تستقيل بمحض الإرادة إذا فشلت في الإنتخابات مثلا أو اذا تراجع مستوى تأثيرها داخل المجتمع. ولا نرى – إلا نادرا جدا- زعيم يستفرد بالتنظيم ويطيح بمعارضيه (أو يتواطأ للزج بهم في السجون)
أو كما نلاحظ في بعض البلدان المتخلفة انقسام التنظيمات السياسية والنقابية حسب أهواء الزعماء والمصالح الذاتية المادية والأنانية وعلى حساب المصلحة العليا.
في مناسبة قادمة سنتناول الوضع المغربي وطبيعة بعض القادة/الزعماء السياسيين والنقابيين والجمعويين، التاريخيين والحاليين