دع عنك بشاعة الاشاعة ’’أيها المهرج’’ اذا تكلمت الصورة البلاغة:
مرثية نثرية لعيون البنية المنسية
عبد العزيز المنتصر/اسبانيا
قراءة في الصورة
ربيعية العمر الضحية، روضوا الهوجاء و الإبادة حواليك منذ الولادة، فقوضوا فيك الدعامة، هشموا قوس قزح في الأمنية، و لو صافية فيك الطوية هشة رهافة الإبتسامة، على محياك كتقاسيم عود شجية.
مهجتي الصبية، صغيرتي الأبية، بعيدا بعيدا، في غياهب الظلمات الشقية.
يا أميرة البراءة حقا، و ليس كإمارات الضباب و السراب، و رهط الكلاب من الأنظمة الغبية، و ليس كإمارات الحقارة و الدعارة، والتجارة بالعرض المنهارة.
دعي عنك ألاعيبهم التقتيلية، و أكاذيبهم التجهيلية، سيقولون عنك: مهاجرة،و لن يقولوا مهجورة ومهجرة، كما لن يقولوا أبدا مسبية، أومنفية، فما تبقي في جعبتهم الا الزيف و التحريف و التخريف، لأنهم و لو لذرة، و لو لمرة في مرارة النعت الحصيف، إذا إعترفوا و قالوا: مسبية، أو منفية، فسيدينون أنفسهم بالتسمية.
آه يا برعمة الأقحوان، آه من الحرمان في صباك الريعان، و قد أضحى الريعان في عمرك مقتا لطغيان السجان، فتبا، و الخسران للجبان، الذي يقتلع العنفوان في شقائق النعمان.
وها أنت يا تفتق الزهر، ها أنت في مقتبل العمر، ها أنت منذ الصعر و هانحن جلنا في القهر، و من منا في
الأسر، في قفص ولي الأمر، و من منا في القبر، و من منا غريق، أضحى جيفة لطعام أسماك البحر، ها أنت و ها نحن أمام خيارات الشر، خيارات أحلاهم “مرارة الصحراء ” علقم، كحنظل مر، ها نحن جميعا بين بطش السلاطين، و بين طائلة تسلط بزات الغش من العساكر الإنقلابيين، و إذاغابت قتامة المأجورين هؤلاء فلا سلامة لنا من فاشية، وسادية أسيادهم المستعمرين، وجحيم قيامة بيادق المحتلين: من زمرة لحي الشياطين، الرابضة خلف أحابيل الدين والسابقون و اللاحقون منهم أجمعين: سواء عتاة الطغاة، أو الغزاة، أوحثالات الملتحين، جلهم أوكلهم لامحيد لهم من قرع الكؤوس، و قطع الرؤوس، و الفمع والمنع اللعين، وضروب الحروب، و تقديم القرابين، بالرتع في لحمنا و دمنا، على منوال مشين، ببشاعة و وضاعة في النجاعة، و بوقاحة سفاحة في الإستباحة.
وهناك على الحدود، في براثن الأمل المفقود، أينما ينعدم للمنبوذ أبخس إعتراف بالوجود، هناك و الدنيا في غروب، هناك يقع مخيمك المرعوب، فأي ملاذ هذا يا ويحي، إلى أين النفس المهيضة، مكسورة الجناح تؤوب، في مخيمك المنكوب.
مئات المخيمات في وحشة نكبة بجوار مكب للنفايات، فأين السلامة، و النفوس الميؤوس من حالها في مرتع الحشرات، فما عاد بنو البشرمن الكائنات هناك إلا قمامة، و رغم الآهات و الاكراهات ها هو محيا الصبية، رغم مقاساة المشقات، حبيس الابتسامة، بشاشة آسرة في لحظة عابرة، بعد سحيق إنتظار، ابتهاجا برجلين إصطناعيتين، على غرار إمداد، رغم شح الإسناد ، من أطباء لفريق إنجاد.
وعلى أعتاب خيمة الشتات و الضياع و الموت رقم لخيمة هيئة لتقتير الغوث، على الأعتاب، في مدخل شبه باب مستعار ركام للأحجار، بل صخور تجثم على القلب، في رحب خلاء بيداء للنحب، فما عاد المبعدون في الزخام،والآلام إلا مجرد أرقام، في فرائس السرب.
والبنية في نوازل مزرية، و الأوبئة تتدحرج من حولها معدية، في صحار ليأس الإنتظار، و الأحوال أهوال في فضاء حافي وعاري، في عيشة لوحشة الرعسة، و قشعريرة الزمهرير في دم لقلب، يا ليته من نار، في سنة للرعد و البرق والثلج، في عراء البيداء، أنظر إليها على باب من ستار، يا ليته كان من حرير أو ريش، كي يلبي أحلام الطفولة المنكوبة، و لأنه ليس إلا من مرمم الخيش، و رتق للفتق، و ترقيع شنيع، خردة من المهجور منذ مدة، وكلما إستسهل في تأثيث شبه بيت مهلهل، كل ما فيه من بقايا للنفاية قد ترهل، فعن ماذا ايها المهرج، في التشفي و النكاية تسأل.
وكأن ما حل منذ عقد و نيف على هذه المتاريس، و في هذه التضاريس كان قليل، و كأن الحالة في الرذالة ماقل لها مثيل، و كأن الإنسان ما عاد هناك ذليل، فها هي الصبية المنيسة من جثوم للقتال منذ سنين إلى حلول للزلزال، من حرب القصف والتفجير الى رعشة أرض شاملة للتدمير، لتغير على ما تبقى فيها من نفس أخير، وعيش عسير، و في أوج الكآبة و نخز الضمير، في ذروة التعبير المرير سيخطر لكل نحرير، ذي قلب بصير، يمقت مقاساة اللاجئء، ومعاناة الفقير، سيصرخ في دواخل نفسه:
لست أدري بعد هذا الزلزال، شديد الأهوال، هل الصبية المنفية الآن جثة هامدة، أم ترزق حية، و مازالت تعاني من أذى أسياد الدنيا الكثير، أشرف منهم الحمير، ما زالت على قيد الحياة تكابد بعمرها الصغير، تآمرات عالمهم الشرير.
’