الوضع الاجتماعي على فوهة بركان:
دور القوى اليسارية.
بقلم الاستاذ عبد السلام المجلاوي
صار معتادا ان نصرح في كل مرحلة ان الاوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية وصلت حدا غير مسبوق من التردي والتدهور.
وها نحن نكرر نفس القول وذلك بكل موضوعية وبدون اي حرج وذلك لأسباب متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر:
- اقتصاديا: يسجل الجميع ان الثروات تتجمع اكثر بين ايدي اقلية صغيرة جدا (لا تتعدى %1 او 2%) من العائلات الثرية المستفيدة منذ بداية الاستقلال النسبي في الخمسينات، من تفويت الاراضي و المؤسسات الاقتصادية الاستراتيجية واستغلال الموارد البحرية و الطبيعية بكل انواعها.
- وكل ذلك تحت رعاية وحماية السلطة الحاكمة التي عملت وتعمل على توسيع قاعدتها الطبقية، وكذلك خدمة للمصالح الخارجية الضاغطة عسكريا و ديبلوماسيا واقتصاديا في نفس الان.
- ورغم الهرج والثرثرة الاعلامية حول تعدد وتعاقب النماذج الاقتصادية الفارغة من اي رغبة حقيقية للتخلص من مخالب الدوائر النيوليبرالية التي وصلت الباب المسدود خاصة مع فشل النظام العالمي الرأسمالي المتوحش على مواجهة نتائج جائحة كورونا و اشكالية البيئة وحقوق الإنسان في العالم.
على المستوى الاجتماعي نلاحظ وصول “الضربة في العظم” لدى كل الطبقات الفقيرة والمتوسطة، دون الحديث عن العاطلين والمعطلين والمهمشين.
لم يعد الخطاب الديماغوجي الرسمي عبر العقود، يؤثر في تخفيف الشعور بالحكرة و التهميش و الغضب المتزايد، رغم استقطاب بعض القيادات النقابية والجمعوية والسياسية التي اضحت بوقا لتبرير السياسات الفاشلة وتعمل على تحقير العمل النضالي الاجتماعي والحقوقي وتشجيع الخنوع والخوف و التشاؤم.
دور قوى التغيير؟
وهنا مربط الفرس. اين تلك القوى التي كانت تزعزع اركان النظام بمجرد اخراج بيان سياسي او نقابي، بمجرد عقد ندوة صحفية او مؤتمر او غيرها من التظاهرات التي كانت تعمل على تغيير موازين القوى لصالح الشعب الكادح وحلفاؤه.
كان النظام السياسي رغم جبروته ورغم ظروف القمع، يعمل الحساب للمناضلين داخل وخارج السجون. وقد اضطر الى بعض التنازلات الحقوقية كي يضمن نوعا من الاستقرار، او بالأحرى حتى ينظم نفسه اكثر ويتقوى اعلاميا ومخابراتيا الخ
ولضيق الوقت لتناول اسباب التراجع النضالي رغم مرور المغرب بظروف 20فبراير المجهضة، سأتطرق لعنصر سياسي جديد في المغرب، لم نعرف مثله سابقا، الا وهو توحيد الجزء الاكبر من اليسار الديموقراطي في شخص “فيدرالية اليسار” التي ستعقد مؤتمرها في ذكرى اغتيال شهيد الطبقة العاملة واليسار العربي: عمر بنجلون بأيادي مرتزقة تحت غطاء ديني وبتغطية لوجستية من عدة اطراف لم يفصح عنها قط.
اندماج حزب الطليعة، وحزب المؤتمرالوطني الاتحادي واطراف يسارية متنوعة الاصول، سيمثل اعلان تاريخ جديد، وتجربة نوعية بدون اي شك. لماذا؟
لان التجارب الوحدوية السابقة كانت جلها غير متكافئة الفصائل تنظيميا و عدديا و نظريا.
لان تجارب الستينيات كانت مبنية على المصالح القريبة المدى (السياسية طبعا) و لم يكن هناك اي انسجام اديولوجي وطبقي، وسهل على الحكم انذاك تشتيتها بسرعة ليذهب كل في اتجاه مختلف.
اما التجربة الحالية، ورغم كل الانتقادات التي تواجهها داخليا من بعض المناضلين خوفا من المصير الذي عرفته التجارب السابقة، وخوفا من اعادة تجارب التوافقات الفوقية او الانحراف عن الخط الذي تعتبره كل جهة ان خطها هو الصحيح، فانها في اعتقادي لن تعطي حزبا واطارا سياسيا دون مستوى ما هو موجود حاليا.
الجميع يقر بصمود قواعد تلك التنظيمات السياسية رغم القمع المسلط عليهم منذ عقود، والكل يعي ان الشعب المغربي محتاج الى توحيد قواه الحية وخاصة اليسارية منها ليعيد الثقة في العمل النضالي وتغيير اوضاعها.
رغم اقتصار التجربة الحالية على 4 او 5 مكونات فقط، ورغم ان اعضاء حزب النهج وماتبقى من حزب البرلمانية نبيلة منيب التي نزلت من قطار الوحدة في اخر لحظة لأسباب تعرفها لوحدها، رغم كل ذلك فاندماج اليسار في هذه المحطة لتساهم في تغيير موازين القوى، خاصة إذا استرجع الحزب الجديد دينامية ميدانية وجماهيرية وفكرية مدعمة بوحدة داخلية جريئة وواعية رغم صعوبات البناء والتطور. لأن التحديات اكبر وانبل من انانية الاشخاص الذين سيقودون هذا المولود الحديد الكي نتمنى له التوفيق حتى يشجع باقي الاطراف الالتحاق بقافلة الوحدة للخروج بالبلد من ازمته البنيوية.