الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

رحيل سيون أسيدون… صوتٌ يهودي مغربي ظل يهتف للعدالة وفلسطين

 

 

 

ف ز – الفينيق ميديا

 

 

في صباح الجمعة السابع من نوفمبر 2025، أسدل الستار على فصلٍ مضيء من فصول النضال المغربي برحيل المناضل والحقوقي سيون أسيدون، أحد أبرز الوجوه التي جمعت بين الانتماء اليهودي المغربي والالتزام الصادق بقضايا الحرية والعدالة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

 

غاب أسيدون عن عمر ناهز الثامنة والسبعين، بعد إصابة خطيرة تعرض لها في منزله بمدينة المحمدية دخل على إثرها في غيبوبة دامت لأشهر. ومع إعلان خبر وفاته، عمّ الحزن أوساط المثقفين والحقوقيين داخل المغرب وخارجه، لما يمثله الرجل من رمز نادر يجسد قيم التعدد المغربي، والنزاهة الفكرية، والالتزام الإنساني.

 

وُلد سيون أسيدون سنة 1948 لعائلة يهودية مغربية من أصول أمازيغية، في زمن كان فيه المغرب ما يزال يعيش نشوة الاستقلال وتطلعات بناء الدولة الحديثة.

 

منذ شبابه المبكر، انخرط في صفوف اليسار المغربي متأثراً بأفكار العدالة الاجتماعية وحرية الشعوب، وهو ما قاده إلى الصدام مع النظام السياسي في سبعينيات القرن الماضي.

 

سُجن لسنوات في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ضمن ما عُرف بـ”سنوات الرصاص”، لكنه خرج من المعتقل أكثر إيماناً بأن الحرية لا تتجزأ، وأن الدفاع عن المظلومين مبدأ لا يُساوَم عليه.

 

 

كان سيون أسيدون من الأصوات النادرة التي كسرت الصورة النمطية حول اليهود في العالم العربي، إذ ظل حتى آخر أيامه من أشد المناهضين للصهيونية، ومن المدافعين الصادقين عن الحق الفلسطيني.

 

شارك في تأسيس فرع حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) في المغرب، وقاد حملات توعوية لمناهضة التطبيع، مؤكداً أن “الانتماء الإنساني أوسع من كل الهويات الضيقة، وأن العدالة لا دين لها”.

 

وبينما اختار كثيرون الصمت، ظل أسيدون جريئ في مواقفه، مخلص لمبادئه، و متحدث باسم الضمير المغربي الحر في وجه موجات التزييف والتطبيع.

 

 

لم يكن أسيدون ناشط سياسي فحسب، بل كان مفكّر حر ومثقف نقدي، ألقى محاضرات وشارك في ندوات تناولت قضايا الذاكرة المغربية المشتركة، والهوية، وحقوق الإنسان.

 

تميّز بخطابه الهادئ والعميق، الذي يجمع بين الحكمة والنزاهة الأخلاقية، وحرص على إبراز الوجه المتسامح لليهودية المغربية الأصيلة، في انسجام تام مع روح الإسلام المغربي المنفتح.

 

 

برحيل سيون أسيدون، يفقد المغرب أحد رموزه الأخلاقية النادرة، ويودّع جيلاً من المناضلين الذين عاشوا للحقّ لا للمنصب، وجعلوا من القلم والموقف سلاحاً في وجه الظلم.

 

لكن إرثه سيبقى حيّاً في الذاكرة الجماعية، رمزاً للشجاعة الفكرية، والتعايش الحقيقي، والتزام الإنسان بقضايا الإنسان.

 

سلامٌ على روحه التي ما بدّلت قناعتها،
وسلامٌ على من جعل من العدالة ديناً، ومن الكرامة وطناً.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!