الاعتراف بالخطأ فضيلة والكذب رذيلة
البدالي صافي الدين
رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام جهة مراكش الجنوب
تتداول وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام ما أقدم عليه البرلماني السابق رشيد الفايق، عن دائرة فاس و الرئيس السابق لجماعة أولاد الطيب، و الذي يقضي عقوبة حبسية لمدة 8 سنوات بتهمة الفساد، و هو من حزب التجمع الوطني للأحرار أي حزب أخنوش، ما أقدم عليه من تفجير فضيحة قيل عنها من العيار الثقيل، فضيحة تتجلى في وضع شكاية رسمية لدى رئاسة النيابة العامة، كشف فيها عن تورط مسؤول كبير بولاية فاس في تلقي رشاوى بملايين الدراهم خلال الانتخابات التشريعية 2021.
وبحسب مصادر متطابقة، فقد أورد الفايق في شكايته أنه« دفع بمعية قيادي في حزب سياسي معروف، ما مجموعه ثمانية ملايين درهم موزعة بين ثلاثة مرشحين، مقابل تسهيل فوزهم وصعودهم إلى صدارة المشهد الانتخابي حيث تم تخصيص أربعة ملايين درهم للمرشح الأول، ومليونين للثاني، ومثلهما للثالث، وهي مبالغ قُدمت مقابل تدخلات نافذة من داخل الولاية». هو اعتراف بخطأ والاعتراف بالخطأ فضيلة و الذين تستروا عن الخطيئة ارتكبوا جريمة في حق الوطن و المواطنين .
لكن تبقى هناك أسئلة السؤال الجوهرية مطروحة : لماذا يخرج الفايق في هذا الظرف عن صمته ؟ و ما هي الدوافع لاتخاذه هذا القرار ؟ هل هو رد فعل ضد حزبه وحكومته التي تركته يقضي عقوبته دون إنقاذ ؟ أم هناك خطة ما قبل الانتخابات المقبلة لرسم الخريطة السياسية، خاصة و أن الأمر يتعلق بسياسيين حزبيين و بمسؤولين نافذين ؟ ،ثم لماذا تم حفظ الشكاية التي تقدم بها المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية العام لدى النيابة العامة بفاس بناء على ما تداولته الأوساط السياسية والإعلامية من شبهات تزوير الانتخابات الانتخابات التشريعية بفاس 2021؟ . إنها أسئلة محيرة.
نحن الآن أمام اعترافات رسمية و موثقة تشهد بتزوير الانتخابات التشريعية 2021، و نحن أمام صدق الجمعية المغربية لحماية المال العام لما رفعت شكاية للنيابة العامة من أجل البحث و التحري في شأن عملية انتخابية شابتها عوامل التزوير، مما يعتبر خرقا لمبدأ تخليق الحياة العامة و للدستور و التي تم حفظها ، و لماذا هذا الحفظ؟
إنها أسئلة محيرة بالفعل لكنها تحيلنا على أجوبة موضوعية منها :
أولا : إن خروج الفايق عن صمته ليكشف عن تفاصيل عملية غش كبرى في انتخابات 2021 أبطالها حزبيون ومسؤول كبير ، أمام صمت وزارة الداخلية عن جريمة انتخابية ببلاد فاس و أيضا حفظ النيابة العامة شكاية الجمعية المغربية لحماية المال العام في النازلة، يتبين من ذلك بأن هناك تواطؤ على الشعب المغربي، الذي في كل عملية انتخابية يصاب بالإحباط الديمقراطي، و يجني مصائب الفساد الانتخابي الذي يفرز مؤسسات تحمل فيروس الخبث السياسي، من برلمان “المصالح الشخصية” و حكومة “تضارب المصالح واستغلال النفوذ وحماية الفساد والمفسدين” . إذن خروج الفايق عن صمته في هذا الظرف يهدف إلى خلط الأوراق المتساقطة لأحزاب الأغلبية الحاكمة و يجعل السياسيين المعنيين و وزارة الداخلية و القضاء في ورطة ستكون لها تبعاتها الانتخابية في انتخابات 2026 ، وهي ورطة أزاحت الغطاء عن عدم شرعية المؤسسات التي أفرزتها انتخابات 2021 و تبين بأن حكومة الأغلبية تحمل في طياتها أمراض الغش و التزوير و الإثراء غير المشروع و تضارب المصالح.
ثانيا : إن تناسل الفضائح التي شابت التدبير الحكومي للشأن العام هذه الأيام ، من استغلال النفوذ و التهرب الضريبي و تضارب المصالح و الإثراء غير المشروع، أصلها توغل الفساد منذ الانتخابات التشريعية في جسم الدولة وهو الأمر الذي حذرت منه الجمعية المغربية لحماية المال العام في شكايتها عن التزوير الأنتخابي و رسائلها للمسؤولين في الداخلية وفي القضاء عن شيوع مظاهر الفساد في المؤسسات التشريعية و في الإدارات العمومية و الجماعات المحلية.