الحزب اليميني المتطرف” فوكس” و متاهات الرموز
رضوان الأحمدي/اسبانيا
الهدف من خطابات اليمين المتطرف كصناعة ومنتوج، أن يخلق حالة من هلع بتضخيم سلبيات الأحداث التي يريد إستغلالها لتقوية مواقعه، و في نفس الوقت يقوم بمحاولة طمس هوية الخصم و إنسانيته حتى يتم قتله رمزيا بدون إحساس بالذنب,la invisibilización y la marcianización(los marcianos )).يخلق إيقونة عن طريق البهرجة الإستعراضية لغياب مضمون متماسك يؤسس للبديل. صورة سردية يحشو فيها كل السلبيات. العاملين على ترويج تلك الصورة يجتهدون في إسقاط عليها كل ما يرفضون من أنفسهم، فتتحول الأقلية المستهدفة دون أن تدري إلى حكاية رعب يخوفون بها الأطفال و الكبار و هكذا يتم إستقطاب المتذبذبين عن طريق عدوة الوجدان.
و لهذا كم من محلل تساءل لماذا حزب اليمين المتطرف له تغلغل في ثنايا كل الشرائح رغم المستوى التعليمي العالي لبعض الأشخاص المتعاطفين معه و رغم سطحية برامجه و ضبابية اقتراحاته تجلبهم؟
أظن و بعد إستجلاء للعوامل المؤسسة لظاهريته أن الحزب اليميني قوته في سيمفونيته، يعتبر نفسه عازف ماهر يتحكم في الأوتار، في الأسواق يردد الإيقاع و عند الصخب يعلو صوته عدوانا و هو في عز هلوسته البلاغية ينتفخ كبرياء، مهارته تتجلى في أنه لا يراهن مصيريا على شيء ما عدا الأساليب التحريضية التي يتوسلها، ليست له قاعدة ثابتة يخشى أن يفقدها، له هامش الحركة و العصيان اللفظي، لأن اللقيط لا تهمه سمعته و لا شجرة نسبه، فيتمادى في إسفافه.
هناك سؤال يطرح نفسه بإلحاح؛ لماذا نرى حالات في بعض الأقليات، ان البعض الذين كانوا في مرحلة من حياتهم مهاجرين و أصبحوا اليوم حديثي عهد بالجنسية، يصوتون على أحزاب يمينية متطرفة ؟
جردا ،يمكن القول أن هناك صنفان و عوامل نفسية – إجتماعية تحثهم على ذلك. الصنف الأول بإعتباره الضحيةالمباشرة لأحداث لم يعد يتحكم في إيقاعها، بعضهم يعيشون في أحياء مهمشة، الوافدين الجدد، اذا وقع النزوح، الوافدون الجانحون منهم يرتكبون الجرائم الصغيرة في أحيائهم، فتتوتر النوايا و الإ ستهداف و لغياب تواصل فعلي بين المؤسسات سواء التعليمية او غيرها، نظرا لإنعدام جو حوار الأطراف المعنية الذي يطبع المنطقة و خصوصا اذا كان ذلك الحيز التعايشي بما يسمى في الإصطلاح الأمني منطقة الصفر zona cero، إشارة لغياب الأمن، يزيد هذا من تدهور مستوى تعليم أولادهم، مما يزيد هم الشعور بأن فلذات أكبادهم سينسخون نفس مصير هم وسيعيدون انتاج نفس الهشاشة و نفس الأدوار، ثنائية المهيمن و المهيمن عليه، و هذا يشحنهم بغضا و إستنكارا لمآل الأشياء .
أما الصنف الثاني فيصوت للأحزاب اليمينية المتطرفة واقول على من يتعاطف مع تلك الأحزاب، لهم من الوعي درجات لا بأس بها، إستطاعوا ان يرتقوا مهنيا و انصهروا تماثلا Representación mental , حتى لا يعيشون إزدواجية تؤرق هويتهم المكتسبة، فتراهم يبغضون كل ما يذكرهم بأصلهم، يكنون عداء لأبناء جلدتهم و يتملصون من مخاطبتهم، وهذا ما يسمى في الطب النفسي العيادي، بحداد المهاجر El duelo emigrante.. يصوتون على أحزاب اليمين المتطرف و كأنهم يتقاسمون سواسية نفس العدو و نفس التثبيت الهوسي La fijación obsesiva لأشياء لا يهمهم معرفة قواعد تكوينها كل ما يطمحون إليه ان يكون العالم على مقاسهم …