المغرب: إرهاب الفساد و إرهاب داعش
البدالي صافي الدين/المغرب
يعتبر تنظيم ” داعش” (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) مصدر إرهاب حقيقي و مباشر و هو تنظيم يصيب المجتمع في أمنه واستقراره و في وحدة كيانه من أجل بسط سيطرته على الدولة في إطار سياسته التي لا تخدم إلا مصالح وأهداف الصهيونية والامبريالية العالمية. و ما تعرض له المغرب من تفجيرات إرهابية هزت الدار البيضاء في 16 ماي سنة 2003، وهي التفجيرات، بواسطة أحزمة ناسفة، كانت مؤلمة و مبللة بالدموع والدماء، ثم جاء الهجوم الإرهابي على مقهى أركانة السياحي في مدينة مراكش بتاريخ 28 أبريل 2011 ظهرا، مخلفا 17 قتيلا و20 جريحا من مختلف الجنسيات.
ظل المغرب مستهدفا من طرف التنظيمات الإرهابية حتى جاء تنظيم داعش الذي ظل يستهدف المغرب من خلال شبابه لتنفيذ عمليات لها أبعاد استراتيجية مدمرة للدولة المغربية على غرار العراق وسوريا وبعض دول الساحل بإفريقيا. لقد وجدضالته الى جانب التنظيمات الإرهابية الأخرى في شباب تخرج من المدارس العمومية بدون سلاح مقاومة التضليل و بدون ثقافة علمية مساعدة على تحدي التطرف و الاستلاب الأعمى. لقد وجد هذا التنظيم الأرضية المناسبة، و هي أرضية طغيان الفساد بكل أشكاله و أنواعه، السياسية و الإدارية و الاجتماعية و الأخلاقية و والثقافية، وهي الأرضية التي لا تنبت إلا شبابا مؤهلا نفسيا واجتماعيا للسقوط في أحضان التطرف الديني و في شراك العصابات الإجرامية، فالفساد المتوغل في كل مؤسسات الدولة التشريعية و التنفيذية و القضائية هو إرهاب أصاب المجتمع المغربي في مستقبله و في حريته و في تقدمه.
لقد التقى الإرهاب الداعشي و إرهاب الفساد في هدف تدمير المجتمع المغربي و ترهيبه، خدمة للصهيونية و الامبريالية العالمية. و من هنا يتبين غياب الدور الريادي الذي كان على قطاع التعليم أن يقوم به في جميع أسلاكه و مستوياته، من الأولي إلى التعليم العالي من حيث التكوين و التأطير و التحصين و التوجيه و البحث العلمي والتأهيل الصحيح للانخراط في الحياة العامة دون تمييز ولا محسوبية و لا زبونية، و هو المناخ التعليمي التربوي الذي يحتاج له شبابنا حتى لا يظل مستهدفا من طرف التنظيمات الإرهابية. وهناك أيضا دور المجتمع المدني الذي هو من روافد التربية و التكوين و التأطير و حماية الشباب من السقوط في الهاوية. هذا المجتمع المدني الذي يحارب الفساد ويتصدى إلى مظاهره و يعمل على مواجهة التخلف و الأمية الفكرية و السياسية من خلال الانخراط في تأطير المجتمع وتوعيته بدوره في حماية وطنه و الإعلان عن التصدي لكل أشكال الإرهاب التي أصلها الفساد أو التطرف الديني.
جدير بالذكر أنه عندما يظهر وزير العدل في شطحاته البهلوانية و هو يلوح بقوانين لتقييد أنشطة جمعيات المجتمع المدني من التصدي للفساد و لمظاهره و المساهمة في الرقابة الشعبية في تدبير الشأن العام الوطني و المحلي يكون بذلك يتموقع في نفس صف أباطرة الفساد و التنظيمات الإرهابية، لأن أي مجتمع مدني يتم تقييده بنصوص مجحفة في حقه، ضدا على دستور البلاد وعلى المواثيق الدولية للحقوق المدنية والسياسية والثقافية، سينتج عنه انفجار مجتمعي و انحرافات اجتماعية تقوده الى التطرف و التعصب و يكون لقمة صائغة في موجة التطرف و الارهاب.