الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

العنف والسياسة بين الشرعية الأخلاقية والضرورة التاريخية

قراءة في جدل “آلن باديو” و “ميشال أونفري” وانعكاساته على الواقع العربي

 

 

بقلم: ذ. محمد السميري

 

 

الملخص

يتناول هذا المقال مسألة العنف السياسي من خلال قراءة حوار آلن باديو وميشال أونفري )ماريان، 13–19 أكتوبر( 2017،مع توضيح الفروق بين مواقفهما حول مشروعية العنف كوسيلة للتغيير. يركّز المقال على ضعف التمييز بين اليمين واليسار في الأنظمة الحديثة، ما يؤدي إلى فقدان الثقة بين المواطنين وممثليهم، ويحلّل انعكاسات هذه الظاهرة على الواقع السياسي العربي. كما يستعرض المقال التجارب التاريخية والدروس المستخلصة، مع توضيح العلاقة بين العنف والدولة والمجتمع.

 

مقدمة

يُعدّ سؤال العنف من أكثر الأسئلة إشكالية في الفكر السياسي المعاصر، لأنه يتجاوز البعد الأخلاقي إلى البعد التاريخي والأنثروبولوجي¹. فالعنف لا يُنظر إليه فقط كفعل عدواني، بل كظاهرة سياسية وإنسانية ترافق مسار تطور المجتمعات. وقد أثار الجدل بين الفيلسوفين الفرنسيين آلن باديو وميشال أونفري نقاشاً عميقاً حول مشروعية العنف كوسيلة للتغيير، وحدود استعماله في السياسة.

 

  • أولاً: الأزمة السياسية وأزمة الثقة في الأنظمة الحديثة

 

باديو يرى أن الأزمة الحالية ليست مجرد مشكلة في ممارسة السياسة، بل أزمة النظام البرلماني الليبرالي الذي فقد قدرته على تمثيل المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية. الأحزاب التقليدية، سواء كانت يمينية أو يسارية، صارت تقريبًا تمارس نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ما أدى إلى فقدان الفرق الحقيقي بين اليمين واليسار. أونفري يرى أن هناك شغفًا سياسيًا متجددًا عند المواطنين، لكنه يفضل الحلول السلمية والإبداعية، مثل المبادرات المحلية والمشاريع المجتمعية.

 

  • ثانياً: العنف بين الضرورة والرفض

 

باديو يعتبر أن العنف السياسي قد يكون ضروريًا حين تُغلق جميع القنوات السلمية للتغيير. أونفري يرى أن العنف يحمل مخاطر كبيرة، لأنه غالبًا ما يتحول إلى منطق دائم يهدد العدالة والحرية ويولد أنظمة أكثر قمعًا.

 

  • ثالثاً: الفرق بين الأزمة السياسية وأزمة النظام السياسي

 

الأزمة السياسية: مشاكل داخل الدولة، كاختلال العلاقات بين الحكومة والأحزاب والبرلمان، دون أن تُفقد الدولة شرعيتها. أزمة النظام السياسي: فقدان الدولة لأسسها وشرعيتها، حيث يصبح العنف الوسيلة الوحيدة للتعبير. في العالم العربي، كثير من الدول تعاني أزمات سياسية متكررة، لكن بعضها مثل تونس قبل 2011 شهد تحول الأزمة إلى أزمة نظام.

 

  • رابعاً: العنف في التجربة التاريخية

 

تاريخيًا، العنف السياسي سلاح ذو حدين: الثورة الفرنسية 1789، الثورة الروسية 1917، الهند بعد غاندي. العنف ضروري للهدم لكنه نادرًا كافي للبناء.

 

  • خامساً: العنف في الواقع العربي

 

في المنطقة العربية، العنف يظهر عندما تفشل المؤسسات السياسية. مثال: الثورة التونسية بعد حادثة البوعزيزي. دول أخرى واجهت المطالب الاجتماعية بالعنف، مما يعمق شعور المواطنين بالعجز. العنف الشعبي أداة ضغط لتحفيز الدولة على الإصلاح، لكنه يصبح سلبيًا إذا خرج عن السيطرة.

 

خاتمة

 

الجدل بين باديو وأونفري يوضح أن العنف ليس مسألة أخلاقية فقط، بل سياسي وتاريخي. بناء دولة عادلة لا يتم عبر العنف، بل عبر العدالة الاجتماعية والمشاركة الفعلية.

 

المراجع:

* • مجلة ماريان. 13–19) أكتوبر (2017. لقاء: ميشال أونفري ضد آلن باديو.

¹ المقصود بتجاوز سؤال العنف “البعد الأخلاقي إلى البعد التاريخي والأنثروبولوجي” هو أن دراسة العنف لا تقتصر على الحكم عليه من حيث الخير أو الشر، بل تتعدى ذلك لفهمه كظاهرة بشرية مركبة. فالبعد الأخلاقي ينظر إلى العنف من زاوية القيم والعدالة، والبعد التاريخي يدرسه كأداة تغيير في الثورات والتحررات، أما البعد الأنثروبولوجي فيراه جزءاً من طبيعة الإنسان ومن وسائله القديمة في الدفاع والبقاء.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!