التخلف المتقدم للدولة المغربية
البدالي صافي الدين/المغرب
لن نبالغ إذا قلنا بأن الدولة المغربية في وضعية تخلف متقدم. لا نريد أن نقسو عليها بذلك، و لكن إشفاقا عليها، لأننا لا نريد لها أن تنجرف تربتها بفعل التخلف المتقدم الذي يصيبها بفعل طوفان الجهل و الأمية و الفوضى على جميع المستويات، بفعل تهور حكومتها، التي اتخذت من التضليل و من التفاهة و الميوعة السياسية سبلا لها حتى تفعل ما تريد.
إنه بعد أن هدأت مزامير موازين كمظاهر يتم إقحامها كل سنة، تعسفا في الجسم الثقافي لبلادنا و في أنشطته الفنية. سقطت الأقنعة عن وجوه أعضاء حكوميين، تجلت في استغلال النفوذ و في تضارب المصالح و الإثراء غير المشروع، من مراكش حيث عمدتها استغلت موقعها كعمدة للمدينة و كوزيرة للسكنى في حكومة أخنوش لتضم أرضا سقوية لها إلى المدار الحضري لمراكش، رغم الاعتراضات على هذا القرار من طرف مسؤولين في القطاع الفلاحي. و راكمت من خلال هذه العملية 46 مليار سنتيم لارتفاع ثمن الأرض بعد هذا القرار. ثم تظهر فضيحة أخرى لوزير العدل وهبي فيما أصبح متداولا لدى الجميع عن اقتناء أرض لبناء فيلا و مدى قانونية التصريح بقيمة الاقتناء والتفويت، ذلك بأن المعطيات تشير إلى أن وهبي صرّح بسعر لا يتعدى 100 مليون سنتيم، بينما القيمة الحقيقية للعقار تناهز مليارًا و مائة مليون سنتيم.
هذا الفارق الكبير في التصريح اعتبره كثيرون تهربًا ضريبيًا صارخًا، جعل خزينة الدولة تفقد ما يزيد على 55 مليون سنتيم من الضرائب والرسوم المتعلقة بالتسجيل والتحفيظ.
إن ما قامت به الوزيرة و في نفس الوقت عمدة مدينة سياحية وتاريخية (مراكش) و ما أقدم عليه وزير العدل، وهما معا من حزب واحد في حكومة أخنوش، حزب الجرار، إن ما اقدم عليه الوزيران، يتنافى و تخليق الحياة العامة التي مأسسها دستور 2011، و تظل الحكومة مسؤولة على إعمالها و التقيد بها. و من هنا يتأكد للجميع أهمية تشبت وزير العدل بسحب مشروع قانون تجريم الإثراء غير المشروع ثم تشبثه بتمرير قانون المسطرة الجنائية بسرعة فائقة. أمن أجل هذا يا وزراء حكومة الكفاءات تحللون الإثراء غير المشروع لأنفسكم؟ ومن أجل هذا جئتم بقانون المسطرة الجنائية؟ إنه لم تنفعكم جعجعة موازين للتضليل و اخفاء غدركم للأمة . إنه ليس بهذا تتقدم البلاد بل هي سائرة في تأخر مركب تشهد عليه كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. إننا أمام حكومة تضارب المصالح واستغلال النفوذ و الإثراء غير المشروع و رعاية الفساد و المفسدين. إننا أيها الناس أمام حكومة نشطت فيها حركة تجارة المخدرات القوية و الرشوة و الجريمة و و الإثراء غير المشروع و اقتصاد الريع و التهرب الضريبي ، و أمام غياب عدالة اجتماعية و مجالية. لا حكامة و لا تخليق الحياة العامة ، لقد أصبحنا نعيش زمن انهارت فيه القيم الإنسانية و السياسية و الاخلاقية ، إنها مظاهر لا تؤدي إلا إلى التخلف المتقدم