الحصيلة الاقتصادية والمالية وأثرها على دينامية الإستثمار والتشغيل ببلادنا”
لحسن النازهي: عن مجموعة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين
في مداخلة مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل داخل مجلس المستشارين خلال الجلسة الشهرية لتقديم أجوبة السيد رئيس الحكومة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة يوم الثلاثاء 15 يوليوز 2024، أكدت المجموعة الكونفدرالية أنها لا تقيس نجاح السياسات الاقتصادية فقط بالأرقام المسجلة على مستوى الماكرو-اقتصاد، بل تقرؤها من زاوية أثرها المباشر على حياة المواطنات والمواطنين، وعلى تحسين أوضاع الشغل، والحد من الهشاشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. فرغم ما قدمته الحكومة من مؤشرات متفائلة حول نسب النمو، فإنها تسجل أن هذا النمو لم يكن مدعوماً بإصلاح هيكلي حقيقي للمنظومة الاقتصادية، بل ظل رهيناً بعوامل ظرفية كتحسن الموسم الفلاحي وارتفاع تحويلات مغاربة العالم. كما ان هذا النمو، لم يُترجم على مستوى الواقع، إلى إنتاج ثروة قابلة للتوزيع بشكل عادل، ولا إلى خلق فرص شغل حقيقية وذات جودة، بل على العكس، عرفت سنة 2025 ارتفاعاً في عدد العاطلين خاصة في صفوف الشباب وحاملي الشهادات، حيث بلغ معدل البطالة 13.1% وطنياً، وأكثر من 19% في صفوف خريجي الجامعات. اما عن أزمة الاستثمار الخاص والعمومي، فتتساءل بمرارة: أين هو الأثر الملموس لـ"ميثاق الاستثمار الجديد" الذي تم الترويج له كرافعة حاسمة؟ الواقع أن الاستثمار الخاص ضعيف بشكل أقل من الإستثمارات الوطنية وانتهازي ينتظر الإستفادة من صفقات الإستثمارات العمومية وغير خالق لفرص شغل قارة. أما الاستثمار العمومي، فقد ظل موجهاً إلى مشاريع كبرى غير منتجة لمناصب الشغل، وغير عادل للتوزيع على المستوى الوطني ( احتجاجات المواطنين على الخصاص المهول في التجهيزات من طرق و مدارس و مستشفيات.) كما نبهت السيد رئيس الحكومة الى أن واقع التشغيل يُسائل الحكومة بشدة: - لا يزال أكثر من 80% من مناصب الشغل المحدثة غير مهيكلة؛ - لا يتم احترام الحد الأدنى من الأجور في قطاعات عديدة، خصوصاً الفلاحة والبناء والنسيج؛ - عقود العمل المؤقت والهش أصبحت هي القاعدة وليس الاستثناء؛ - ملف مربيات ومربي التعليم الأولي وحراس الامن الخاص امثلة حية على تشغيل بلا تغطية اجتماعية، ولا أجر كريم، ولا آفاق. - وحتى على مستوى الشغل المهيكل، فالإحصائيات تشير الى أن قرابة 55%من فرص الشغل المحدثة في سنة 2025 على الصعيد الوطني كانت غير مهيكلة, أي بدون تغطية اجتماعية ولاإستقرار مهني مما يطرح تساؤلات عميقة حول جودة التشغيل وجدوى البرامج الحكومية . لقد رصدت اعتمادات مهمة لصندوق دعم التشغيل، وبرامج مثل اوراش وفرصة لكن أثرها الميداني مازال محدودا لعدة اسباب منها: - غياب تقيم نزيه وشفاف لنتائجها وعدم ملاءمتها لخصوصيات الجهات وكذا ضعف التنسيق بين الفاعلين الترابين والمصالح الوزارية والقطاع الخاص. و أكدت للسيد رئيس الحكومة أنه رغم الخطاب الرسمي، فإن ما تشهده البلاد فعلياً هو: * استمرار الغلاء في المواد الأساسية؛ * إشكالية الفساد الذي يضيع على الاقتصاد الوطني ما يناهز 5 ./. من الناتج الداخلي * غياب المنافسة واستمرار الاحتكار (تقارير مجلس المنافسة) * المستوى المقلق للمديونية لذا لابد من: - مراجعة جذرية للسياسات الاستثمارية، تربط بين التمويل العمومي وخلق مناصب الشغل الحقيقية؛ - تفعيل الإصلاح الجبائي لمحاربة الريع والمضاربات وتوسيع الوعاء الضريبي بشكل عادل؛ - تحفيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بدل التركيز فقط على كبار الفاعلين؛ - احترام الاتفاقات الاجتماعية، وإطلاق حوار اجتماعي جاد يفضي إلى نتائج ملموسة؛ - وضع استراتيجية وطنية واضحة لتشغيل الشباب، خاصة حاملي الشهادات العليا. و في الأخير أكدت المجموعة أنها في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل نقدم البدائل الواقعية والممكنة. وتقول بصوت عال: الاستثمار لا يزدهر في ظل الغموض والتفاوت والبيروقراطية، والتشغيل لا يتحقق في ظل التعاقد الهش والإجهاز على الحقوق.