خطر حكومة أخنوش على مستقبل المغرب
البدالي صافي الدين/المغرب
في سياق التحول الذي يعرفه العالم على المستوى الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي وعلى مستوى التقدم الرقمي والتكنولوجي و البحث العلمي الاستراتيجي، سارعت مجموعة من الدول إلى البناء الديمقراطي و الأمني وإشراك الشعب في الاختيارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية وذلك عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة و محاربة الفساد واقتصاد الريع و الإثراء غير المشروع وضمان الأمن الغذائي عبر تطوير البحث العلمي في هذا المجال. و هي دول من أمريكا اللاتينية و أفريقيا و جنوب شرق آسيا، حيث بفضل هذه الإجراءات تقدمت حتى أصبحت سيدة نفسها ولا تنتظر إملاءات من أحد ولا تخاف تهديدات. بل أصبحت في مقدمة الدول القوية و المتقدمة، و هي دول حسمت في طبيعة نظامها السياسي ليكون نظاما ديمقراطيا، ينبني على فصل السلط و تجريم تضارب المصالح و اختيار حكومات لا يقودها الأثرياء حتى لا تطغى المنافع الشخصية على المصلحة العامة.
في سياق هذا التحول العالمي المتسارع و الخطير يجد المغرب نفسه في دوامة حكم الاستبداد و حكومة يقودها الأثرياء،حكومة ترعى الفساد و اقتصاد الريع و مناخ أعمال مشوب بتضارب المصالح، مما جعل المغرب يسجل تراجعا على مستوى التنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي والسياسي. لقد سبق للراحل عبد الرحيم بوعبيد أن قال في الباب ” لا يمكن أن تسير شؤون الدولة بالعقلية التي تسير بها شؤون الشركة ” ذلك لأن الرجل الثري في الحكومة لا يفكر في تدبير وتسيير شؤون البلاد إلا كما يفكر في تسيير إحدى شركاته، ضربا بعرض الحائط كل القيم الإنسانية والديمقراطية و الأخلاق السياسية ومتطلبات المواطنين و المواطنات و مصالح الدولة. حتى أن حكومة اخنوش اصبحت تشكل إحدى المعضلات الكبرى ببلادنا، أي الجمع بين السلطة والثروة، ظاهرة أصبحت لها انعكاسات سلبية وخطيرة على الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و على تعطيل مسيرة النمو والتطور.
حكومة لا تقدر معنى الإسراف و تبديد المال العام في مشاريع ذات مردودية غير مضمونة، مما يجعلها تلجأ إلى القروض الأجنبية، حتى أن حجم الديون الخارجية وصل إلى 69.2 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2023، بزيادة قدرها 6.6% عن العام السابق. ارتفعت هذه الديون نتيجة الفساد الإداري وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة والإفلات من العقاب وتهريب الأموال. و لا تزال ديون المغرب الخارجية في ارتفاع مستمر، مما سيجعل المغرب في وضعية جد مقلقة مستقبلا في ظل التحولات العالمية، كما أن الدين الداخلي بلغ حجمه حوالي 75.3 مليار دولار بحلول نهاية أغسطس 2024، بزيادة قدرها 6.9% عن العام السابق.
لذلك فإنه ليس من الغريب أن تقوم حكومة أخنوش في بداية مشوارها بسحب مشروع تجريم الإثراء غير المشروع وحماية الفساد و المفسدين بتقديم مشروع المسطرة الجنائية التي تمنع جمعيات المجتمع المدني من الترافع في قضايا ملفات الفساد و الغش و نهب المال العام والرشوة (المادة الثالثة)من المسطرة الجنائية، ذلك لأن الحكومة تخاف على مصالحها و تخاف من المجتمع المدني الذي أعطاه الدستور الحق في المشاركة في الشأن السياسي و في المراقبة و الترافع . إذن أصبحت حكومة أخنوش تشكل خطورة على المغرب في ظرف يعرف العالم تحولا مستمرا نحو الأمثل في الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و في الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية والمساواة والتوزيع العادل للثروة.