الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

الذاكرة الوطنية ليست سوقاً للمساومة .

كل الرفض لمحاولات طمس رموز المغاربة

 

 

بقلم ذ. محمد الغفري 

 

في خطوة تثير الدهشة والاستنكار، تجرأ بعض المدافعين عن صهينة مدينة أكادير على مراسلة رئيس مجلس المدينة، مطالبين بتغيير أسماء شوارع تحمل أسماء رموز مغاربة صنعوا التاريخ مثل الأستاذ علال الفاسي (1910-1974)  زعيم الحركة الوطنية ومؤسس حزب الاستقلال، والذي كان يعتبر قضية فلسطين قضية عربية وإسلامية مركزية، ورأى في احتلال فلسطين وإقامة دولة إسرائيل عام 1948 ظلماً تاريخياً بحق الشعب الفلسطيني وتعدياً على أرض عربية إسلامية

 

والأستاذ عبد الرحيم بوعبيد (1922 – 1992) ، المناضل الاشتراكي ورئيس الحكومة الأسبق،

والذي دعم القضية الفلسطينية وايد  نضال الشعب الفلسطيني من أجل تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، واعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية للأمة العربية.

 

وطالبوا باستبدالهما بأسماء من “الثقافة اليهودية” تحت شعار “التنوع الثقافي”!

 

لا ارى في هذا الطلب  سوى:

 

  1. اعتداء صارخ على الذاكرة الجماعية للمغاربة : رموز مثل علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد ليست مجرد أسماء على لافتات. بل هي تجسيد لنضال شعب بكامله من أجل الاستقلال ومقاومة الاستعمار والامبريالية وبناء دولة حديثة. محو أسمائهما هو محو لفصول مشرقة من تاريخ المغرب و إهانة لتضحيات جيل بأكمله.

 

  1. استغلال مكشوف لشعار “التنوع الثقافي المغربي” تنوعنا الثقافي حقيقة نعتز بها، وهو نتاج قرون من التعايش. لكنه لا يعني أبداً المساومة على رموزنا الوطنية أو استبدالها. المغاربة احتضنوا أبنائهم اليهود كجزء أصيل من نسيجهم، و تخليد شخصيات يهودية مغربية بارزة يمكن أن يتم في شوارع وأحياء جديدة، دون أن يكون ذلك على حساب رموز وطنية أسست لهذا البلد. لماذا يصر هؤلاء على استهداف رموز الحركة الوطنية تحديداً؟

 

  1. توجه “للصهينة” بثوب ثقافي:  هذه المطالب لا تنبع من حرص حقيقي على التراث اليهودي المغربي، بل هي محاولة واضحة لخدمة أجندة سياسية مفضوحة ساهمت في إسقاط اسم محمد الدرة على واجهة المركب الثقافي باكادير  و تهدف إلى تطبيع محاولات طمس الهوية الوطنية والذاكرة المقاومة للمغاربة، وربطها بسردية تخدم جهة معينة. إنها “صهينة ” للفضاء العام تحت غطاء زائف.

 

  1. تناقض مع روح الدستور المغربي: الدستور المغربي (الفصل 25) يؤكد على حماية الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتنوع مكوناتها. و حماية رموز الحركة الوطنية جزء لا يتجزأ من حماية هذه الهوية.

 

و لايسعني أمام هذه الردة والافلاس الثقافي الا ان ادعو الى التشبت برموزنا التاريخية وهي خط أحمر. أسماء مثل علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد  وعبد الكريم الخطابي وغيرهم هي بوصلة  للأجيال القادمة لا مساومة عليها.

 

 التنوع يبنى بالإضافة، لا بالاستبدال والإقصاء.

 

فكل الرفض للتوظيف السياسي و استخدام التراث اليهودي المغربي كأداة لتمرير أجندات خارجية أو لمهاجمة رموزنا الوطنية. 

تاريخنا اليهودي هو جزء منا، وليس سلاحاً ضدنا.

 

 أرى انه على الجهات المعنية (المجلس البلدي لأكادير ، وزارة الداخلية، المؤسسات المعنية بالذاكرة) وكل اطياف الشعب المغربي  التصدي الحازم لمثل هذه المحاولات وضمان حماية الرموز الوطنية والتاريخية من أي عبث. بل واتمنى ان تحمل الشوارع في الأحياء الجديدة بأكادير او مدن اخرى  أسماء رموز مغربية نحترمها مثل  إدمون عمران المليح، إبراهام سرفاتي، وسيون أسيدون .

 

و للمطالبين بتغيير أسماء شوارع رموزنا اذكرهم ان  الذاكرة المغربية ليست سوقاً للمساومة. تاريخنا ليس سلعة قابلة للاستبدال. التنوع الذي تتغنون به نحن صنعناه عبر قرون من التعايش، دون أن نتنازل عن هويتنا أو نطمس وجوهاً صنعت تاريخ وحاضر  شعبنا . انظروا للتنوع الحقيقي، لا لاستخدامه كذريعة لتحقيق غايات سياسية. رموز المغرب باقية، وشوارع أكادير ستبقى شاهدة على أبطالها الحقيقيين.

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!