الشاعر ادريس الزايدي في نعي الشاعر محمد عنيبة الحمري
قصيدة ألقيت مساء يوم 08 فبراير 2025 بالمعهد الموسيقي بمكناس بمناسبة تأبين المرحوم الشاعر محمد عنيبة الحمري الذي نظمها المركز المغربي للثقافة والإبداع ـ فرع مكناس –
* سَقَطَتْ أُمْنِيَاتُ اُلْقَصِيدَةِ يا عُنَيْبَةُ
عُنَيْبَةُ
يَا أُمْنِيَاتِ اُلْقَصِيدَةْ
أَنَا مَا سَأَلْتُ اُلْبِدَايَهْ
وَمَا قُلْتُ لله كَيْفَ يَغيبُ اُلمُغَنِّي
لِيَرْسُمَ وَجْهَ اُلنِّهَايَهْ
أَحَقّا تَدَثَّرْتَ بِاُلْعَبَرَاتِ عُنَيْبَةُ
وسَيَّجْتَ سُبْحَتَهَا بِاُلسَّمَا
شَارِدَ الْخَطْوِ نَحْوَ القَصِيدَهْ ؟
إِلَى أَيْنَ كُنْتَ تُشِيرُ عُنَيْبَةُ
لَمَّا تَجَاوَزَ فِيكَ الحُرُوفُ ثَلاَثاً
كَعَاصِفَةٍ في الخَيَالِ، تَقُولُ:
مُحَمَّدُ قُمْ،
ثُمَّ نِمْتَ عَلَى سَفْحِهَا
تَحْتَرِفُ اُلْمِيمَ فِي التّـاءِ
وَاُلْوَاوُ بَيْنَهُمَا مَوْتُ حَالٍ
تَوَسّدَ بَابَ اُلْجَرِيدَهْ
أَحَقّاً دَعَوْتَ اُلْجِيَادَ صَهِيلاً
فَغَالَبْتَ غَيْمَةَ جَلاَّدِهَا بَيْنَ قَرٍّ وَصَيْفٍ
وَجُبْتَ اُلْمَدَى بِغُبَارِ اُلظَّهِيرَةِ
تُقْرِئُهَا عَابِراً لِلرَّدَى
ثُمَّ صِرْتَ سَلِيلَ شِعْرٍ وَسَيْفٍ
يُحَاصِرُكَ اُلْعَابِرُونَ بِحُمْرِ اُلْجِيَادِ
وَأَسْيِفَةِ اُلنَّازِحِينَ عَلَى اُلْجَمْرِ بَيْنَ اُلصِّفَاتِ
وَكُنْتَ أَنْتَ عُنَيْبَةُ
بِشَدِّ اُلرِّهَانِ تُصِرُّ عَلَى اُلذَّوَبَانِ بِحِبْرِ اُلرَّمَادِ
فَيَأْكُلُ مِنْكَ … وَتَأْكُلُ مِنْهُ
كَأَنْ مِنْ خَلايَا اُلطَّعَامِ تُجَدِّدُ رِيحَ اُلْمَغَازِي اُلْعَنِيدَةْ
أهَلْ أَخْبَرُونِي عُنَيْبَةُ
حِينَ كَتَبْتَ دِيوَانَ حُبِّكَ بِاُلْمَاءِ
وَعِنْدَ اُكْتِمَالِ اُلْوَرَقْ
قُلْتَ: أبُثُّ دَمِي فُسْحَةً لِلْأَرَقْ
فَكُنْتَ عُنَيْبَةَ، وَاُلْآنَ أَنْتَ عُنَيْبَةُ
فَكَيْفَ نُغَيِّرُ اِسْمَكَ بِاسْمِ اُلْقَصِيدَةِ
وَاُلْحُبُّ مَهْزَلَةٌ لِلْقُرُونِ
كَشَوْقِكَ لِلْبَحْرٍ، مَرْثِيَّةً لِمَنْ صُلِبُوا
عَلَى رَعَشَاتِ اُلْمَكَانِ اُلَّذِي
كَمْ سَقَاكَ بِدَاءِ اُلْأَحِبَّةِ يُسْمِي بَيَاضَ اُلْوَرَقْ
فَاُحْتَفَيْتَ بِنَجْعِ اُلْقَصِيدِ
لِتَشْرَبَ هَوْلَ اُلْمِزَقْ
وَكَتَبْتَ
سَقَطَتْ أُمْنِيَاتُ اُلْقَصِيدَةْ
حَائِرٌ يَا صَدِيقِي
فَكَيْفَ أُمَنِّي اُلْمَدِينَةَ أَنْ تَرْقُصَ اُلَعَرَبَاتُ
وَأَنْ تُورِقَ اُلْوَاجِهَاتُ
بِوَجْهِ اُلْمَرَايَا اُلَّتِي
نَذَرَتْ مِنْ إِهَابِكَ لِلْقَطَرَاتِ
فَأَمْطَرَتِ اُلْأُغْنِيَاتُ هُرُوبَ اُلْمُغَنِّي
فَغَنّيْتَ سِرَّكَ وَحْدَكَ
تَهْفُو لِلَيْلِ اُلْجِيَاعِ
لِتُطْعِمَ أرْضَ اُلْمَنَافِي اُلْبَعِيدَةْ
أَحَقّاً كَمَا قُلْتَ صَاحِبِي
كُنْتَ بَحْراً تُزَاوِلُ مَوْجَكَ بَيْنَ اُلصُّخُورِ
تُلاَمِسُ أَجْنِحَةَ اُلنَّوْرَسَاتِ اُلْقَرِيرَةْ
وَتَأْكُلُ مِنْ ظِلِّهَا بَعْضَ حُلْمٍ
فَيَأْتِيكَ مَدُّ اُلْفُؤَادِ، وَجَزْرُ اُلْمِدَادِ
حَزِيناً كَمَا أَنْتَ بَيْنَ اُلسُّطُورِ اُلَّتِي
سَرَقَتْ سُكْرَهَا مَرَّتَيْنِ
وَصِرْتَ لِكَأْسِكَ تَمْحُو نَبِيذَهْ
عُنَيْبَةُ
هَلْ كُنْتَ فِي جَوْفِيَ اُلنَّايَ
لَمَّا أَتَانِي اُلْخَبَرْ
وَكُنْتُ عَلَى شَوْقِيَ اُلْمُسْتَدِيرِ
أُغَنِّي كَعَادَةِ أَهْلِ اُلْقُرَى
كُلَّمَا وَدَّعُوا وَجْهَ سُنْبُلَةٍ نَاشَدُوا اُلْأُغْنِيَاتِ
فَتَخْبُو اُلْمَنَاجِلُ … تَعْلُو اُلْمَرَاجِلُ…
تَرْقُصُ عارِيَةٌ مِنْ سُعَارِ اُلْمَطَرْ
فَكَيْفَ تُصَادِرُ حُلْمَ اُلْمَنَادِيلِ قَبْلَ اُلْبُكَا يَا عُنَيْبَةُ
كَيْفَ مَضَيْتَ إِلَى حَيْثُ أَنْتَ
وَكَيْفَ لِحُلْمِكَ يَهْرَبُ مِنْ رَعَشَاتِ اُلْأُفُقْ
وَأَنَا بَعْضُ حِبْرِكَ أَتْلُو جُسُورَ اُلْقَوَافِلِ
فَاُنْتَجِعِ اُلْآنَ وَاُكْتُبْ سَمَاءَكَ لِلْآفِلِينَ
لَقَدْ كَانَ وَعْدُكَ أَنْ لاَ تُغَنِّي فغَنَّيْتَ
وَكَانَ اُلنَّشِيدُ نَشِيدَ اُلْغِيَابِ
وَلَمْ تُكْمِلِ اُلْعَيْنُ وَقْعَ اُلْقَصِيدِ
وَقُلْتَ أَعُودُ غَداً
فَاُنْتَظَرْتُ وَلَمَّا تَعُدْ
سَقَطَتْ أُمْنِيَاتُ اُلْقَصِيدَةْ