الفينيق ميديا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

عبد مْشَرط لْحناك

 

 

أيوب الرضواني/المغرب

 

 

بداية الألفية الثالثة، نزل جنود مغاربة من الطائرة في مطار أكادير، بعد سنوات طويلة من الأسر في مخيمات تندوف لدى جبهة البوليساريو. يشرع المحاربون في تحية مستقبليهم، إلى أن يتفاجؤوا بوجه “الكولونيل أيوب” مُبتسما ومُستقبلا!
“أيوب” ليس سوى واحدا من عشرات إن لم يكونوا مئاتا من كبار القادة السياسيين والعسكريين “العائدين” لأحضان الوطن، بعدما حاربوا نفس الوطن لسنوات طويلة في قيادة وصفوف “جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب”.
أيوب “الكولونيل” وغيره الكثير فتكـ.وا بالآلاف من جنودنا، عـ.ذَّبوا المئات، وشردوا عشرات الآلاف لكن الوطن “غفر” لهم ونعَّمهم في خيراته بمجرد توبة شفهية بسيطة منهم. ملّي طَلعت ليهم رياح ورمال تندوف في الرأس وشافو القضية ما مْخرجاش، عادوا للأحضان الدافئة ليعيشوا في خيرات بلاد كانوا يرغبون في الاستقلال عنها.
آش منك يا مأذونيات، واش منك يا رخص صيد في أعالي البحار، واش منك يا فيلات وشقق وسيارات وفيرمات ورواتب بالملايين تدخل جيوب “العائدين”، سواء أُدمجوا في مناصب فخرية، أم استراحوا في بيوتهم “أشباحا…لكن وطنيين”!
ضرب لي طْليلة على “تقاعد” من حارب لعقود دفاعا عن الوحدة الترابية للملكة، أفنى حياته في الرمال لأجل بـ500 و1000 درهم مع طاشْمة أولاد، ليجد نفسه -وهو في خريف العمر- مضطرا للعمل “عسّاس” في فيرمة واحد من نفس الخونة التائبين! محاربون قدامى لا يجدون ثمن تذكرة تاكسي توصلهم للمستشفيات العسكرية، للعلاج من أمراض وأوبئة أصابتهم في “تْرانشيات” وتْشابولات” الصحراء.
وكما أن أفقر الأُسر في هذه البلاد العجيبة تُغلق صالوناتها في وجه الأبناء، بعد تجهيزها بالغالي والرخيص، لسنوات في انتظار ضيف بعيد قد يأتي وقد لا يأتي، كذلك يفعل أصحاب الحال في أجمل بلد في العالم، فيُكرَّم الخائن البعيد على توبته الظاهرة، ويُعاقب الوطني القريب على ولاءه اللاّ مشروط (انظر جهات درعة، أزيلال، سوس…عامرة وطنيبن!).
تخيلوا معي أن دولة على قدِّها تتسامح مع من حارب جيوشها وقـ.تل مواطنيها بالآلاف عسكرا ومدنيين، في إطار سياسة “إن الوطن غفور رحيم”، لتأتي ذبّانة فيسبوكية عام 2024، وتُعلق المشـ.انق لمحاكمة الناس على آراءهم. في القرآن الكريم استغراب لحال من يُعاقب البشر بسبب آراءئهم، أياً كانت: “أتقتـ.لون رجلاً أن يقول ربي الله”!
عبيد فيسبوكيون مُشرطو الخذود، أغلبهم مأجور بدراهم معدودات. وحتى من ليس مأجورا يُحنقِز من المقلة مُدعيا وطنية كاذبة ولسان حاله ينبح: ها أنا ذا وطني…تفكروا خوكم! صراصـ.ير لا تفقه في السياسة ولا في التاريخ ولا حتى في الجغرافيا وزة، تملأ الفضاء بلا فائدة.
نذكر هنا الجغرافيا، لأننا سنصحب الذّبان في جولة لماما فرنسا، حيث يُمسي الإعلام ويُصبح على انتقاد سياسات الرئيس ماكرون، ولا تخرج ذبانة فرنسية لاتهام المعارضين بمعاداة فرنسا والاصطفاف إلى جانب “هيـ.تلر”!
نصطحبكم يا ذباب الفضاء الأزرق لكتالونيا/ 1 أكتوبر 2017، يوم صوَّت 5 ملايين ناخب كتالوني بنعم للانفصال عن شريكتنا الأولى ومستعمِرتنا السابقة (إسبانيا) بنسبة 90%، في استفتاء تقرير مصير.
تدخلت الشرطة بعنف، صادرت أكثر من 12 مليون بطاقة تصويت، وحاولت إغلاق نظام إحصاء الأصوات لإن الاستفتاء غير دستوري بحكم المحكمة العليا. لكن أحدا من ملايين الكتالونيبن الذين أدلوا بأصواتهم لم يَنم ليلة واحدة في السجون، كما أن معتوها لم يخرج ليُخوِّن مدينة برشلونة!
المفاجأة يا مُدوني الصـ.رف الصِّـ.حي أن برلمان مدريد أصدر عفوا عاما عن الإنفصاليين الكتلانيين، بينما لا يزال العشرات من شباب الريف الحسيمي يقضون في السجون 300 عاما وازدادوا تِسعاً، والتهمة: المطالبة بالتنمية!
أخيرا يا “وتنيّين”، ها هي بريطانيا أعظم وأعرق ديمقراطيات العالم تسمح لاسكتلندا بتنظيم استفتاء (شتنبر 2014)، ليُقرر السكان أنفسهم البقاء تحت سيادة التاج البريطاني بنسبة 55%. ليس عِشقا وهُياما (وناهد دوران!) في الملك ولا في الملكة، ولا لأن بريطانيا (بمختلف دولها) نظمت وفازت عدة مرات بكأس العالم، ولا لأن فرنسا تكيد لهم العداء…
الناس في اسكتلندا صوتوا بـ “لا” حُبا في تعليم ممتاز، وعشقا حرية بلا خطوط حمراء ولا مقدسات باقية وتتمدد!. الناس هنالك مُتيمون بقضاء نزيه يُعطل قرارات الملك(ة)، مفتونون بنظام حماية اجتماعية يتفكل بمصاريف التطبيب لأفقر فقير، من تسعيرة تاكسي توصله مريضا للمستشفى، لآخر جنيه في مصاريف ترويضه الطبي.
الدولة بداية التسعينات اعتبرت أن تنظيم استفتاء تقرير المصير هو الحل في الصحراء. بداية الألفينات، رأت نفس الدولة وبحكم الأمر الواقع، أن الاستفتاء “ما مْخرجهاش”، فاستغنت عنه حسب ما تراه من مصالح.
بمعنى آخر، الدولة (المركزية) قادة على شْغالها، من ميزانية دفاع ناهزت 230 مليار درهم (23 ألف مليار سنتيم) عام 2025 بما يساوي ضعف ميزانية التعليم والصحة معا، للإنزال الإداري المُكثَّف في الأقاليم الجنوبية تمهيدا لحل الحكم الذاتي، مرورا بآلاف المليارات المصروفة في تعمير المنطقة.
آجي دبا أنت يا مُشرَّط الحِناك، يا من حوَّلت صفحتك الأولى لشرطة قضائية تستدعي العباد على رأي، وصفحتك الثانية لنيابة تصوغ صك الاتهام، وخَربتك الثالثة لإذاعة تُعلن الاعتقال ومحكمة تُصدر الأحكام!
كون راجل (يا ذبانة!) وتجرد من مالك وهاتفك ومعارفك، ولا تحمل سوى بطاقتك تعريفك. بعد ذلك اتجه بكل وطنية صادقة لأقرب إدارة من المقاطعة حتى المستشفى العمومي، ومن المحكمة حتى المدارس العمومية، وشوف ديك الساعة “الوطنية” ديال الصَّح آش كَـ.تسوى، واش كـ تعني!
ليبقى شعارنا الخالد: لعنة الله على من لا يحشم!!
للقصة بقية….
Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تفوت أهم المقالات والأحداث المستجدة

آخر المستجدات

error: Content is protected !!